الفوائد الثمینه من کتاب اخبار المدینه

اشارة

سرشناسه : ابن شبه نمیری، عمربن شبه، 173 - 262ق.

عنوان قراردادی : اخبار المدینه النبویه. برگزیده.

عنوان و نام پديدآور : الفوائد الثمینه من کتاب اخبار المدینه/لابی زیدعمربن شبه النمیری البصری ؛ تالیف محمدرضا الحسینی الجادکی ؛ تحقیق عبدالله الغفرانی.

مشخصات نشر : تهران: مشعر، 1386.

مشخصات ظاهری : 152 ص.

شابک : 9000 ریال:9789645400550

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

يادداشت : عربی.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : مدینه -- تاریخ.

شناسه افزوده : حسینی جلالی، محمدرضا، 1324 -

شناسه افزوده : غفرانی، عبدالله، محقق.

رده بندی کنگره : DS248/م4 الف230127

رده بندی دیویی : 953/8

شماره کتابشناسی ملی : 1099877

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص: 5

تقديم:

الحمد للَّه وكفى، والصلاة والسلام على سيّد الرسل محمّدٍ المصطفى، وعلى الأئمّة الهداة من آله الشرفا، وعلى أصحابهم وأتباعهم وشيعتهم أهل الصدق والوفا.

وبعدُ، فإنّ حفظ مجريات التاريخ من أهمّ ما يجب على الأُمم في كلّ الحضارات، لما فيه من العبرة والوعظ والإرشاد للأجيال القادمة، وقد سجّل القرآن الكريم أبلغ العِبَر من ما مضى على الأُمم وغبر، كما جاء كثير من قصصهم في متون الحديث والأثر بالروايات المسندة إلى المعصومين عليهم السلام.

وانبرى أهل الفكر والتدبير والصدق من أعلام الأُمّة الإسلامية المجيدة لتسجيل ما كان من أخبار ووقائع وحوادث وآثار، في تاريخ الإسلام، منذ انبثاق الحضارة التي اقترنت بظهوره، واستوعبوا في مؤلّفاتهم الثمينة ما هو الأهمّ من ذلك بكلّ أمانةٍ ودقّةٍ، مسندةً موثوقةً، ومقرونة بأدبٍ رفيعٍ من النثر والشعر.

ص: 6

وفي طليعة أُولئك ابن إسحاق المدنيّ، صاحب السيرة، الذي لا يُشقّ له غبارٌ في مجالها، وقد توفّي (سنة 150 ه) والذي أصبحت مؤلّفاته من أوثق مصادرها وأصفاها وأنقاها، حتّى قال فيه ابن خلكان: «الذي لا تجهل إمامته في المغازي والسير».

ومن أُولئك ابن شبّة النميري البصري المتوفّى (سنة 262 ه) عن عمرٍ ناهز (89) عاماً، فقد أقرّ له مؤرّخو الإسلام بالضبط والعلم، إلى الصدق والاعتماد، إلى الجمع والسعة.

وهذه أخباره وآثاره تدلّ على ما وصفوه به ومدحوه من أجله.

ومن خيرة ما أخرجته مطابع العصر هو القسم المتبقى من كتابه (أخبار المدينة المنوّرة) الذي حقّقه الأُستاذ محمّد فهيم شلتوت، فأسدى إلى العلماء يداً تذكر وتشكر.

فالمراجع لهذا الكتاب يجد صدق ما يمتاز به ممّا وُصِفَ به مؤلّفه العلّامة الأخباري الأديب، بالإضافة إلى ما فيه من طرائف الأخبار وجودة الاختيار، مع بعدٍ عن العصبية والاستئثار؛ ممّا بُلِيَ به وُعّاظُ السلاطين ومرتزقةُ البلاط ممّن تلبّسوا بالعلم وتشبّهوا بأهله، من الأُدباء والمؤرّخين، الذين شوّهوا التاريخ وسوّدوا صحائفه بالزيف والباطل، وإخفاء الحقّ.

كما أنّ أُولئك الغُواة والجناة على الحضارة الإسلاميّة، عمدوا إلى ذلك التراث المجيد الصادق، فأبادوه وأتلفوه، حقداً وحنقاً منهم على محتواه من الحقائق الناصعة، وعلى أهله وذويه وملتزميه ومعتنقيه.

ص: 7

فكانت جنايتهم مزدوجةً، حيث أبادوا التراثَ من جهة، وأخفوا حقائقه من جهةٍ أخرى. والشواهد على هذه الحقيقة المرّة كثيرة.

منها ما منيتْ به كتب ابن إسحاق المدني صاحب السيرة، وخصوص كتابه (السيرة) الذي يدلّ ما تبقّى منه على عظمة ما فيه، إلّا أنّ مختصره الذي قام به (ابن هشام) ونسبتْ إليه (سيرة ابن هشام) دليلٌ على تلك العظمة، وفي نفس الوقت دليلٌ على عظم الجريمة التي عمد إليها صاحب المختصر، من حذف ما في الأصل من الحقائق! العمل الذي اعترف به بكلّ وقاحة!!!

وشاهد آخر: كتاب (أخبار المدينة المنوّرة) لابن شبّة، فقد عمدوا إلى بَتْره، ولم يبق منه سوى نصفه (!) وبالتحديد حُذِفَ منه ما ابتدئ فيه عهدُ تولّي الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام خلافة الناس، بعد مقتل عثمان!

ولكن النصف المتبقّى منه «يقضي بإمامته» كما يقول الذهبي.

كما أنّ هذا النصف يحتوي على كثيرٍ من الحقائق التي لا يُشكّ في أنّ أمثالها الموجودة في سائر مؤلّفاته هي السبب في إخفاءها وإبادتهاكلّها.

كما أنّ النقول الكثيرة المتفرّقة، والمبثوثة في كتب التاريخ والسيرة(1) عن هذا المؤرّخ العظيم، فيها من الشواهد الواضحة الكثيرُ الكثير ممّا يُثبِتُ صِحّة ما نقولُ.


1- نجد كثيراً من ذلك في كتب مثل الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني ت 852 ه. ومن الجيّد القيام باستخراجها وتنظيمها للاطّلاع على مجموعها في كتاب واحد.

ص: 8

ومهما يكن، فقد استمتعتُ بمطالعة كتاب (أخبار المدينة المنوّرة) بتحقيق الأُستاذ القدير محمّد فهيم شلتوت، فوجدتُ فيه ما كنتُ أتوقّعُه من مؤلّفٍ في عهد السَلَف موصوفٍ بما وصف به من الأمانة والصدق وسعة العلم والعمق، وقد انتخبتُ منه ما رأيتُه ضروريّاً للبحوث التي أعددتُها، فكانت هذه (الفوائد الثمينة المختارة).

ولمّا اطّلع عليها الولدُ المهذّبُ الفاضلُ الشيخ عبدُاللَّه الغفرانيّ الخراساني رعاهُ اللَّه؛ استذوقها ورغب في إخراجها، فقدّمتُها إليه، فسعى في تحقيقها بهذا الشكل البديع والمتين، باذلًا جُهداً مشكوراً في ضبطها وتخريج أحاديثها، إلى آخر ما يراه القارئُ من عملٍ قيّمٍ، شكر اللَّه سعيه وأخذ بيده إلى ما فيه صلاح دنياه وآخرته.

وأخيراً: فهذا ما جنيتُه من كتاب ابن شَبَّة، وخيارُه فيه، وهذا ما اخترتُه من فوائده الجمّة، وقديماً قيل: «اختيار المرء دليل عقله».

أُقدّمه إلى الملأ العلميّ تكريماً لذكرى الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله وخدمةً متواضعةً لمدينته المنوّرة، مطلع النور وموطن الروح والسرور، رزقنا اللَّه الفوز بزيارته فيها، آمين. حرّر في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل سنة 1428 ه في مدينة قم المقدّسة.

وكتب السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي كان اللَّه له

ص: 9

المصنِّف في أقوال المورّخين:

قال ابن حبّان: عمر بن شبّة بن عبيدة بن زيد الُّنمَيْرِيّ، كنيته: أبو زيد، من أهل البصرة... مستقيم الحديث، وكان صاحب أدب وشعر وأخبار ومعرفة بتاريخ الناس(1).

وقال ابن النديم: أبو زيد عمر بن شبّة، ويكنّى أبا معاذ، وكان عمر بصريّاً مولى لبني نمير، شاعراً، أخباريّاً، فقيهاً، صادق اللهجة، غير مدخول الرواية... صارت كتبه إلى أبي الحسن عليّ بن يحيى؛ ابتاعَها من أبي طاهر بن عمر بن شبّة. وله من الكتب: كتاب الكوفة، كتاب البصرة، كتاب المدينة، كتاب مكّة، كتاب أُمراء الكوفة، كتاب أُمراء البصرة، كتاب أُمراء المدينة، كتاب أُمراء مكّة، كتاب السلطان، كتاب مقتل عثمان، كتاب الكُتّاب، كتاب الشعر والشعراء، كتاب الأغاني، كتاب التاريخ، كتاب أخبار المنصور، كتاب محمّد وإبراهيم ابنَي عبد اللَّه


1- الثقات 8: 446.

ص: 10

ابن حسن، كتاب أشعار الشراة، كتاب النسب، كتاب أخبار ابن نمير، كتاب ما استعجم الناس فيه مِن القرآن، كتاب الاستعانة بالشعر وما جاء في اللغات، كتاب الاستعظام للنحو ومَن كان يلحن مِن النحويّين(1).

وقال الخطيب البغداديّ: عمر بن شبّة بن عبيدة بن زيد، أبو زيد النميريّ البصريّ، قدم بغداد وحدّث بها... وكان ثقة عالماً بالسير وأيّام الناس. وله تصانيف كثيرة، وكان قد نزل بِسُرّ مَن رأى في آخر عمره، وبها توفّي(2).

وقال الذهبيّ: عمر بن شبّة، الحافظ العلّامة، الأخباريّ الثقة، أبو زيد النميريّ البصريّ، صاحب التصانيف، وكان بصيراً بالسير والمغازي وأيّام الناس، صنَّف تاريخاً للبصرة، وكتاباً في أخبار المدينة، وغير ذلك... وله تسعون إلّاسنة(3).

وقال: عمر بن شبّة، العلّامة الأخباريّ، الحافظ الحجّة، صاحب التصانيف، أبو زيد النميريّ البصريّ النحويّ، نزيل بغداد. ولد سنة ثلاث وسبعين ومائة، وثّقه الدار قطنيّ وغير واحد. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق، صاحب عربيّة وأدب.

وقال أبو حاتم البستيّ: مستقيم الحديث، وكان صاحب أدب وشعر


1- الفهرست: 125.
2- تاريخ بغداد 11: 208.
3- تذكرة الحفّاظ 2: 516.

ص: 11

وأخبار ومعرفة بأيّام الناس. مات بِسُرّ مَن رأى يوم الاثنين لخمس بَقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستّين ومائتين... صنَّف تاريخاً كبيراً للبصرة لم نره، وكتاباً في أخبار المدينة، رأيت نصفه؛ يقضي بإمامته(1)...

وقال الصفديّ: عمر بن شبَّة بن عبيدة بن رَيطة، أبو زيد البصريّ، مولى بني نُمير. واسم شبّة: زيد... كان راوياً للأخبار، عالماً بالآثار، أديباً، فقيهاً، صدوقاً(2).


1- سير أعلام النبلاء 12: 369.
2- الوافي بالوفيات: حرف العين مِن القسم المخطوط.

ص: 12

ص: 13

من أخبار أهل البيت عليهم السلام

صفة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بلسان عليّ عليه السلام

[1] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا نوح بن قيس، عن جابر بن خالد، عن يوسف بن مازن: أنّ رجلًا سأل عليّاً عليه السلام فقال:

انْعَتْ لنا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. فقال:

كان ليس بالذاهب طولًا، وفوق الربعة، إذا قام مع القوم غمرهم(1) أبيض شديد الوضح(2) ضخم الهامة، أغرّ أبلج(3) ضخم القدمين والكفّين، إذا مشى يتقَلّع كأنّما ينحدر من صبب(4) كأنّ العرق في وجهه


1- غمرهم: سترهم. وقال ابن الأثير: إذا جاء مع القوم غمرهم: أي كان فوق كلّ مَن معه. انظرالنهاية 3: 384، الفائق 2: 445.
2- شديد الوضح: شديد البياض.
3- الأبلج: هو الذي قد وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا. انظر: النهاية 1: 149.
4- أراد قوّة مشيه، كأنّما صلّى اللَّه عليه وآله يرفع رجليه من الأرض رفعاً قويّاً، لا كمن يمشي اختيالًا ويقارب خطاه. انظر النهاية 4: 101، القاموس المحيط 3: 74.

ص: 14

اللؤلؤ، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه و آله(1). [2: 603]

[2] حدّثنا القعنبيّ والحكم بن موسى، قالا: حدّثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن عبد اللَّه مولى غُفْرة، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد مِن ولد عليّ، قال: كان عليّ عليه السلام إذا نعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال:

لم يكن بالطويل المُمغط(2) ولا القصير المتردّد(3) وكان ربعة من القوم، ولم يكن بالجعد القطط ولا السبط، كان جعداً رَجِلًا(4) ولم يكن بالمُطَهّم ولا المُكَلْثم(5) وكان في الوجه تدوير، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار(6) جَليل المُشاش(7) أجرد ذو مسربة، شَثن


1- رواه ابن حنبل في المسند 1: 151 عن نصر بن عليّ، عن نوح بن قيس. وبسند آخر عن محمّد بن أبي بكر المقدميّ، عن نوح. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 3: 260 بإسناده عن ابن حنبل.
2- الممغط: الممتدّ المتناهي الطول. انظر: النهاية 4: 345، الفائق 3: 250- 251.
3- القصير المتردّد: المتناهي في القصر، كأنّه تردّد بعض خلقه على بعض وتداخلت أجزاؤه. انظر: الفائق 3: 251، النهاية 2: 213.
4- السبط من الشَّعر: المنبسط المسترسل، والقطط: الشديد الجعودة. ومعناه: أنّ شَعره كان وسطاً بينهما. انظر: النهاية 2: 334.
5- المطهّم: المنتفخ الوجه. والمكلثم: القصير الحنك، الداني الجبهة، المستدير مع خفّة اللحم. انظر: النهاية 4: 196، الفائق 3: 251.
6- الدعج: شدّة سواد العين في شدّة بياضها. وهدب الأشفار: أي طويل شَعر الأجفان. انظر: النهاية 5: 249.
7- جليل المشاش: أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين. انظر: الفائق 3: 251. وفي الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 411: «جليل المشاش والكتد»، والكتد: الكاهل وما يليه.

ص: 15

الكفّين و القدمين، إذا مشى تقلّع كأنّما يمشي في صَبَب، وإذا التفت التفتَ معاً، بين كتفيه خاتم النبوّة وهو خاتم النبيّين صلى الله عليه و آله أجود الناس كفّاً وأرحب، وأجرأُ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس بذمّة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبّه، يقول ناعتُه: لم أر قبله ولا بعده مثله(1) صلى الله عليه و آله(2). [2:

604- 605] [3] حدّثنا حِبّان بن بشر، قال: حدّثنا جرير، عن أبي حباب، عن زيد(3) عن أبيه، قال: جاء رجل إلى عليّ عليه السلام وهو في مسجد الكوفة يحتبي بحمائل سيفه، فقال: يا أمير المؤمنين، صِف لي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله صفة كأنّي أنظر إليه.

فقال: كان صلى الله عليه و آله أبيض اللون مشرباً حمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق المسربة، سهل الخدّ، كثّ اللحية، ذا وفرة(4) كأنّ عنقه إبريق فضّة، وكان له شعر من لبّته إلى سرّته يجري كالقضيب، لم يكن


1- قال الحسني: وفي هذا المعنى يقولُ حسّان بن ثابت: ومثلك لَمَ تَرَ قَطُّ عَيْنِي وَمِثْلَكَ قَطُّ لَمْ تَلِدِ النساءُ خُلِقْتَ مَبَرَّءاً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَما تَشاءُ
2- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 445 عن عيسى بن يونس. وابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 411- 412 عن سعيد بن منصور والحكم بن موسى. وانظر: الغارات للثقفيّ 1: 161، تاريخ بغداد 11: 31، تاريخ مدينة دمشق 3: 261، البداية والنهاية 6: 19.
3- هو: أبو عبد الرحمن زيد بن الحارث الياميّ الكوفيّ، كما في هامش الأصل.
4- الوَفرة: شَعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأُذن. انظر: النهاية 5: 210، لسان العرب 5: 288- 289.

ص: 16

في صدره ولا في بطنه شعر غيره، كان شثن الكفّ والقدم، إذا مشى كأنّه ينحدر من صَبَب، وإذا مشى كأنّما يتقلّع من صخر، وإذا التفت التفتَ جميعاً، لم يكن بالقصير ولا بالطويل، كأنّ عرقه في وجهه اللؤلؤ، وريح عرقه أطيب من ريح المسك الأذفر، لم أر مثله قبله ولا بعده(1).

[2: 606- 607]

خضاب النبيّ صلى الله عليه و آله

[4] حدّثنا فضل بن عبدالوهّاب، قال: حدّثنا شريك، عن سدير الصيرفيّ، قال: قلت لعمر بن عليّ: كان عليّ لا يخضب؟(2) قال: قدخضب مَن هوخير مِن عليّ؛ خضب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله(3). [2: 621]

زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله البقيع واستغفاره لأهله المدفونين فيه

(4)[5] حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا عبد العزيز بن عمران،


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 410 عن يعلى ومحمّد الطنافسيّين وعبيد اللَّه العبسيّ ومحمّد الأسديّ، عن مجمع بن يحيى، عن عبد اللَّه بن عمران، عن رجل من الأنصار.
2- راجع لترك أميرالمؤمنين عليه السلام للخضاب نهج البلاغة قسم الحكم، رقم 17 و 473 ووسائل الشيعة ج 2، ص 87 و 88 باب 44.
3- أخرجه في تهذيب الكمال 21: 467 عن ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن إسحاق، عن شريك.
4- أورد الشيخ فهيم محمّد شلتوت في هامش الكتاب: قال المطريّ: إنّ أكثر الصحابة ممّن توفّي في حياة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وبعد وفاته مدفونون بالبقيع، وكذلك سادات أهل بيت النبيّ وسادات التابعين. وقال المجد: لا شكّ أنّ مقبرة البقيع محشوّة بالجمّاء الغفير من سادات الأُمّة، غير أنّ اجتناب السلف الصالح من المبالغة في تعظيم القبور وتجصيصها أفضى إلى انطماس آثار أكثرهم، فلذلك لا يعرف قبر معيّن منهم إلّاأفراد معدودون، وقد ابتني عليها مشاهد. [1: 86].

ص: 17

عن أبيه، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن عمر بن عليّ، عن عبيد اللَّه بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن ابن أبي مُوَيْهبَة(1) مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: أَهَبَّني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من جوف الليل، فقال: إنّي قد أُمِرْتُ أن أستغفر لأهل البقيع، فانطلق معي. فانطلقت معه، فلمّا وقف بين أظهرهم قال:

السلام عليكم يا أهل المقابر، ليَهْن لكم ما أصبحتم فيه ممّا أصبح الناس فيه، أقبَلت الفتنُ كقطَع الليل المظلم؛ يتبع آخرُها أوّلَها، الآخرة شرّ من الأُولى. ثمّ استَغفرَ لهم طويلًا. [1: 86- 87] [6] حدّثنا إسماعيل بن أبي طرفة الحرّانيّ، قال: حدّثنا محمّد بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن عمر بن عليّ، عن عبيد ابن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن أبي مُوَيْهبَة، قال: أهَبَّني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من جوف الليل، فقال: يا أبا مُوَيْهبَة، إنّي قد أُمِرْتُ أن أستغفر لأهل هذا البقيع.

فانطلقت معه، فلمّا أشرف عليهم قال:

السلام عليكم يا أهل المقابر، لو تعلمون ما نجّاكم اللَّه منه، ليَهْن ما أصبحتم فيه ممّا أصبح الناس فيه، أقبلَت الفتنُ كقطع الليل المظلم؛ يتبع آخرُها أوَّلها، الآخرةُ شرٌّ من الأُولى.

ثمّ استغفر لهم، ثمّ قال: يا أبا مُوَيْهبَة، إنّي قد أُوتيت مفاتيح خزائن


1- في نسخة الأصل: «ابن موهبة»، والصحيح ما في المتن.

ص: 18

الدنيا والخلد فيها، فَخُيِّرْتُ بين ذلك وبين لقاء ربّي ثمّ الجنّة.

قلت: بأبي وأُمّي، خُذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثمّ الجنّة.

قال: لا واللَّه يا أبا مُوَيْهبَة، لقد اخترتُ لقاء ربّي ثمّ الجنّة.

ثمّ رجع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فَبُدِئ به وجَعُه الذي قُبِضَ فيه(1). [1: 87]

[7] حدّثني عبد العزيز، عن حمّاد بن أبي حُمَيد، عن ابن المنكدر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: يُحْشَر من البقيع سبعون ألفاً على صورة القمر ليلة البدر، كانوا لا يَكْتَوُون ولا يَتَطَيَّرُون، وعلى ربّهم يتوكّلون. [1: 93] [8] قال: وكان أبي يخبرنا: أنّ مصعب بن الزبير دخل المدينة، فدخل من طريق البقيع ومعه ابن رأس الجالوت، فسمعه مصعب- وهو خلفه- حين رأى المقبرة يقول: هي هي. فدعاه مصعب فقال:


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 204 عن محمّد بن عمر، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي مويهبة. وابن حنبل في المسند 3: 489 والدارميّ في السنن 1: 36 والطبرانيّ في المعجم الكبير 22: 346- 347 بإسنادهم عن ابن إسحاق. ورواه حمّاد بن زيد البغداديّ في كتاب تركة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله: 51- 52 عن عليّ ابن المدينيّ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق. والطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 2: 432 عن ابن حميد، عن سلمة وعليّ بن مجاهد، عن ابن إسحاق. وعنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 27. وأخرجه الحاكم في المستدرك 3: 55- 56 عن أبي أحمد الصيرفيّ، عن أبي إسماعيل الترمذيّ، عن عمر بن عبد الوهّاب الرياحيّ، ورواه أيضاً بطريق آخر. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 4: 298- 299، و 31: 207 بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق.

ص: 19

ماذا تقول؟

قال: نجدُ صفةَ هذه المقبرة في التوراة بين حرتين محفوفة بالنخل، اسمها كفتة(1) يبعث اللَّه منها سبعين ألفاً على صورة القمر. [1: 93]

[9] أخبرني عبد العزيز، عن أبي مروان بن أبي جبر، عن عبادل بن عليّ، عن أبي رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: [أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله](2) أتى البقيع فوقف فدعا واستغفر. [1: 94]

روايات عن الباقر عليه السلام

[10] حدّثنا عبد الواحد بن غياث، قال: حدّثنا حفص بن غياث، عن الحجّاج بن أرطاة، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر رضى الله عنه: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يلبس في العيدين بُردَه الأحمر(3). [1: 142]

[11] حدّثنا محمّد بن حاتم، قال: حدّثنا هُشيم، عن الحجّاج، عن أبي جعفر عليه السلام: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يلبس يوم الجمعة بُردَه الأحمر، ويعتمّ


1- كَفْتَة: اسم لِبَقيع الغرقد، وهذا الاسم مشتقّ من قول اللَّه تعالى في سورة المرسلات 25: «ألم نَجعل الأرض كِفاتاً». انظر: معجم ما استعجم 4: 1130.
2- ساقطة من مخطوطة الأصل.
3- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 451 عن موسى بن إسماعيل وسعيد بن سليمان، عن حفص بن غياث. وأخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 280 عن أبي الحسن عليّ بن محمّد المقري، عن الحسن بن محمّد بن إسحاق، عن يوسف بن يعقوب القاضي، عن مسدد. وبطريق آخر: عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي بكر بن إسحاق، عن أبي المثنّى، عن مسدد، عن حفص بن غياث.

ص: 20

يوم العيدين(1). [1: 142- 143]

[12] حدّثنا عُبَيد بن جياد، قال: حدّثنا رجل، عن محمّد بن أبان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله خرج يستسقي، فاستقبل القبلة وحوَّل رداءَه، وأومأ إلى الناس أن قوموا، فدعا قائماً والناس قيام. قال محمّد: فقلت لجعفر عليه السلام: ما أراد بتحويل ردائه؟

قال: أن يتحوّل القَحْطُ(2). [1: 145]

[13] قال [أبو غسّان]: وقال محمّد بن عليّ عليه السلام: شرب النبيّ صلى الله عليه و آله منها(3)وغُسِّل منها حين تُوُفِّيَ. [1: 161]

[14] حدّثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيج، عن أبي جعفر عليه السلام:

أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله غُسِّل من بئر سعد بن خَيْثَمَة؛ بئر كان يستعذب له منها.

[1: 161- 162]

[15] حدّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن أبي جعفر عليه السلام: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله غُسِّل من بئر سعد بن خَيْثَمَة؛ بئر يقال لها «الغَرْس» بِقُباء،


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 63 عن هشيم. وابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 451 عن سريج بن النعمان، عن هشيم.
2- رواه الحاكم في المستدرك 1: 326 قال: حدّثنا أبو جعفر عبد اللَّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور في دار أمير المؤمنين المنصور إملاء، ثنا محمّد بن يوسف بن عيسى بن الطباع، حدّثني عمّي إسحاق بن عيسى، ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر. وعنه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 351.
3- أي مِن بئر الغَرْس. وفي هامش الأصل عن نسخة بدل: «بئر الأغراس»، والغَرس: الغسيل أو الشجر الذي يغرس، وهي بئر بقباء في شرقي مسجدها على نصف ميل إلى جهة الشمال.

ص: 21

كان يشرب منها. [1: 162]

[16] حدّثنا موصل بن إسماعيل، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، قال: غُسِّل النبيّ صلى الله عليه و آله من بئر يقال لها «الغَرْس» كان يشرب منها(1). [1: 162]

[17] حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا موسى بن محمّد الأنصاريّ، عن يزيد بن أبي زياد، قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام هل تمشط رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

قال: نعم، فمسّه بشي ء مِن حنّاء. [2: 620]

[18] حدّثنا محمّد بن حاتم، قال: حدّثنا سعدة بن اليسع، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قُبِضَ وفي هذا الموضع في رأسه- يعني وسط الرأس- ردع حنّاء(2). [2: 621]


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 280 بتفاوت وإضافات عن إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ، عن ابن جريج، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام. والصنعانيّ في المصنَّف 3: 397 ح 6077، وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 567 ح 12 عن ابن إدريس، عن ابن جريج. وأخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 395 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي سعيد ابن أبي عمرو، عن أبي العبّاس محمّد بن يعقوب، عن أسيد بن عاصم، عن الحسين بن حفص، عن سفيان، عن عبد الملك بن جريج. ونقله عنه ابن كثير في السيرة النبويّة 4: 520، والبداية والنهاية 5: 282. وانظر: تلخيص الحبير 5: 116.
2- أي بها آثار الصبغ بالحنّاء. وانظر الخبر في: الطبقات الكبرى 1: 438، مسند أحمد 2: 226، سنن أبي داود 2: 290 ح 4062، المعجم الأوسط 9: 106.

ص: 22

[19] حدّثنا القعنبيّ، عن سليمان بن بلال، عن بلال، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن يزيد بن هرمز: أنّ نجدة كتب إلى ابن عبّاس يسأله عن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن عبّاس: كتبتَ تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنّا نقول: هو لنا، فأبى قومنا ذلك علينا(1). [2: 650]

[20] حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال:

أخبرني مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام قال: كان للمهاجرين مجلسٌ في المسجد يجلسون فيه، فكان عمر يجلس معهم فيحدّثهم عمّا ينتهي إليه من أمر الآفاق، فجلس معهم يوماً فقال: ما أدري كيف أصنع بالمجوس؟

فوثب عبد الرحمن بن عوف فقام قائماً فقال: نشهد على


1- رواه العيّاشيّ في التفسير 2: 61 ح 52 بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، عن الصادق عليه السلام. ورواه ابن حنبل في المسند 1: 248 بتفاوت عن عفّان، عن جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمز. وفي صحيح مسلم 5: 197 عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، عن ابن بلال، عن الصادق عليه السلام. وفي السنن الكبرى للبيهقيّ 9: 22 بإسناده عن الشافعيّ، عن حاتم بن إسماعيل، عن الصادق عليه السلام. ورواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 700 ح 7 عن وكيع، عن أبي معشر، عن سعيد المقبريّ. والطبريّ في جامع البيان 10: 9 ح 12503 عن القاسم، عن الحسين، عن أبي معاوية، عن حجّاج، عن عطاء، عن ابن عبّاس. ورواه أيضاً في الحديث 12505 بإسناده عن المقبريّ. وانظر: السنن الكبرى للنسائيّ 6: 484، المعجم الكبير 10: 335، المعجم الأوسط 7: 55.

ص: 23

رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لقال: سنّوا بهم سنّة أهل الكتابرواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 3: 112 ح 2 عن حاتم بن إسماعيل، عن الصادق عليه السلام. وأورده الجصّاص في أحكام القرآن 2: 412 عن حديث يحيى بن سعيد، عنه عليه السلام. وانظر: تاريخ مدينة دمشق 54: 269، سير أعلام النبلاء 4: 403.

وفي مناقب آل أبي طالب 2: 190 روى جابر بن يزيد وعمر بن أوس وابن مسعود- واللفظ له: أنّ عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس؟ أين عبد اللَّه بن عبّاس؟ قالوا: ها هو ذا، فجاء فقال: ما سمعت عليّاً يقول في المجوس فإن كنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك. فمضى ابن عبّاس إلى عليّ فسأله عن ذلك، فقال: «أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلّاأن يهدى فما لكم كيف تحكمون» ثمّ أفتاه.

[قال ابن شبّة:] ما عند أبي عاصم عن جعفر بن محمّد عليهما السلام غير هذا الحديث، وعن سليمان التيميّ حديث. [3: 853]

أحلّ النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام من مسجده ما حلّ له

[21] حدّثنا محمّد بن بكّار، قال: حدّثنا أبو معشر، عن حرام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما قال: أخرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أُناساً من المسجد وقال: لا ترقدوا في مسجدي هذا.

قال: فخرج الناس وخرج عليّ عليه السلام، فقال لعليّ عليه السلام: ارجع فقد أُحلّ لك فيه ما أُحلّ لي، كأنّي بك تَذُودهم على الحوض، وفي يدك عصا عَوْسَج(1). [1: 37- 38]


1- العوسج: شجر من شجرالشوك، وله ثمر أحمر مدوّر كأنّه خرز العقيق. لسان العرب 2: 324. والخبر رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 462 ح 957 بإسناده عن أبي عتيق، عن جابر. وأورد الطوسيُّ القسمَ الأخير منه في التبيان 4: 411 نقلًا عن عمر بن شبّة، وهو اسم مؤلِّفنا. وفي كتاب سُلَيْمْ بنْ قَيْسٍ الهلاليّ: 400 بنصّ أطول.

ص: 24

[22] أخبرنا عاصم بن عليّ، قال: حدّثنا أبو معشر، عن حرام ابن عثمان، عن محمد و عبدالرحمن ابنَي جابر، عن جابر رضي اللَّه عنهما، قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على...(1) في المسجد، فنهاهم أن يتّخذوه بيوتاً- أو نحو هذا- فخرجوا منه، فأدرك عليّاً عليه السلام فقال: ارجع، فإنّ اللَّه قد أحلّ لك فيه ما أحلّ لي(2). [1: 38]

[23] حدّثنا موسى بن مروان، قال: حدّثنا عطاء بن مسلم، عن أبي عتبة، عن إسماعيل [بن أُميّة](3) عن جسرة- وكانت من خيار [النساء](4)- قالت: كنت مع أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها فقالت:

خرج النبيّ صلى الله عليه و آله من عندي حتّى دخل المسجد فقال: يا أيّها الناس، حُرِّمَ هذا المسجد على كلّ جُنُبٍ من الرجال أو حائض من النساء إلّا النبيّ وأزواجه وعليّاً وفاطمة بنت رسول اللَّه، ألا بيّنتُ الأسماء أن تضلّوا(5). [1: 38]


1- بياض في مخطوطة الأصل، وقال محقّقه في الهامش: «ولعلّ الساقط: قوم نيام».
2- رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 92 ح 578 بإسناده عن الحكم بن أسلم، قال: حدّثنا أبو بكر ابن عيّاش، عن حرام بن عثمان نحوه.
3- مِن السنن الكبرى للبيهقيّ 7: 65.
4- زيادة يقتضيها السياق. وجسرة: هي بنت دجاجة العامريّة الكوفيّة، ثقة تابعيّة. انظر: تهذيب التهذيب 12: 357.
5- رواه الطبرانيّ في المعجم الكبير 23: 373- 374 عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن ابن أبي عتبة، عن أبي خطّاب الهجريّ، عن محدوج الذهليّ، عن جسرة. والبيهقيّ في السنن الكبرى 7: 65 عن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان، عن أحمد بن عبيد الصفّار، عن محمّد بن يونس، عن أبي نعيم ابن دكين. وأيضاً رواه عن أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر، عن أبي الحسن محمّد بن الحسن بن إسماعيل السرّاج، ع الله عليه و آله لأهل بيته

ص: 25

[24] حدّثنا عيسى(1) بن عبد اللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ، قال:

حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال العبّاس رضى الله عنه: يا رسول اللَّه، إنّ قريشاً تتلاقى بينها بوجوه لا تلقانا بها! فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: أما إنّ الإيمان لا يدخل أجوافهم حتّى يحبّوكم لي(2). [2: 640]

[25] حدّثنا عيسى بن عبد اللَّه بن محمّد، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليه السلام قال: قدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فدعا به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فجُعِل في المسجد وألقى عليه ثوباً، وجعل يعطيه الناس. فأشار إليَّ عمّه العبّاس رضى الله عنه أن قُم بنا إليه، فقمنا فقلنا: يا رسول اللَّه، أعطيت من هذا المال ولم تعطنا منه شيئاً؟!

قال: إنّما هي صدقة، والصدقة أوساخ الناس يتطهّرون بها من ذنوبهم، إنّ الصدقة لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد.


1- هو المعروفُ ب المبارك قال في العمدة: وكان سيّداً شريفاً، روى الحديث الحسني.
2- رواه ابن عديّ في الكامل 5: 245 عن محمّد بن منير، عن مؤلّفنا. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 26: 302 عن ابن السمرقنديّ، عن ابن مسعدة، عن حمزة بن يوسف، عن ابن عديّ.

ص: 26

فقمنا، فلمّا ولينا دعانا فقال: ما ظنّكم بي غداً إذا أخذتُ بباب الجنّة، وهل تروني منادياً سواكم، أو مؤثراً عليكم غيركم؟! [2: 640]

فضل بني هاشم على الناس

[26] حدّثنا محمّد بن عبد اللَّه الزبيريّ، قال: حدّثنا يوسف بن صهيب، عن أبي الأزهر، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: إنّ بني هاشم فضّلوا على الناس بستّ خصال: هم أعلم الناس، وأشجع الناس، وهم أسمح الناس، وهم أحلم الناس، وهم أصفح الناس، وأحبّ الناس إلى نسائهم. [2: 638- 639]

وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام وموضع قبرها

[27] حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: أخبرني محمّد(1) أنّه سمع عبد اللَّه بن حسين ابن عليّ يذكر عن عكرمة بن مصعب العبدريّ، قال:

أدركتُ حسن بن عليّ بن أبي طالب وهو يذُبُّنا عن زاوية دار عقيل اليمانيّة الشارعة في البقيع. [1: 104- 105]

[28] وأخبرنا أيضاً، عن عكرمة بن مصعب، عن محمّد بن عليّ ابن عمر أنّه كان يقول: قبر فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله زاوية دار عقيل اليمانيّة الشارعة في البقيع. [1: 105]


1- في هامش الأصل نقلًا عن الخلاصة للخزرجيّ: هو محمّد بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ.

ص: 27

[29] حدّثنا أبو غسّان، عن حسن بن منبوذ بن حُوَيطب، عن أبيه وجدّه الفضل ابن أبي رافع أنّهما حدّثاه: أنّ قبر فاطمة عليها السلام وِجاهَ زُقاق نُبَيْه، وأنّه إلى زاوية دار عقيل أقرب(1). [1: 105]

[30] حدّثنا أبو غسّان، عن غسّان بن معاوية بن أبي مُزَرَّد أنّه سمع عمر بن عليّ بن حسين بن عليّ يقول: إنّ قبر فاطمة عليها السلام حِذوَ الزقاق الذي يلي زاوية دار عقيل.

وذكر غسّان: أنّه ذرع مِن حيث أشار له عمر بن عليّ، فوجده خمس عشرة ذراعاً إلى القناة. [1: 105]

[31] حدّثنا أبو غسّان، عن عبد اللَّه بن عمر بن عبد اللَّه مولى غفرة، عن أبيه عمر أنّه سمعه يقول: قبر فاطمة حِذوَ دار عقيل ممّا يلي دار نُبَيْه. [1: 105]

[32] حدّثنا أبو غسّان، عن إسماعيل بن عون بن عبيد اللَّه(2) بن أبي رافع، أنّه سمع من أبيه، عن أبيه: أنّ قبر فاطمة عليها السلام مخرَج الزقاق الذي بين دار عقيل ودار أبي نُبَيْه.

وذكر إسماعيل: أنّه ذرعَ الموضع الذي ذكر له أبوه أنّه موضع قبر فاطمة، فوجد بين موضع القبر وبين القناة التي في دار عقيل ثلاثاً وعشرين ذراعاً، وبينه وبين القناة الأُخرى سبعاً وثلاثين


1- انظر: وفاء الوفاء 2: 90.
2- في الأصل: عبد اللَّه، وهو خطأ كما حقّقه أُستاذنا الجلاليّ في مقدّمة تحقيقه لكتاب «تسميةُ مَن شَهِدَ مع عليّ عليه السلام حروبَه» وهو قيد العمل.

ص: 28

ذراعاً(1). [1: 105- 106]

[33] قال [أبو غسّان]: وأخبرني مخبر ثقة، قال: يقال إنّ المسجد الذي يُصلّى جنبَه شرقيّاً على جنائز الصبيان، كان خيمةً لامرأة سوداء يقال لها: «رقيّة» كان جعلها هناك حسينُ بن عليّ عليه السلام تبصرُ قبرَ فاطمة، وكان لا يعرف قبر فاطمة عليها السلام غيرُها(2). [1: 106]

[34] قال [أبو غسّان]: وأخبرني عبد العزيز بن عمران، عن حمّاد بن عيسى، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال: دفن عليّ


1- انظر: وفاء الوفاء 2: 91.
2- وفي كتاب المنتخب مِن ذيل المذيّل للطبريّ الكبير: 91 قال ابن عمر: وسألت عبد الرحمن بن أبي الموالي، قلت: إنّ الناس يقولون: إنّ قبر فاطمة عند المسجد الذي يصلّون إليه على جنائزهم بالبقيع! فقال: واللَّه ما ذلك إلّامسجد رقيّة- يعني امرأة عمرته- وما دفنت فاطمة عليها السلام إلّافي زاوية دار عقيل ممّا يلي دار الجحشيّين، مستقبل خوخة بني نُبيه مِن بني عبد الدار بالبقيع، وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع. قال ابن عمر: حدّثنا عبد اللَّه بن جعفر، قال: حدّثني عبد اللَّه بن حسن، قال: وجدت المغيرة بن عبد الرحمن واقفاً ينتظرني بالبقيع نصف النهار في حَرّ شديد، فقلت: ما يوقفك يا أبا هاشم؟ قال: انتظرتك بلغني أنّ فاطمة دفنت في هذا البيت في زاوية دار عقيل ممّا يلي دار الجحشيّين، فأُحبّ أن تبتاعه لي بما بلغ [حتّى] أُدفن فيه. فقال عبد اللَّه: واللَّه لأفعلنّه. قال: فجهدنا بالعقيليّين فأبوا على عبد اللَّه بن حسن. قال عبد اللَّه بن جعفر: وما رأيت أحداً يشكّ أنّ قبرها في ذلك الموضع. وقال ابن حجر في الإصابة 8: 138- 139: «رقيّة مولاة فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم عمّرت حتّى جعلها الحسين بن عليّ مقيمة عند قبر سيّدتها فاطمة، لأنّه لم يكن بقي مَن يعرف القبر غيرها». ثمّ ذكر أنّ ما نقله قاله ابنُ شبّة في كتاب أخبار المدينة. وأيضاً انظر: وفاء الوفاء 2: 91.

ص: 29

فاطمةَ عليها السلام ليلًا في منزلها الذي دخل في المسجد، فقبرها عند باب المسجد المواجه دار أسماء بنت حسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عبّاس.

قال أبو زيد ابن شبَّة: وأظنُّ هذا الحديث غلطاً، لأنّ الثبت جاء في غيره. [1: 106]

35] حدّثنا أبو غسّان، عن محمّد بن إسماعيل، عن فائد مولى عبادل(1) أنّ عبيد اللَّه بن عليّ أخبره عمّن مضى من أهل بيته: أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام قال: ادفنوني في المقبرة إلى جنب أُمّي. فدفن في المقبرة إلى جنب فاطمة، مواجه الخوخة التي في دار نُبَيْه بن وهب، طريقُ الناس بين قبرها وبين خوخة نُبَيْه، أظنّ الطريق سبعة أذرع بالسقاية.

قال فائد: وقال لي منقذ الحفّار: إنّ في المقبرة قبرَين مطابقَين بالحجارة: قبر حسن بن عليّ، وقبر عائشة زوجة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فنحن لا نخرجهما(2).

فلمّا كان زمن حسن بن زيد- وهو أمير على المدينة- استعدى بنو محمّد ابنِ عمر بن عليّ بن أبي طالب على آل عقيل في قناتهم التي في دورهم الخارجة في المقبرة، وقالوا: إنّ قبر فاطمة عليها السلام عند هذه القناة.


1- عبادل، وهو عبيد اللّه بن عليّ بن أبي رافع، روى عنه مولاه فائد، وروى عن فائد: زيد بن الحباب، وثّقه ابن معين. انظر: الخلاصة للخزرجيّ: 262.
2- انظر: وفاء الوفاء 2: 91، وفيه وفي تاريخ مدينة دمشق: «فنحن لا نحرّكهما».

ص: 30

فاختصموا إلى حسن، فدعاني حسن فسألني عن قبرها، فأخبرته عن عبيداللَّه بن أبي رافع ومن بقي من أهلي، وعن حسن بن عليّ وقوله: «ادفنوني إلى جَنْب أُمّي». ثمّ أخبرته عن مُنْقِذ الحفّار وعن قبر الحسن أنّه رآه مطابقاً.

فقال حسن بن زيد: أنا على ما تقول. وأقرَّ قناة آل عقيل إلى منتهاه(1)(2). [1: 106- 107]

[36] حدّثنا أبو غسّان، عن عبد اللَّه بن إبراهيم بن عبيد اللَّه، أنّ جعفر ابنَ محمّد عليهما السلام كان يقول: قُبِرَت فاطمة عليها السلام في بيتها الذي أدخله عمر بن عبد العزيز في المسجد(3).

[قال ابن شبَّة:] فهذا ما حدّثني به أبو غسّان في قبر فاطمة عليها السلام، ووجدتُ كتاباً كُتِبَ عنه يذكر فيه أنّ عبد العزيز بن عمر كان يقول:

إنّها دُفِنَت في بيتها، وصُنِع بها ما صنع برسول اللَّه صلى الله عليه و آله، إنّها دُفِنَتْ في موضع فراشها، ويحتجُّ بأنّها دفنت ليلًا، ولا يعلم بها كثير من الناس.

[1: 107- 108]

[37] حدّثنا أبو عاصم النبيل، قال: حدّثنا كهمس بن الحسن، قال: حدّثني يزيد، قال: كمِدَت فاطمةُ عليها السلام بعد وفاة أبيها سبعين بين


1- في تاريخ مدينة دمشق: «على هيئتها» بدل «إلى منتهاه».
2- أورده ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 13: 290 بتفاوت يسير.
3- أورده المُحِبُّ الطبريّ في ذخائر العُقْبى: 54 نقلًا عن الدرّة اليتيمة في أخبار المدينة لابن النَّجّار.

ص: 31

يوم وليلة، فقالت: إنّي لأَستحي من جلالة جسمي(1) إذا أُخْرِجْتُ على الرجال غداً. وكانوا يحملون الرجال كما يحملون النساء. فقالت أسماء بنت عُمَيْسٍ- أو أُمّ سلمة: إنّي رأيتُ شيئاً يصنع بالحبشة. فصنعت النعش فاتُّخِذَ بعد ذلك سُنّة(2). [1: 108]

[38] حدّثنا هارون بن معروف، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمّد، قال: حدّثني محمّد بن موسى، عن عون بن محمّد وعن عمارة بن مهاجر، عن أُمّ جعفر بنت محمّد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدّتها أسماء بنت عُمَيس رضي اللَّه عنها قالت: غَسّلتُ أنا وعليّ بن أبي طالب عليه السلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله(3). [1: 109]

[39] حدّثنا القعنبيّ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن محمّد ابن موسى: أنّ عليّاً عليه السلام غسّل فاطمة عليها السلام(4). [1: 109]


1- أي من عظم جسمي. انظر لسان العرب 11: 117.
2- رواه الدولابيّ في الذرّيّة الطاهرة النبويّة: 111 بتفاوت عن محمّد بن عمر، عن عمر بن محمّد ابن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، عن ابن عبّاس. وراجع: تاريخ اليعقوبيّ 2: 115، كشف الغمّة 2: 126.
3- أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3: 163- 164 عن محمّد بن المؤمّل، عن الفضل بن محمّد الشعرانيّ، عن النفيليّ، عن عبد العزيز بن محمّد. وعنه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 397.
4- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 28 بنفس السند، وعنه ابن حجر في الإصابة 8: 267. وذكره مالك بن أنس في المدوّنة الكبرى 1: 186 عن ابن نافع. وفي قرب الإسناد: 88 ح 294 عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام: أنّ عليّاً عليه السلام غسّل امرأته فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله. وراجع: الكافي 1: 459، علل الشرائع 1: 184، كشف الغمّة 2: 125.

ص: 32

[40] حدّثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن الحسن ابن محمّد: أنّ عليّاً عليه السلام دفن فاطمة عليها السلام ليلًا(1). [1: 109- 110]

[41] حدّثنا أبو عتّاب الدلّال، قال: حدّثنا ابن أبي الأخضر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: أنّ عليّاً عليه السلام دفن فاطمة عليها السلام ليلًا، ولم يؤذن بها أبا بكر(2). [1: 110]

[42] حدّثنا محمّد بن أبي رجاء، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن محمّد ابن إسحاق، عن عبيد اللَّه بن عليّ بن أبي رافع، عن أبيه، عن أُمّه سلمى(3) قالت: اشتكت فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فمرضت، فأصبحت يوماً كأمثل ما كانت تكون، وخرج عليّ عليه السلام، فقالت: يا أمتاه اسكبي لي غسلًا. ثمّ قامت فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل.

ثمّ قالت: هات ثيابي الجدد. فأعطيتها إيّاها فلبسَتْها.

ثمّ جاءت إلى البيت الذي كانت فيه، فقالت: قدّمي الفراش إلى وسط البيت. فقدّمتُه، فاضطجعَت واستقبلَت القبلة، ووضعَت يدها


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 29، والكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 195 ح 668، وابن أبي شيبة في المصنَّف 3: 226 ح 3، والطبرانيّ في المعجم الكبير 22: 398 بإسنادهم عن سفيان، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة. وأورده البيهقيّ في السنن الكبرى 4: 31 نقلًا عن ابن عبّاس.
2- رواه عبد الرزّاق الصنعانيّ في المصنَّف 3: 521 ح 6556 عن معمر، عن عروة.
3- في مسند أحمد: «عن أُمّ سلمى».

ص: 33

تحت خدّها، ثمّ قالت: يا أمتاه، إنّي مقبوضة الآن، وإنّي قد اغتسلتُ فلا يكشفني أحد.

قال: فقبضت مكانها، وجاء عليّ عليه السلام فأخبرته، فقال: لا جرم واللَّه لا يكشفها أحد. فحملها بغسلها ذلك، فدفنها(1). [1: 108- 109]

وفاة الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام ودفنه

[43] حدّثني أبي، قال: حدّثني نوفل بن الفرات: أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام لمّا حضرته الوفاة قال للحسين عليه السلام: إنّي كنت طلبت إلى عائشة إذا أنا متّ أن تأذن لي فأُدْفن في بيتها مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلا أدري لعلّ ذلك أن يكون كان منها حياءً منّي، فإذا أنا متّ فَأتِها فاطلب ذلك إليها، فإن طابت نفسها فادفنّي فيه، وإن فَعَلَتْ فلا أدري لعلّ القوم أن يمنعوك إذا أردت ذلك، كما مَنعْنا صاحِبَهم عثمان ابن عفّان.

- ومروان بن الحكم يومئذ أمير على المدينة، وقد كانوا أرادوا دفن عثمان في البيت فمنعوهم-

فإن فعلوا فلا تلاحهم في ذلك، فادفنّي في بقيع الغرقد، فإنّ لي بمن فيه أسوة.

قال: فلمّا مات الحسن بن عليّ عليهما السلام، أتى الحسينُ عليه السلام عائشة فطلب


1- رواه الدولابيّ في الذرّيّة الطاهرة: 112، وابن حنبل في المسند 6: 461 بإسنادهما عن إبراهيم بن سعد. ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 27 عن يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن سعد. وراجع: كشف الغمّة 2: 124، أُسد الغابة 5: 590، الإصابة 8: 267.

ص: 34

ذلك إليها.

فقالت: نعم وكرامة.

فبلغ ذلك مروان، فقال: كذب وكذبت.

فلمّا بلغ ذلك حسيناً عليه السلام استلأَم(1) في الحديد، واستلأَم مروان في الحديد أيضاً، فأتى رجل حسيناً فقال: يا أبا عبد اللَّه، أتعصي أخاك في نفسه قبل أن تدفنه؟!

قال: فوضع سلاحه، ودفنه في بقيع الغَرقد(2). [1: 110- 111]

[44] حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن فائد مولى عبادل: أنّ عبيد اللَّه بن عليّ أخبره عمّن مضى من أهل بيته: أنّ حسن ابن عليّ عليهما السلام أصابه بطن، فلمّا حزبه(3) وعرف من نفسه الموت، أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يُدْفن مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. فقالت له: نعم، ما كان بقي إلّاموضع قبر واحد.

فلمّا سَمِعت بذلك بنو أُميّة استلأَموا هُم وبنو هاشم للقتال، وقالت بنو أُميّة: واللَّه لا يُدْفن فيه أبداً.

وبلغ ذلك حسن بن عليّ عليهما السلام، فأرسل إلى أهله: أما إذا كان هذا


1- إستلامَ: لَبِسَ اللَّاْمَةَ، وَهِيَ الدّرْعُ. الحسني
2- أورده الطبريّ في ذخائر العقبى: 142، والذهبيّ في سير أعلام النبلاء 3: 278- 279 باختلاف.
3- في مخطوطة الأصل: «فلمّا عرفه»، وفي أقرب الموارد 1: 636: حَزَبَه الأمر حزباً: أصابَهُ واشتدَّ عليه، أو ضغطَهُ فُجأةً.

ص: 35

فلا حاجة لي به، ادفنوني في المقبرة إلى جنب أُمّي فاطمة عليها السلام. فَدُفِنَ في المقبرة إلى جنب فاطمة عليها السلام(1). [1: 111]

زيارة فاطمة الزهراء عليها السلام لقبر حمزة رضى الله عنه

[45] حدّثنا محمّد بن بكّار، قال: حدّثنا حبّان بن عليّ، عن سعد ابن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام: أنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كانت تزور قبر حمزة رضى الله عنه ترمه وتصلحه، وقد تعلّمَتْه بِحَجر(2). [1: 132 [


1- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 13: 289 عن ابن البغداديّ، عن أبي المظفّر محمود ابن جعفر المعدّل عن عمّ أبيه أبي عبد اللَّه الكوسج، عن إبراهيم بن السنديّ، عن ابن بكّار الزبيريّ، عن يحيى بن مقداد، عن عمّه موسى بن يعقوب، عن فائد. وأخرجه أيضاً بتفاوت يسير عن ابن أبي يعلى، وأبي غالب وأبي عبد اللَّه ابنَي البنّاء أنّهم قالوا: أنا أبو جعفر ابن مسلمة، أنا محمّد بن عبد الرحمن، أنا أحمد بن سليمان، أنا الزبير بن بكّار، قال: وحدّثني محمّد بن حسن، عن محمّد بن إسماعيل، عن فائد.
2- قريباً منه ما رواه الحاكم النيسابوريّ في المستدرك 1: 377 قال: حدّثنا أبو حميد أحمد بن محمّد بن حامد العدل بالطابران، ثنا تميم بن محمّد، ثنا أبو مصعب الزهريّ، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ ابن الحسين، عن أبيه عليهم السلام: أنّ فاطمة بنت النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله كانت تزور قبر عمّها حمزة كلّ جمعة، فتصلّي وتبكي عنده. ثمّ عقّبه الحاكم بقوله: «هذا الحديث رواته عن آخرهم ثِقاتٌ، وقد استقصيتُ في الحثّ على زيارة القبور تحرّياً للمشاركة في الترغيب، وليعلم الشحيح بذَنْبه أنّها سنّة مسنونة، وصلّى اللَّه على محمّد وآله أجمعين». ونقله عنه البيهقيّ في السنن الكبرى 4: 78. وأيضاً رواه الحاكم في المستدرك 3: 28 بسند آخر عن أبي عبد اللَّه محمّد بن عبد اللَّه الصفّار، عن أبي بكر ابن أبي الدنيا القرشيّ، عن عليّ بن شعيب، عن ابن أبي فديك. ورواه الصنعانيّ في المصنَّف 3: 572 ح 6713 عن ابن عيينة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام. وانظر: دعائم الإسلام للقاضي النعمان 1: 239، تلخيص الحبير للعسقلانيّ 5: 248.

ص: 36

طلب عليّ وفاطمة عليهما السلام والعبّاس ميراثهم من تركة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله

[46] حدّثنا سويد بن سعيد والحسن بن عثمان، قالا: حدّثنا الوليد ابن محمّد، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: أنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ممّا أفاء اللَّه على رسوله، وفاطمةُ حينئذٍ تطلبُ صَدَقةَ النبيّ صلى الله عليه و آله التي بالمدينة وفَدَك وما بَقِيَ من خُمُس خَيبر.

فقال أبو بكر: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «لا نورّث ما تركنا صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال» وإنّي لا أُغيّر شيئاً من صدقات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ولأعملنَّ فيها بما عمل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة عليها السلام منها شيئاً.

فَوَجَدَتْ(1) فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه حتّى تُوفّيت.

وعاشت بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ستّة أشهر. فلمّا تُوفّيت، دفنها [زوجها](2) عليّ عليه السلام ليلًا، ولم يُؤْذِنْ بها أبا بكر، وصلّى عليها


1- وَجَدَت عليه: أي غضبَت. انظر: القاموس 3438 المصباح المنير للفيومي، ص 648.
2- الإضافة من صحيح مسلم 5: 154.

ص: 37

عليّ عليه السلام(1). [1: 196- 197]

[47] حدّثنا إسحاق بن إدريس، قال: حدّثنا محمّد بن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، عن عُرْوَة، عن عائشة: أنّ فاطمة عليها السلام والعبّاس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فَدَك وسهمه من خيبر.

فقال لهما أبو بكر: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «لا نورّث ما تركنا صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال»، وإنّي واللَّه لا أُغيّر أمراً رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يصنعه إلّاصنعته.

قال: فهجرَتْهُ فاطمة عليها السلام، فلم تكلّمه في ذلك المال حتّى ماتت(2).

[1: 197]

[48] حدّثنا عمرو بن عاصم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدّثنا حمّاد ابن سلمة، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن أُمّ هانئ: أنّ فاطمة عليها السلام قالت لأبي بكر: مَن يرثك إذا مُتَّ؟ قال: ولدي وأهلي.

قالت: فما لك ترث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله دوننا؟


1- رواه البخاريّ في الصحيح 5: 82 عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب الزهريّ. ومسلم في الصحيح 5: 153- 154 عن محمّد بن رافع، عن حجين، عن ليث. وابن حبّان في الصحيح 11: 152- 153 عن الكلاعيّ، عن عمرو بن عثمان بن سعيد، عن أبيه، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ. وانظر: سير أعلام النبلاء 2: 121، العمدة لابن البطريق: 390.
2- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 315 عن محمّد بن ثور، عن معمر. وقد أشار ابن حجر إلى الخبر في فتح الباري 6: 139 بالرواية عن مؤلّفنا.

ص: 38

قال: يابنت رسول اللَّه، ما وَرِثتُ أباك داراً ولامالًا ولاذَهباً ولا فضّة!

قالت: بلى، سهم اللَّه الذي جعله لنا، وصافِيَتنا التي بِفَدَك.

فقال أبو بكر: سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول: «إنّما هي طُعْمَة أطعمنا اللَّه، فإذا مِتُّ كانت بين المسلمين»(1). [1: 197- 198]

[49] حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن الوليد ابن جُمَيع، عن أبي الطفيل، قال:

أرسلت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر قالت: يا خليفة رسول اللَّه، أنت ورثتَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أم أهله؟ قال: لا، بل أهله.

قالت: فما بال سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

قال: إنّي سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّ اللَّه عزّ وجلّ إذا أطعم نبيّاً طُعمة ثمّ قبضه جعله لِلّذي يقوم من بعده»، فرأيت أنا بَعْدُ أن أردّه على المسلمين.

قالت: أنت وما سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعلم(2)! [1: 198]


1- رواه ابن حنبل في المسند 1: 10، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 314- 315 عن عفّان، عن حمّاد بن سلمة. وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 218، كشف الغمّة 2: 106.
2- رواه ابن حنبل في المسند 1: 4، وأبو يعلى في المسند 1: 40 عن ابن أبي شيبة. ورواه أيضاً أبو يعلى في المسند 12: 119 عن عبد الرحمن بن صالح، عن محمّد بن فضيل. والبيهقيّ في السنن الكبرى 6: 303 عن أبي الحسين عليّ ابن بُشران، عن أبي جعفر محمّد الرزّاز، عن أحمد ابن عبدالجبّار العطارديّ، عن محمّد بن فضيل. وانظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 218- 219.

ص: 39

[50] حدّثنا القَعْنَبِيّ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمّد، عن محمّد ابن عمر وعن أبي سلمة:

أنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أتت أبا بكر، فذكرت له ما أفاءَ اللَّه على رسوله بِفَدَك.

فقال أبو بكر: إنّي سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول: «إنّ النبيّ لا يورّث» من كان النبيّ يعوله فأَنا أعوله، ومن كان ينفق عليه فأَنا أنفق عليه.

قالت: يا أبا بكر، أترثك بناتُك ولا تَرِثُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله بناتُه؟

قال: هو ذاك. [1: 198- 199]

] 51] حدّثنا الحزاميّ، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدّثني عبد الرحمن الأعرج أنّه سمع أبا هريرة يقول: سمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول: والذي نفسي بيده، لا يقتسم ورثتي شيئاً ممّا تركت، ما تركته صدقة.

فكانت هذه الصدقة بيد عليّ عليه السلام غَلَبَ العبّاس عليها، وكانت فيها خصومتهما، فأبى عُمَرُ أن يقسمها بينهما، حتّى أعرض عنها العبّاس، وغلبه عليها عليّ عليه السلام.

ثمّ كانت على يد حسن بن عليّ، ثمّ بيد حسين، ثمّ بيد عليّ بن حسين وحسن بن حسن كلاهما يتداولانها، ثمّ بيد زيد بن الحسن، وهي صدقة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله(1). [1: 201- 202]


1- رواه ابن خزيمة في الصحيح 4: 120 عن محمّد بن عزيز الأُبليّ، عن سلامة، عن عقيل، عن ابن شهاب. وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 221 عن كتاب الجوهريّ.

ص: 40

[52] حدّثنا هارون بن عمر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال:

حدّثنا صدقة بن عمرو، عن محمّد بن عبد اللَّه بن محمّد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر، عن يزيد الرقاشيّ، عن أنس بن مالك:

أنّ فاطمة عليها السلام أتت أبا بكر فقالت: قد علمت الذي طلقنا عنه من الصدقات أهل البيت، وما أفاء اللَّه علينا من الغنائم، ثمّ في القرآن من حقّ ذي القربى. ثمّ قرأت عليه: «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ»(1) إلى تمام الآية، والآية التي بعدها: «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى» إلى قوله: «وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»(2).

فقال لها أبو بكر: بأبي أنت وأُمّي ووالد [ك] وولدك، وعلى السمع والبصر كتابُ اللَّه وحقّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وحقّ قرابته، وأنا أقرأ من كتاب اللَّه الذي تقرئين، ولم يبلغ علمي فيه أنّ الذي قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله هذا السهم كلّه من الخمس يجري بجماعته عليهم. قالت: أفلك هو ولأقربائك؟

قال: لا، وأنت عندي أمينة مصدّقة، فإن كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عهد إليك في ذلك عهداً، أو وَعَدَك موعداً أوجب لك حقّاً صدّقتك وسلّمته إليك.

قالت: لم يعهد إليّ في ذلك بشي ء إلّاما أنزل اللَّه تبارك وتعالى فيه


1- الأنفال: 41.
2- الحشر: 6- 7.

ص: 41

القرآن، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين أُنزل عليه ذلك فقال: أبشروا آل محمّد، فقد جاءكم الغنى.

قال أبو بكر: صدقتِ فلكم الغنى، ولم يبلغ علمي فيه ولا هذه الآية إلى أن يُسَلّم هذا السهم كلّه كاملًا، ولكنّ الغنى الذي يغنيكم ويفضل عنكم.

وهذا عمر بن الخطّاب وأبو عبيدة بن الجرّاح وغيرهما، فاسأليهم عن ذلك، فانظري هل يوافق على ذلك أحدٌ منهم؟

فانصرفت إلى عمر، فذكرت له مثل الذي ذكرت لأبي بكر بقصّته وحدوده، فقال لها ما قاله لها(1) أبو بكر.

فعجبت فاطمة، وظنّت أنّهما قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه(2).

[52] [53] حدّثنا هارون بن عمر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، قال:

حدّثنا إسماعيل- يعني ابن عيّاش- عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح مولى أُمّ هانئ، عن فاطمة عليها السلام قالت: دخلت على أبي بكر بعد ما استخلف، فقلت: يا أبا بكر، أرأيت إن متّ اليوم مَن كان يرثك؟ قال:

ولدي وأهلى.

قلت: فلم ترث رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله دون ولده وأهله؟ قال: ما فعلت،


1- كذا في شرح النهج، وكان في نسخة الأصل: «فقال لها مثل الذي قال».
2- أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 230- 231 عن كتاب الجوهريّ، وقدرواه الجوهريّ عن مؤلّفنا.

ص: 42

بنتَ(1) رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

قلت: بلى، عمدتَ إلى فدك- وكانت صافية لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله- فأخذتها، وعمدت إلى ما أُنزل من السماء فرفعته عنّا. قال: بنتَ رسول اللَّه، لم أفعل. حدّثني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: أنّ اللَّه تبارك وتعالى يُطعِم النبيّ الطعمة ما كان حيّاً، فإذا قبضه اللَّه رُفِعَت!

قلت: أنتَ ورسول اللَّه أعلم! ما أنا بسائلتك بعد مجلسي هذا. [1:

210- 211]

[54] حدّثنا هارون بن عمر، قال: حدّثني الوليد، قال: حدّثني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال:

أرادت فاطمة عليها السلام أبا بكر على فدك وسهمِ ذي القربى، فأبى عليها وجعله في مال اللَّه، وأعطى فاطمة عليها السلام نَخلًا يقال له «الأعواف»(2) ممّا كان لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله(3). [1: 211]

[55] حدّثنا ابن أبي شيبة، قال: حدّثنا مالك بن إسماعيل، قال:

حدّثنا عبد الرحمن بن حُميد الرواسيّ، قال: حدّثنا سليمان- يعني الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عبّاس، قال:

اختصم عليٌّ عليه السلام والعبّاس في ميراث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى أبي بكر، فقال:


1- أي: يا بِنْتَ...
2- في نسخة الأصل: «العاف»، والتَّصحيحُ عن وفاء الوفاء، والأعواف كانت لخناقة اليهوديّ من بني قريظة، وصارت احدى صدقات النبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- وآباره. انظر: وفاء الوفاء 4: 1128. وانظر: فدك والعوالي، للسيّد محمّدباقر الحسيني الجلالي ص 47- 48.
3- أخرجهما ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 231- 233 عن كتاب الجوهريّ.

ص: 43

ما كنت لأُحوِّله عن موضعه الذي وضعه فيه رسولُ اللَّه صلى الله عليه و آله(1)! [1: 199 و 217]

[56] حدّثنا هُشَيم، عن جُوَيبِر، عن الضحّاك، عن الحسن بن محمّد ابن عليّ: أنّ أبا بكر جعل سهم ذي القربى في سبيل اللَّه؛ في الكُراع والسلاح. [1: 217]

[57] حدّثنا حبّان بن هلال، قال: حدّثنا يزيد بن زُرَيع، قال:

حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام:

أرأيت حين وُلّي عليّ العراقين وما ولي من أمر الناس، كيف صنع في سهم ذي القربى؟

قال: سلك به طريق أبي بكر وعمر. قلت: وكيف؟ ولم؟ وأنتم تقولون؟

قال: أمَ واللَّه، ما كان أهله يصدرون إلّاعن رأيه. قلت: فما منعه؟ قال: كان- واللَّه- يكره أن يُدَّعى عليه خلاف أبي بكر وعمر(2). [1: 217]


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 1: 63 عن عليّ بن عبد العزيز، عن مالك بن إسماعيل.
2- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 6: 343 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي بكر ابن الحسن، عن أبي العبّاس محمّد بن يعقوب، عن أبي زرعة، عن أحمد بن خالد، عن ابن إسحاق. وبسند آخر عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي عبد اللَّه محمّد الصفّار، عن إسماعيل بن إسحاق، عن عارم، عن حمّاد بن زيد، عن ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 231 عن كتاب الجوهريّ.

ص: 44

صدقات أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

[58] حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: أخبرني عبد العزيز بن عمران، عن واقد ابن عبد اللَّه الجُهَنِيّ، عن عمّه، عن جدّه كسد بن مالك الجهنيّ، قال: نزل طلحة ابن عبيد اللَّه وسعيدُ بن زيد عَلَيَّ بالمنحار(1)- وهو موضع بين حوزة السفلى وبين منحوين، على طريق التجّار في الشام- حين بعثهما رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يترقَّبان له عن عِير أبي سفيان، فنزلا على كسد فأجارهما. فلمّا أخذ رسول اللَّه يَنْبُع قطعها لكسد، فقال: يا رسول اللَّه، إنّي كبير، ولكن اقطَعْها لابن أخي.

فقطعها له، فابتاعها منه عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة الأنصاريّ بثلاثين ألف درهم، فخرج عبد الرحمن إليها فرمى بها وأصابه سافيها(2) وريحها، فقدرها وأقبل راجعاً، فلحقَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام بمنزل- وهي بليّة دون ينبع- فقال: من أين جئت؟ فقال: من ينبع، وقد شنفتها(3) فهل لك أن تبتاعها؟

قال علي عليه السلام: قد أخذتُها بالثمن. قال: هي لك.

فخرج إليها عليّ عليه السلام، فكان أوّل شي ء عمله فيها البُغَيْبِغَة(4)


1- في مخطوطة الأصل: «النجار»، والمثبت عن وفاء الوفاء 2: 392.
2- كذا في مخطوطة الأصل، وفي وفاء الوفاء 4: 1334: «صافيها»، والسافي الهزال: الريح الشديدة.
3- في وفاء الوفاء: «قد سئمتها»، وشنفتها: أي بغضتها. انظر: أقرب الموارد 3: 107.
4- البغيبغة: كأنّه تصغير البغبغة، وهي البئر القريبة الرشاء، وهي عدّة عيون منها ما ستذكرفيما بعد. انظر: معجم البلدان 1: 469.

ص: 45

وأنفذها(1). [1: 219- 220]

[59] قال أبو غسّان: وأخبرني عبد العزيز بن عمران، عن سليمان ابن بلال، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام قال: بُشِّر عليّ عليه السلام بالبُغَيْبِغَة حين ظهرت، فقال: يسرّ الوارث. ثمّ قال: هي صدقة على المساكين وابن السبيل وذي الحاجة الأقرب(2).(3) [1: 220]

[60] حدّثنا القعنبيّ، قال: حدّثنا سليمان بن بلال، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام: أنّ عمر قطع لعليّ عليه السلام يَنْبُع، ثمّ اشترى عليّ عليه السلام إلى قطيعة عمر أشياء فحفر فيها عَيْناً، فبينما هم يعملون فيها إذ انفجر عليهم مثل عنق الجزور من الماء، فَأُتِيَ علي عليه السلام فبشّر بذلك، فقال: يسرّ الوارث.

ثمّ تصدّق بها على الفقراء والمساكين، وفي سبيل اللَّه، وأبناء السبيل القريب والبعيد، في السلم والحرب، ليوم تبيضّ فيه وجوه وتسودّ وجوه، ليصرف اللَّه بها وجهي عن النار، ويصرف النار عن وجهي(4). [1: 220]


1- أورده الأندلسيّ في معجم ما استعجم 2: 656- 657 من حديث محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب. ونقله ابن حجر العسقلانيّ في الإصابة 5: 441 عن مؤلّفنا.
2- انظر: وفاء الوفاء 2: 262، وفيه نقلًا عن الواقديّ: أنّ جدادها بلغ في زمن عليّ عليه السلام ألف وسق.
3- وهي المعروفة بعين أبي نَيْزَر ذكرَها ابوالعبّاس المبرّد في الكامل وروى قِصَّةَ تَصَدّقِ أميرالمؤمنين عليه السلام بِها على فقراء المسلمين. الحسني
4- رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 80 بإسناده عن معتب والعبّاس ابن بكّار، عن سليمان بن بلال. والبيهقيّ في السنن الكبرى 6: 160 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي سعيد ابن أبي عمرو، عن محمّد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان، عن عبد اللَّه بن وهب، عن سليمان ابن بلال. وأخرجه المُحِبُّ الطبريّ في ذخائر العُقْبى: 103 عن كتاب الموافقة لابن السمّان.

ص: 46

[61] حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا عبد العزيز بن عمران، قال: أخبرني ابنٌ لِحَفص بن عمر مولى عليّ عليه السلام عن أبيه، عن جدّه، قال: لمّا أشرف عليّ عليه السلام على يَنْبُع فنظر إلى جبالها قال: لقد وضعت على نقي من الماء عظيم. [1: 221]

] 62] قال: وقال ابن أبي يحيى: عن محمّد بن كعب القرظيّ، عن عمّار بن ياسر في حديث ساقه، قال: أقطع النبيّ صلى الله عليه و آله عليّاً عليه السلام بذي العشيرة من يَنْبُع، ثمّ أقطعه عمر بعد ما استخلف إليها قطيعة، واشترى عليّ عليه السلام إليها قطعة، وحفر بها عيناً، ثمّ تصدّق بها على الفقراء والمساكين وابن السبيل القريب والبعيد، وفي الحياة والسلم والحرب.

ثمّ قال: صدقة لا توهب ولا تورث، حتّى يرثها اللَّه الذي يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين(1).

قال: وقد جاء في الحديث الأوّل: أنّ عليّاً عليه السلام اشتراها.

فاللَّه أعلم أيّ ذلك كان!

قال: وكانت أموال عليّ عليه السلام عيوناً متفرّقة بِيَنْبُع.

منها عين يقال لها: «عين البحير».


1- انظر: دعائم الإسلام 2: 341 ح 1283، تهذيب الأحكام للطوسيّ 9: 148 ح 56.

ص: 47

وعين يقال لها: «عين أبي نَيْزر»(1).

وعين يقال لها: «عين نولا».

وهي اليوم تدعى: «العدر».

وهي التي يقال: إنّ عليّاً عليه السلام عمل فيها بيده، وفيها مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله متوجَّهَهُ إلى ذي العشيرة يتلقّى عير قريش(2).

وفي هذه العيون اشراب بأيدي أقوام، زعم بعض الناس أنّ ولاة الصدقة أعطوهم إيّاها، وزعم الذين هي بأيديهم أنّها ملك لهم، إلّا «عين نولا» فإنّها خالصة، إلّانَخْلات فيها بيد امرأة يقال لها: «بنت يعلى مولى عليّ ابن أبي طالب عليه السلام».

وعمل عليّ عليه السلام أيضاً بِيَنْبُع «البغيبغات» وهي عيون منها عين يقال لها «خيف(3) الأراك».

ومنها عين يقال لها «خيف ليلى».

ومنها عين يقال لها «خيف بسطاس» فيها خليج من النخل مع العين.


1- عين أبي نَيْزر- بفتح النون وسكون المثنّاة وبفتح الزاي: مِن صدقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وهي عين كثيرة النخل غزيرة الماء. وأبو نيزر الذي تنسب إليه العين: مولى لعليّ عليه السلام، وقد كان ابناً للنجاشي الذي هاجر إليه المسلمون، اشتراه عليّ عليه السلام وأعتقه مكافأة لأبيه. انظر: معجم البلدان 4: 175، وفاء الوفاء 2: 263 و 347.
2- إلى هنا وردت في وفاء الوفاء 4: 1271.
3- الخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن المسيل. انظر: الفائق 1: 349، معجم البلدان 2: 412.

ص: 48

وكانت البغيبغات ممّا عمل عليّ عليه السلام وتصدّق به، فلم تزل في صدقاته حتّى أعطاها حسينُ بن عليّ عبدَ اللَّه بن جعفر بن أبي طالب، يأكل ثمرها، ويستعين بها على دينه ومؤونته على ألّا يُزَوِّج ابنته يزيدَ بن معاوية بن أبي سفيان.

فباع عبد اللَّه تلك العيون من معاوية، ثمّ قبضت حتّى ملك بنو هاشم الصوافي، فكلَّم فيها عبد اللَّه بن حسن بن حسن أبا العبّاس- وهو خليفة- فردّها في صدقة عليّ عليه السلام، فأقامت في صدقته حتّى قبضها أبو جعفر في خلافته، وكلَّم فيها الحسنُ ابن زيد المهديَّ حين استخلف وأخبره خبرها، فكتب إلى زفر ابن عاصم الهلاليّ- وهو والي المدينة- فردّها مع صدقات عليّ عليه السلام.

ولعليّ عليه السلام أيضاً ساقي على عين يقال لها: «عين الحدث» بِيَنْبُع.

وأشرك على عين يقال لها: «العصيبة» موات بِيَنْبُع.

وكان له أيضاً صدقات بالمدينة: «الفقيرين» بالعالية.

و «بئر الملك» بقناة.

و «الأدبية» بالإضم(1).

فسمعت أنّ حسناً أو حسيناً ابن عليّ باع ذلك كلّه فيما كان من حربهم، فتلك الأموال اليوم متفرّقة في أيدي ناس شتّى.

ولعلي عليه السلام في صدقاته: «عين ناقة» بوادي القرى يقال لها: «عين


1- إضم: واد بالمدينة، وسمّي إضماً لانضمام السيول به واجتماعها فيه. انظر: معجم البلدان 1: 214، وفاء الوفاء 2: 247.

ص: 49

حسن» بالبيرة من العلا، كانت حديثاً من الدهر بيد عبد الرحمن بن يعقوب بن إبراهيم ابن محمّد بن طلحة التيميّ، فخاصمه فيها حمزة بن حسن بن عبيد اللَّه بن العبّاس ابن عليّ بولاية أخيه العبّاس بن حسن الصدقةَ حتّى قُضي لحمزة بها، وصارت في الصدقة.

وله بوادي القرى أيضاً عينٌ مواتٌ خاصمَ فيها أيضاً حمزة بن حسن بولاية أخيه العبّاس رجلين من أهل وادي القرى، كانت بأيديهما، يقال لهما «مصدر كبير مولى حسن بن حسن» و «مروان بن عبد الملك ابن خارست» حتّى قُضِيَ حمزة بها، فصارت في الصدقة.

ولعليّ عليه السلام أيضاً حقّ على «عين سكر».

وله أيضاً ساقي على عين بالبيرة، وهو في الصدقة.

وله بِحَرَّةِ الرجلاء(1) من ناحية شعب زيد وادٍ يدعى «الأحمر» شَطْرُه في الصدقة، وشطره بأيدي آل منّاع من بني عديّ، منحةً من عليٍّ، وكان كلّه بأيديهم حتّى خاصمهم فيه حمزة بن حسن، فأخذ منهم نصفه.

وله أيضاً بحرّة الرجلاء وادٍ يقال له: «البيضاء»، فيه مزارع وعفا(2)


1- حرّة الرجلاء: بديار بني القين بين المدينة والشام، سمّيت بذلك لأنّه يترجل فيها ويصعب المشي. انظر: وفاء الوفاء 2: 288، معجم ما استعجم 2: 436. وفي الصحاح 4: 1706: حرّة رجلاء: أرض مستوية كثيرة الحجارة، يصعب المشي فيها.
2- عفاء الأرض: ما ليس لمسلم ولا معاهد وليس به أثر لأحد، ويحتمل أن يكون «عفا» صفة للأرض العافية الأثر. انظر: الفائق للزمخشريّ 2: 379.

ص: 50

وهو في صدقته.

وله أيضاً بحرّة الرجلاء أربع آبُر(1) يقال لها: «ذات كمات» و «ذوات العشراء» و «قعين» و «معيد» و «رعوان»، فهذه الآبر في صدقته.

وله بناحية فدك وادٍ بين لابتَي(2) حرّة يدعى: «رعية» فيه نخل ووشل(3) من ماء يجري على سقا بزرنوق(4) فذلك في صدقته.

وله أيضاً بناحية فَدَك وادٍ يقال له: «الأسحن» وبنو فزارة تدّعي فيه ملكاً ومقاماً، وهو اليوم في أيدي ولاة الصدقة في الصدقة.

وله أيضاً بناحية فَدَك مال بأعلى حرّة الرجلاء يقال له:

«القصيبة»(5) كان عبد اللَّه بن حسن بن حسن عامَلَ عليه بني عُمَيْر مولى عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب على أنّه إذا بلغ ثمره ثلاثين صاعاً


1- جمع البئر، وهو من جموع القلّة. الحسني
2- اللابتان: تثنية لابة، وهي الحرّة. وقيل: هما حرّتا المدينة الشرقيّة والغربيّة. وقال الأصمعيّ: اللابة: الأرض التي ألبست الحجارة السود. انظر: الفائق 2: 128، معجم البلدان 5: 3.
3- الوشل- محرّكة: الماء القليل يتحلّب من جبل أو صخرة ولا يتّصل قطره. وقيل: لا يكون إلّامن أعلى الجبل. وقيل: اللفظ من الأضداد، ويطلق على الماء الكثير أيضاً. انظر: معجم البلدان 5: 377، القاموس المحيط 4: 64، أقرب الموارد 5: 774.
4- الزرنوق: حائط يوضع على رأس البئر، به خشبة معترضة وبكرة يستقى بها. انظر: النهاية لابن الأثير 2: 301، أقرب الموارد 2: 536.
5- القصيبة: وادٍ بين المدينة وخيبر وهو أسفل وادي الروم وما قارب ذلك. انظر: معجم البلدان 3: 84، وفاء الوفاء 2: 288.

ص: 51

بالصاع الأول فالصدقة على الثلث، فإذا انقرض بنو عُمَيْر فمرجعه إلى الصدقة.

فذلك اليوم على هذه الحال بأيدي ولاة الصدقة. [1: 221- 225]

نسخة كتاب صدقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام

[63] قال أبو غسّان: هذه نسخة كتاب صدقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام حرفاً بحرف، نسختها على نقصان هجائها وصورة كتابها، أخذتها من أبي، أخذها من حسن بن زيد:

هذا ما أمر به وقضى به في ماله عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين، ابتغاء وجه اللَّه ليولجني اللَّه به الجنّة، ويصرفني عن النار، ويصرف النار عنّي، يوم تَبيضُّ وجوهٌ وتسودّ وجوه.

أنّ ما كان لي بِيَنبع من ماء يعرف لي فيها وما حوله صدقة ورقيقها غير أنّ رباحاً وأبا نيزر وجبيراً أعتقناهم(1)، ليس لأحد عليهم سبيل، وهم مواليّ يعملون في الماء خَمْس حِجَجٍ، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهليهم.


1- العبارة كانت مصحّفة في الأصل، والمثبت عن وفاء الوفاء 2: 349.

ص: 52

ومع ذلك ما كان بوادي القرى، ثلثه مال ابني قطيعة(1)، ورقيقها صدقة.

وما كان لي بواد ترعة(2) وأهلها صدقة، غير أنّ زريقاً له مثل ما كتبتُ لأصحابه.

وما كان لي بإذنية(3) وأهلها صدقة.

والفقير لي(4) كما قد علمتم صدقة في سبيل اللَّه.

وأنّ الذي كتبت من أموالي هذه صدقة وجَبَ فعله حَيّاً أنا أو مَيّتاً، ينفق في كلّ نفقة أبتغي به وجه اللَّه من سبيل اللَّه ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطّلب، والقريب والبعيد، وأنّه يقوم على ذلك حسن بن عليّ، يأكل منه بالمعروف وينفق حيث يريه اللَّه في حلّ محلّل، لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يندمل من الصدقة(5) مكان ما فاته يفعل إن شاء اللَّه، لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبيع من الماء فيقضي به الدَّيْن فليفعل إن شاء، لا حرج عليه فيه، وإن شاء جعله يسير إلى ملك، وإن وَلَدَ عليّ وما لَهُم إلى حسن بن عليّ، وإن كان دار حسن غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها، فإنّه يبيع إن شاء، لا حرج عليه فيه، فإن بيع فإنّه يقسم منها ثلاثة أثلاث، فيجعل ثلثه في


1- قطيعة: هِبَة على سبيل الوقف أو غيره. مِن هامش الكتاب.
2- ترعة: واد يلقى أضم من القبلة. منه.
3- مرّ سابقاً بلفظ: «الأدبية» فلاحظ.
4- مرّ سابقاً بلفظ: «الفقيرين» فلاحظ.
5- أى يصلح منها. انظر: أقرب الموارد 2: 236.

ص: 53

سبيل اللَّه، ويجعل ثلثه في بني هاشم وبني المطّلب، ويجعل ثلثه في آل أبي طالب، وانّه يضعه منهم حيث يريه اللَّه.

وإن حدث بحسنٍ حدثٌ وحسينٌ حيٌّ، فإنّه إلى حسين بن عليّ، وأنّ حسين بن عليّ يفعلُ فيه مثل الذي أمرت به حَسَناً، له منها مثل الذي كتبت لحسن منها، وعليه فيها مثل الذي على حسن، وإنّ لبني فاطمة من صدقة عليّ مثل الذي لبني عليّ.

وإنّي إنّما جعلت الذي جعلتُ إلى ابنَي فاطمة ابتغاء وجه اللَّه وتكريم حُرْمَة محمّد، وتعظيماً وتشريفاً ورجاء بهما.

فإن حدث لحسن أو حسين حدث، فإنّ الآخر منهما ينظر في بني عليّ، فإن وجد فيهم من يرضى بهديه وإسلامه وأمانته فإنّه يجعله إن شاء، وإن لم ير فيهم بعض الذي يريد، فإنّه يجعله إلى رجل من ولد أبي طالب يرضاه.

فإن وجد آل أبي طالب يومئذٍ قد ذهب كبيرهم وذوو رأيهم وذوو أمرهم، فإنّه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم، وإنّه يشترط على الذي يجعله إليه أن ينزل الماء على أُصوله، ينفق تمره حيث أُمر به من سبيل اللَّه ووجهه، وذوي الرحم من بني هاشم، وبني المطّلب، والقريب والبعيد، لا يُبَعْ منه شي ء، ولا يوهب ولا يُورث.

وإنّ مال محمّد على ناحية، ومال ابنَي فاطمة ومال فاطمة إلى ابنَيْ فاطمة.

وإنّ رقيقي الذين في صحيفة حمزة الذي كتب لي عُتَقاء،

ص: 54

فهذا ما قضى عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين في أمواله هذه الغد من يوم قدم مسكن(1) أبتغي وجه اللَّه والدار الآخرة، واللَّه المستعان على كلّ حال.

ولا يحلّ لامرئٍ مسلم يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يقول في شي ء قبضته في مال، ولا يخالف فيه عن أمري الذي أمرت به عن قريب ولا بعيد.

أمّا بعدي [فإنّ](2) ولائدي اللاتي أطوف عليهنّ السبع عشرة منهنّ أُمّهات أولاد أحياء معهنّ، ومنهنّ من لا ولد لها، فقضائي فيهنّ إن حَدَث لي حَدَثٌ: أنّ من كان منهنّ ليس لها ولد، وليست بِحُبلى، فهي عتيقةٌ لوجه اللَّه، ليس لأحد عليها سبيل، ومن كان منهنّ ليس لها ولد وهي حُبْلى، فتمسك على ولدها وهي من حَظّه، وأنّ من مات ولدها وهي حيّة، فهي عتيقة، ليس لأحد عليها سبيل.

فهذا ما قضى به عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين من ماله الغد من يوم قدم مسكن(3).

شهد أبو شمر بن أبرهة، وصعصعة بن صوحان، ويزيد بن قيس، وهياج ابنُ أبي هياج.

وكتب عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين بيده، لِعَشرة خَلَون من جُمادى


1- كذا في الكافي 7/ 51 وفي الأصل «مكر».
2- زيادة يقتضيها السياق.
3- في الأصل: «مال الغد من يوم مكر» وهو تصحيف كما مرّ.

ص: 55

الأُولى، سنة تسع وثلاثين(1). [1: 225- 228]

[64] حدّثنا ابن أبي خداش الموصليّ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، قال: لم تكن في صدقة عليّ إلّا: «شهد أبو هياج، وعبيد اللَّه(2) بن أبي رافع، وكتبَ...». [1: 228]

[65] حدّثنا زهير بن حرب، قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة، عن ضمر(3) مولى العبّاس، قال: كتبَ عليّ في وصيّته: إنّ وصيّتي إلى أكبر ولدي غير طاعن عليه في فرج ولا بطن(4). [1: 228]

[66] حدّثنا عارم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدّثنا حمّاد بن


1- رواه الكلينيّ بتفاوت يسير في الكافي 7: 49- 51 عن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: بعث إليّ أبو الحسن موسى عليه السلام بوصيّة أمير المؤمنين عليه السلام، الخ. ورواه الطوسيّ في تهذيب الأحكام 9: 146- 148 عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن الحجّاج. وأورده ابن حيّون في دعائم الإسلام 2: 341- 343 ح 1284.
2- في الأصل: «عبد اللَّه»، والصواب ما أُثبت كما مرّ.
3- أورد فهيم محمّد شلتوت في هامش الكتاب: «كذا في الأصل، ولعلّه صباح مولى العبّاس بن عبد المطّلب، كما في الإصابة 2: 168». [وفي الطبعة التي عندنا 3: 326] ولكنّه خطأ، والصحيح أنّ «ضمر» تصحيف عن «عمير» الذي مرَّ اسمه في الكتاب 1: 217، وفي المصادر أنّه كان مولىً لعبد اللّه بن العبّاس، ومات سنة أربع ومائة. وقال بعض: أنّه مولى أُمّ الفضل زوجة العبّاس. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5: 286، تهذيب الكمال 22: 382، الإصابة 5: 238.
4- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 307 عن جرير، عن مغيرة، عن قثم مولى ابن عبّاس. والبلاذريّ في أنساب الأشراف: 502 عن يوسف القطّان وشجاع بن مخلد، عن جرير.

ص: 56

سلمة، عن يونس بن عبيد، عن الوليد بن أبي هشام، أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أعتق عبيداً له، واشترط عليهم أن يعملوا في أرضه ستّ سنين. [1: 229]

[67] حدّثنا عارم وموسى، قالا: حدّثنا حمّاد، عن سعيد بن أبي الحكم، قال: أتيتُ المدينة فقرأتُ في وصيّة عليّ مثل هذا. [1: 229]

خبر المباهَلة

[68] حدّثنا الحزاميّ، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث بن سعد، عمّن حدَّثه، قال: جاء راهبا نجران إلى النبيّ صلى الله عليه و آله يعرض عليهما الإسلام، فقالا: إنّا قد أسلمنا قبلك.

فقال: كذبتما، إنّه يمنعكما من الإسلام ثلاث: عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وقولكما لِلّه وَلَدٌ.

فقال أحدهما: مَن أبو عيسى؟

فسكت النبيّ صلى الله عليه و آله، وكان لا يعجل حتّى يكون ربّه هو يأمره، فأنزل اللَّه عليه: «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ» حتّى بلغ: «فَلَا تَكُن مِنَ الْمُمْتَرِينَ»(1).

ثمّ قال تعالى فيما قال الفاسقان: «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ» إلى قوله: «فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ»(2).


1- آل عمران: 59- 60.
2- آل عمران: 61.

ص: 57

قال: فدعاهما النبي صلى الله عليه و آله إلى المباهلة، وأخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

فقال أحدهما للآخر: قد أنصفك الرجل، فقالا: لا نُباهِلُكَ. وأقرّا بالجزية وكرها الإسلام(1). [2: 583]

تسمية عمر بن عليّ بن أبي طالب

[69] حدّثنا عيسى بن عبد اللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال:

ولد لي غلام يوم قام عمر، فغدوت عليه فقلت له: ولد لي غلام هذه الليلة. فقال: ممّن؟

قلت: مِن التغلبيّة(2). قال: فهب لي اسمه. قلت: نعم.

قال: فقد سمَّيتُه باسمي، ونحلته غلامي موركاً.- قال: وكان نوبيّاً.

قال: فأعتقه عمر بن عليّ بعد ذلك، فولده اليوم مواليه. [2: 755]


1- رواه القاضي النعمان في شرح الأخبار 2: 341- 342 عن عبد اللَّه بن صالح البصريّ، بإسناده عن الحسن البصريّ. والواحديّ في أسباب النزول: 67 عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أحمد بن جعفر بن مالك، عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن حسين، عن حمّاد بن سلمة، عن يونس، عن حسن.
2- من بني تَغلب بن وائل أخي بكر بن وائل، بَطْنٍ من ربيعةَ بن نزار، واسمها الصهباء، وتَغْلِبُ، بكَسْرِ اللّام ويُفتَحُ عنْدَ النِّسبَةِ استيحاشاً لِتَوالي الكسرَتين مَعَ ياء النسب، وربّما قالوه بالكسر لأنّ فيه حرفين غير مكسورين ففارق النسبة إلى نَمِر بن قاسِطٍ عمَّ تَغلِب المذكور، لأنّ في نَمِرٍ حَرْفاً واحداً غير مَكْسُورٍ فلم يَنْسِبوا إليه بالكسر بَلْ بالفتح فقط على ما نقله بعض أئمّة اللغة. الحسني

ص: 58

تقسيم الخُمُسِ

[70] حدّثنا عيسى بن عبد اللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ، قال:

حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليه السلام قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقسم الخمس بين بني عبد المطّلب وبني عبد يغوث، ثمّ قسمه أبو بكر عليهم، وهو يسير، ثمّ قسمه عمر سنتين، ثمّ كلّم فيه عليّاً عليه السلام عامَ اشتدّت فيه حال المسلمين، فقال: أرفقونا به. فأرفقه.

فلمّا صار عليّ عليه السلام إلى منزله أرسل إليه العبّاس رضى الله عنه: أعطيتموه الخمس؟

قال: نعم.

قال: أمَ واللَّه لا يعطيكموه أحد حتّى يعطيكموه رجل نبيّ. [2: 645]

[71] حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: حدّثنا هاشم بن البريد، قال: حدّثنا حسين بن ميمون، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: اجتمعت أنا والعبّاس وفاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وزيد بن حارِثَةَ، عند رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فسأل العبّاس فقال: يا رسول اللَّه، كبرت سنّي ورقّ عظمي، وقد ركبني مؤونة، فإن رأيت أن تأمر لي بكذا وكذا وَسَقاً من طعام فافعل.

قال: فعل ذاك.

ثمّ قالت فاطمة: يا رسول اللَّه، أنا منك بالمنزل الذي قد علمت، فإن رأيتَ أن تأمر لي كما أمرت لِعَمّك فافعل.

قال: قد فعل ذاك.

ص: 59

ثمّ قال زيد بن حارثة: يا رسول اللَّه، كنت أعطيتني أرضاً أعيش فيها، ثمّ منعتها منّي، فإن رأيت أن تردّها عليَّ.

قال: فعل ذاك.

قال: فقلت أنا: يا رسول اللَّه، إن رأيت أن توليني حقّنا من الخمس في كتاب اللَّه فاقسمه في حياتك لئلّا ينازعنيه أحد بعدك فافعل.

قال: قد فعل ذاك.

ثمّ إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله التفت إلى العبّاس فقال: يا أبا الفضل، ألا سألتني الذي سألني ابن أخيك؟

فقال: يا رسول اللَّه، انتهت مسألتي إلى الذي سألتك.

قال: فولّانيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بقسمته حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ثمّ ولاية أبي بكر، فقسمته حياة أبي بكر، ثمّ ولاية عمر، فقسمته حياة عمر.

حتّى كانت آخر سنة من سِنيّ عمر، فإنّه أتاه مالٌ كثير فعزلَ حقَّنا، ثمّ أرسل إليّ فقال: هذا حقّكم فَخُذه فاقسمه حيث كنت تقسمه.

فقلت: يا أمير المؤمنين، بنا عنه العامَ غَناءٌ، وبالمسلمين إليه حاجة.

فردَّه عليهم تلك السنة.

ثمّ لم يدعني إليه أحدٌ بعد عمر حتّى قمتُ مقامي هذا.

فلقيتُ العبّاس بعد ما خرجت من عند عمر، فقال: يا عليّ، لقد حرمتنا الغداة شيئاً لا يردّ علينا أبداً إلى يوم القيامة. وكان رجلًا ذاهباً(1). [2: 645- 647]


1- رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 1: 446- 447 عن أبي أحمد، عن عليّ ابنِ محمّد الحذّاء، عن محمّد بن عبيد، عن هاشم بن البريد. وابن حنبل في المسند 1: 84 عن محمّد بن عبيد. وأبو يعلى في المسند 1: 299 ح 364 عن أبي خيثمة، عن محمّد. وانظر: السنن الكبرى للبيهقيّ 6: 343- 344، تهذيب الكمال 6: 490.

ص: 60

تعيين مبدأ التاريخ باقتراح عليّ عليه السلام

[72] حدّثنا هارون بن معروف، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمّد، قال: أخبرني عثمان بن عبيد اللَّه، قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: جمع عمر المهاجرين والأنصار فقال: متى نكتب التاريخ؟

فقال له عليّ بن أبي طالب عليه السلام: منذ خرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من أرض الشرك يعني يوم هاجر. فكتب ذلك عمر(1). [2: 758]

من قضاء أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

[73] حدّثنا...(2) عن أبيه، قال: دُفِعَت إلى عمر امرأة ولدت لستّة أشهر، فهَمَّ برجمها، فبلغ ذلك عليّاً عليه السلام فقال: ليس عليها رجم؛ قال اللَّه: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ»(3). وقال: «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً»(4). فحولين


1- رواه البخاريّ في التاريخ الكبير 1: 9 عن عبد اللَّه بن عبد الوهّاب، عن عبد العزيز ابن محمّد. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 1: 43 عن ابن السمرقنديّ، عن عمر بن عبد اللَّه بن عمر، عن ابن بُشران، عن عثمان بن أحمد، عن حنبل، عن هارون بن معروف.
2- هُنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار ثُلثي سطر.
3- البقرة: 233.
4- الأحقاف: 15.

ص: 61

كاملين(1) وستّة أشهر ثلاثون شهراً.

قال: ثمّ ولدت مرّة أُخرى على حالها ذلك(2). [3: 979]

[74] حدّثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، قال: حدّثنا يزيد ابنُ عبد اللَّه، عن بعجة بن عبد اللَّه بن بدر، قال: كانت امرأة منّا تحت رَجُل منّا، فولدت لستّة أشهر فَدُفعت إلى عثمان فأمر بها أن تُرْجَم، فدخل عليه عليّ عليه السلام فقال: إنّ اللَّه يقول: «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً».

فبعث خَلْفها فلم يُدركها إلّاوقد رُجمت! وكان فيما تقول لأُختها: لا تحزني، فو اللَّه، ما كشف عنّي رجلٌ قطّ غيرُه. فلمّا شَبَّ الغلامُ كان أشبه الناس به، واعترف به. قال: فلقد رأيتُه يتقطّع عُضواً عُضواً.

[3: 979- 980]

[75] حدّثنا عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال:

حدّثنا الحجّاج، عن الحكم بن عُيَينَة(3)، عن يحيى بن جعدة: أنّ أعرابيّاً قدم المدينة بِحَلُوبَة له، فساومه مولىً لعثمان بن عفّان فنازعه


1- كذا ولعلّه على الحكاية، والظاهر: فحولان كاملان.
2- أخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 7: 442 عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن محمّد ابن يعقوب، عن يحيى بن أبي طالب، عن شجاع بن الوليد، عن ابن أبي عروبة، عن داود بن أبي القصّاف، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤليّ. وانظر: المناقب للخوارزميّ: 94- 95، كشف الغمّة 1: 115- 116، الدرّ المنثور 1: 288.
3- ورد في الأصل: «عن الحكم عن عيينة» مُحَرَّفاً.

ص: 62

فلطمَه لطمةً فقأ عينَه، فقال له عثمان: هل لك أن أُضَعِّفَ لك الدية وتَعفُوَ عنه؟ فقال: لا واللَّه، لا يتحدَّث قومي أن أخذتُ لعيني أرشاً.

فرفعهما إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فدعا عليّ عليه السلام بمرآة فأحماها ووضع القطن على عينه الأُخرى، ثمّ أخذ المرآةَ بِكَلْبَتَيْن، ثمّ أدناها مِن عينه حتّى سالَ إنسانُ عينه. [3: 980]

من أخبار الخلفاء عهد أبي بكر إلى عمر واستخلافه إيّاه

[76] عن عائشة، قالت: كان عثمان يكتب وصيّة أبي بكر، فأُغمي على أبي بكر، فجعل عثمان يكتب فكتب عمر، فلمّا أفاق قال: ما كتبتَ؟

قال: كتبتُ عمر. قال: كتبتَ الذي أردتُ أن آمرك به، ولو كتبتَ نفسك لكنت لها أهلًا(1). [2: 667]

[77] عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: كتب عثمان عهد الخليفة بعد أبي بكر، وأمره أن لا يسمّي أحداً، وترك اسم الرجل، فأُغمي


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 489 عن عفّان، عن سعيد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عائشة. وانظر: الطبقات الكبرى 3: 200، تاريخ مدينة دمشق 30: 411، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 163.

ص: 63

على أبي بكر إغماءة، فأخذ عثمان العهد فكتب فيه اسم عمر. قال:

فأفاق أبو بكر فقال: أرني العهد. فإذا فيه اسم عمر، قال: من كتب هذا؟ فقال عثمان: أنا.

فقال: رحمك اللَّه وجزاك خيراً، فواللَّه لو كتبت نفسك لكنتَ لذلك أهلًا(1). [2: 667]

[78]... وسمع بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربّك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟!(2)... [2: 668]

[79] عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن الحارث الياميّ، قال:

لمّا حضرت أبا بكر الوفاةُ بعث إلى عمر يستخلفه، فقال الناس:

استخلفَ علينا فظّاً غليظاً، لو قد ملكنا كان أفظّ وأغلظ.

فماذا تقول لربّك إذا لقيته وقد استخلفتَ علينا عمر؟!(3) ... [2: 671]


1- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 185 عن ابن البنّاء، عن ابن الفرّاء، عن أبي القاسم عبيد اللَّه الدقاق، عن إسماعيل الصفّار، عن الحسن بن عرفة، عن شبابة بن سوار الفزاريّ، عن عبد العزيز الماجشون، عن زيد بن أسلم.
2- انظر: الطبقات الكبرى 3: 199، تاريخ مدينة دمشق 30: 411، أُسد الغابة 4: 69.
3- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 485، و 8: 574 عن وكيع وابن إدريس، عن خالد. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 30: 413 عن محمّد بن الفضل وأبي عثمان الصابونيّ، عن أبي بكر الشيبانيّ، عن الحسن بن الحسين بن منصور، عن محمّد الفرّاء، عن يعلى بن عبيد، عن إسماعيل.

ص: 64

كيفيّة إسلام عمر

[80] قال [محمّد بن سعد]: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: أخبرنا القاسم بن عثمان البصريّ، عن أنس بن مالك، قال: خرج عمر متقلّداً السيف، فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تَعْمِدُ يا عمر؟

فقال: أُريد أن أقتل محمّداً.

قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلتَ محمّداً؟!

قال: فقال عمر: ما أراك إلّاقد صبوتَ وتركتَ دينك الذي أنت عليه!

قال: أفلا أدُلّك على العجب يا عمر؟! إنّ خَتنك وأُختك قد صَبَوَا وتركا دينك الذي أنتَ عليه. قال: فمشى عمر ذامِراً حتّى أتاهما، وعندهما رجل من المهاجرين يقال له: خَبّاب(1). قال: فلمّا سمع خَبّاب حِسَّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهَينمة(2) التي سمعتُها عندكم؟

قال: وكانوا يقرأون «طَاها»، فقالا: ما عدا حديثاً تحدّثناه بيننا.

قال: فلعلّكما قد صبوتما! قال: فقال له خَتَنُه: أرأيتَ يا عمر إن كان الحقّ في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على خَتنه فَوَطِئَهُ وَطْأً شديداً، فجاءت أُخْتُه فدفعته عن زوجها، فنفحها بيده نفحةً فدَمَّى


1- هو: أبو عبد اللَّه خبّاب بن الأرَتّ، توفّي سنة 37 للهجرة. انظر: الطبقات الكبرى 3: 164، أُسد الغابة 2: 98، الإصابة 2: 221.
2- الهينمة: الصوت الخفيّ. انظر: الصحاح 5: 2062.

ص: 65

وجهها، فقالت- وهي غضبى: يا عمر، إن كانَ الحقُّ في غير دينك! أشهد أن لا إله إلّااللَّه، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه.

فلمّا يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأَقْرأه- قال: وكان عمر يقرأ الكتب. فقالت أُخته: إنّك رجس، و «لَايَمَسُّهُ إلَّاالمُطَهَّرُونَ»(1). فَقُمْ فاغتسل أو توضّأ.

قال: فقام عمر فتوضّأ ثمّ أخذ الكتاب، فقرأ «طهَ» حتّى انتهى إلى قوله: «إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَاإِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي»(2). قال: فقال عمر: دُلُّوني على محمّد.

فلمّا سمع خبّابُ قولَ عمر خرج من البيت فقال: أبْشِر يا عمر، فإنّي أرجو أن تكون دعوةُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لك ليلة الخميس: «اللّهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب أو بعمروْ(3) بنِ هِشام».

قال: ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله في الدار التي في أصل الصَّفا، فانطلق عمر حتّى أتى الدار. قال: وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأُناسٌ من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلمّا رأى حمزةُ وَجَلَ القومِ من عمر قال حمزةُ: نَعم فهذا عمر، فإن يُرِدِ اللَّهُ بعمرَ خيراً يُسْلِمْ ويَتَّبِعِ النبيّ صلى الله عليه و آله وإن يُرِدْ غير ذلك يكن قتله علينا هيِّناً.

قال: والنّبيّ صلى الله عليه و آله داخلٌ يُوحى إليه. قال: فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين


1- الواقعة: 79.
2- طه: 1- 14.
3- هوَ أبوجهل المخزوميّ عَدوّ اللَّه وعدوّ رسوله.

ص: 66

أتى عمرُ فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: أما أنتَ فتهيّأ يا عمر حتّى يُنْزِلَ اللَّهُ بك من الخِزْي والنكال ما أَنزل بالوليد بن المغيرة...

قال: فقال عمر: أشهدُ أنّك رسول اللَّه. فأسلم وقال: اخرُجْ يا رسول اللَّه(1). [2: 657- 659]

منزل عمر في الجاهليّة

[81] قال [محمّد بن سعد]: أخبرنا يزيد بن هارون وعفّان بن مسلم وعارم ابن الفضيل، قالوا: أخبرنا حمّاد بن زيد، قال: أخبرنا يزيد بن حازم، عن سليمان ابن يسار، قال: مَرَّ عمر بن الخطّاب بِضَجْنان(2) فقال: لقد رأيتُني وإنّي لأرعى على الخطّاب في هذا المكان، وكان- واللَّه ما علمت- فظّاً غليظاً، ثمّ أصبح إليَّ أمر أُمّة محمّد صلى الله عليه و آله. ثمّ قال متمثِّلًا:


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 267- 268. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 33- 34 عن أبي عبد اللَّه الفراويّ، عن أبي بكر البيهقيّ، عن أبي الحسين ابن بُشران، عن أبي جعفر الرزّاز، وبسند آخر عن أبي الفضل محمّد بن إسماعيل، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد الخزاعيّ، عن الهيثم بن كليب، عن محمّد بن عبيد اللَّه، عن إسحاق الأزرق. وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 177، و 12: 182- 183.
2- ضجنان: جبل بناحية مكّة على طريق المدينة. انظر: معجم ما استعجم 3: 856، معجم البلدان 3: 453.

ص: 67

لا شي ء فيما نرى إلّابشاشَتَهُ يبقى الإلهُ ويُودِي المالُ والولدُ(1)

ثمّ قال لبعيره: حَوْبَ(2)

. [2: 655- 656]

[82] قال [محمّد بن سعد]: أخبرنا سعيد بن عامر وعبد الوهّاب بن عطاء، قالا: أخبرنا محمّد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، قال: أقبلنا مع عمر بن الخطّاب قافلين من مكّة حتّى إذا كنّا بشِعاب ضَجْنان وقف الناس، فكان محمّد يقول:

مكاناً كثير الشجر والأشب(3).

قال: فقال: لقد رأيتُني في هذا المكان وأنا في إبل للخطّاب- وكان فظّاً غليظاً- أحتطبُ عليها مرّة وأختبطُ عليها أُخرى، ثمّ أصبحتُ اليوم يضرب الناسُ بجنباتي وليس فوقي أحد. قال: ثمّ تمثَّل بهذا البيت:

لا شي ء فيما نرى إلّابشاشَتَهُ يبقى الإله ويُودِيْ المالُ والولدُ(4)

[2: 656]


1- البيت لورقة بن نوفل ابن عمّ خديجة أُمّ المؤمنين مِن قصيدة مطلعها: لقد نصحت لأقوام وقلت لهم أنا النذير فلا يغزوكم أحد
2- الحَوب: زجر البعير ليمضي. انظر: كتاب العين 3: 309. والخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 266.
3- الأشب: شدّة التفاف الشجر حتّى لا مجاز فيه. انظر: كتاب العين 6: 292.
4- رواه ابن سعد كسابقه في الطبقات الكبرى 3: 267.

ص: 68

تسمية عمر بالفاروق

[83] قال [محمّد]: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح ابن كيسان، قال: قال ابن شهاب: بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل من قال لعمر: «الفاروق»، وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ذكر من ذلك شيئاً(1)... [2: 662]

أوّل مَن سمّى عمر أمير المؤمنين

[84] حدّثنا الحسن بن عثمان، قال: حدّثنا محمّد بن حرب الأبرش، قال: حدّثنا محمّد بن الوليد الزبيديّ، عن الزهريّ، قال: أوّل من سمّى عمر «أميرَ المؤمنين» المغيرةُ بن شُعبة(2). [2: 677]

[85] حدّثنا الحسن بن عثمان، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن جويبر، عن الضحّاك، قال: لمّا مات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قالوا لأبي بكر: خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلمّا مات أبو بكر قالوا لعمر: خليفة خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فقال عمر: إنّ هذا لكثير؛ فإذا متُّ أنا فقام رجل مقامي قلتم:

خليفة [خليفة] خليفة رسول اللَّه! أنتم المؤمنون وأنا أميركم. فهو


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 270 بإسنادنا. وعنه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 267، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 51. وانظر: المنتخب مِن ذيل المذيّل: 11، أُسد الغابة 4: 57.
2- انظر: أُسد الغابة 4: 71.

ص: 69

سَمّى نفسه(1). [2: 678]

مِن مواقف عمر مع أُبي

[86] حدّثنا...(2) وأحمد بن معاوية، قال: حدّثنا أبو الفتح الرقّيّ، عن ميمون ابن مهران، قال: قرأ أُبيّ: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا»(3). فقال عمر: هكذا تقرؤها يا أُبيّ؟ ثمّ أعاد عليه، فقال: وهكذا أنزلها اللَّه؟

حتّى غضب أُبيّ فقال: نعم هكذا أنزلها، لم يستأمر فيها عمر ولا ابنه!

فقال عمر: اللّهمّ غَفْراً، إنّي رجل قد دخل الناسَ منّي هيبة، فأنا أخاف أن أكونَ قد آذيت مسلماً. [2: 682- 683]

[87] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا صدقة أبو سهل الهنائيّ، قال: حدّثني أبو عمرو الجمليّ، عن زاذان: أنّ عمر خرج من المسجد فإذا جمع على رجل، فسأل: ما هذا؟

قالوا: هذا أُبيّ بن كعب كان يحدّث الناس في المسجد، فخرج الناس يسألونه.


1- رواه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 277 بتفاوت عن أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ، عن أُمّ عمرو بنت حسّان الكوفيّة، عن أبيها. وراجع: الطبقات الكبرى 3: 281.
2- هنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمتين.
3- الأحزاب: 58.

ص: 70

فأقبل عمر حرداً فجعل يعلوه بالدِّرّة خفقاً، فقال: يا أمير المؤمنين، انظر ما تصنع؟ قال: فإنّي على عمد أصنع، أما تعلم أنّ هذا الذي تصنع فتنة للمتبوع مذلّة للتابع(1)؟! [2: 691]

[88] حدّثنا يحيى بن سعيد ومحمّد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال عمر: أقضانا عليّ، وأقرؤنا أُبيّ، وإنّا لندع كثيراً ممّا يقول أُبيّ، وإنّه يقول: أخذته مِن في رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ولا أدع شيئاً سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، واللَّه يقول: «مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا»(2). [2: 706]

[89] حدّثنا أبو مطرف ابن أبي الوزير، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن بَجالة، قال: مرّ عمر بغلام معه مصحف وهو يقرأ: «النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ»(3) وهو أبٌ لهم.

فقال عمر: يا غلام حكّها.

فقال: هذا مصحف أُبيّ بن كعب.

فذهب إلى أُبيّ فقال: ما هذا؟


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 6: 213، و 7: 259 بتفاوت عن ابن إدريس، عن هارون ابن عنترة، عن سليم بن حنظلة.
2- البقرة: 106. والخبر رواه ابن حنبل في المسند 5: 113 عن وكيع، عن سفيان. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 42: 402 بإسناده إلى ابن عبّاس.
3- الأحزاب: 6.

ص: 71

فنادى أُبيّ بأعلى صوته: إن كان يشغلني القرآن، وكان يشغلك الصفق بالأسواق! فمضى عمر(1). [2: 708]

[90] حدّثنا فهر بن أسد، قال: حدّثنا ثابت أبو زيد، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز: أنّ أُبيّاً قرأ: «مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ»(2).

فقال عمر: كذبت. فقال أُبيّ: بل أنت أكذب. فقال له رجل:

أتكذّب أمير المؤمنين؟ فقال: أنا أشدّ تعظيماً لأمير المؤمنين منكم، ولكنّي أُكذّبه في تصديق اللَّه، ولا أُصدّقه في تكذيب كتاب اللَّه(3). [2: 709]

[91] حدّثنا محمّد بن الصباح، قال: حدّثنا هشيم، قال: حدّثنا مغيرة، عن إبراهيم، عن خرشة بن الحرّ، قال: رأى معي عمر بن الخطّاب لوحاً مكتوباً فيه: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»(4). فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت: أُبيّ بن كعب.


1- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 7: 69 عن أبي نصر ابن قتادة، عن أبي منصور النضرويّ، عن أحمد بن نجدة، عن سعيد بن منصور، عن سفيان. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 7: 338- 339 بإسناده عن البيهقيّ. وانظر: سير أعلام النبلاء 1: 397، الدرّ المنثور 5: 183.
2- المائدة: 107.
3- رواه ابن عديّ في الكامل 1: 47 عن محمّد بن يحيى بن الحسين العميّ البصريّ، عن كثيربن يحيى، عن ثابت بن زيد. وانظر: الدرّ المنثور 2: 344.
4- الجمعة: 9.

ص: 72

فقال: إنّ أُبيّاً كان أقرأنا للمنسوخ، اقرأها: «فامضوا إلى ذكر اللَّه»(1).

[2: 711- 712]

[92] حدّثنا عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد ابن هلال، قال: قال عمر لِرَهط فيهم أُبيّ بن كعب: اتْلُ هذه الآية- قال: آية المواريث. قال: فجعل الرجل يتلوها، فإذا فرغ قال له عمر: كذبت. فيسكت، ثمّ يقول لآخر: اتْلُها. فإذا تلاها قال له:

كذبت.

حتّى أتى على أُبيّ بن كعب، فقال له: اتْلُها. فتلاها، فقال عمر:

كذبت. فقال أُبيّ: لا، بل كذبتَ! فبكى عمر عند ذلك وقال: إنّما نظرت هل بقي أحد يُنْكِرُ مُنْكَراً؟! [2: 773]

[93] حدّثنا عثمان بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد، عن أبي قبيصة، عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، قال: قال ابن عبّاس رضى الله عنه: قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، إنّ أُبيّاً يزعم أنّكم تركتم آية من كتاب اللَّه لم تكتبوها!

قال: أما واللَّه لأسألنّ أُبيّاً فإن أنكر لَتُنكِرَنّي. فلمّا أصبح غدا على أُبيّ، فقال له ابن عبّاس رضى الله عنه: أُبيّاً تريد؟ قال: نعم. فانطلق معه، فدخلا على أُبيّ، فقال: إنّ هذا يزعم أنّك تزعم أنّا تركنا آيةً من كتاب اللَّه لم نكتبها! فقال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «لو أنّ لابن آدم مِل ء


1- انظر: فتح الباري 8: 492، الدرّ المنثور 6: 219.

ص: 73

وادٍ ذهباً ابتغى إليه مثله، ولا يملأُ جوف ابن آدم إلّاالتراب، واللَّه يتوب على مَن تاب». قال عمر: أفتكتبها؟ قال: لا آمرك. قال: أفتدعها؟

قال: لا أنهاك.

قال: كان إثباتك- أوّلًا- من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟ أم قرآن منزل؟! [2: 706- 707]

[94] حدّثنا معاذ بن شبّة بن عبيدة، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن الحسن: قرأ عمر: «والسابقون الأوّلون من المهاجرين والذين اتّبعوهم بإحسان». فقال أُبيّ: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ»(1).

فقال عمر: «والسابقون الأوّلون من المهاجرين والذين اتّبعوهم بإحسان». وقال عمر: أشهد أنّ اللَّه أنزلها هكذا.

فقال أُبيّ: أشهد أنّ اللَّه أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيه الخطّاب ولا ابنه.

[2: 707]

[95] حدّثنا فضل بن عبد الوهّاب، قال: حدّثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، قال: قال عمر: أقرأُنا أُبيّ، وإنّا لندع كثيراً من لحن أُبيّ. [2: 712]

مشاجرة عمر وعثمان بن حنيف

[96] حدّثنا ميمون بن الأصبغ، قال: حدّثنا الحكم بن نافع، قال:


1- التوبة: 100.

ص: 74

حدّثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ، قال: أخبرني عمر بن عبدالعزيز من حديث نوفل بن مُساحِق: أنّه تناجى عمر بن الخطّاب وعثمان بن حنيف في المسجد، والناس يحيطون بهما لا يسمع نجواهما منهم أحد، فلم يزالا يتحدّثان في الرأي حتّى أغضب عثمانُ عمر في بعض ما تكلّموا به، فقبض عمر من حصى المسجد قبضةً فحصب بها وجه عثمان، فشجّه بالحصى في وجهه آثاراً من شجاج.

فلمّا رأى عمر كثرة تسرُّب الدم على لحيته قال: أمسك عنك الدمَ(1)... [2: 691- 692]

عمر يضرب الناس بالدِّرَّة

[97] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن زيد ابن أسلم، عن أبيه، قال: كان عمر إذا بعثني إلى أحد من ولده قال لي: لا تخبره لم بعثتك إليه، فلعلّ الشيطان يعلمه كذبة.

فجاءت أُمّ ولد لعبد الرحمن فقالت: إنّ أبا عيسى لا ينفق عليّ ولا يكسوني. قال: ويحك من أبو عيسى؟ قالت: ابنك عبد الرحمن. فقال:

وهل لعيسى من أب؟!

قال: فأرسلني إليه، وقال: قل له: «أجب»، ولا تخبره لأيّ شي ء دعوته. قال: فأتيته وعنده ديك ودجاجة هنديّان، فقلت له: أجب


1- رواه الباغنديّ في مسند عمر بن عبد العزيز: 102 عن إسحاق بن سويد، عن ابن أبي أويس، عن أخيه، عن نوفل بن مساحق.

ص: 75

أباك أمير المؤمنين. قال: وما يريد منّي؟ قلت: لا أدري.

قال: إنّي أعطيك هذا الديك والدجاجة على أن تخبرني ما يريد منّي. فاشترطت أن لا يخبر عمر وأخبرته، وأعطاني الديك والدجاجة.

فلمّا جئت عمر قال لي: أخبرته؟ فواللَّه ما استطعت أن أقول:

«لا»، فقلت: نعم. قال: أرشاك شيئاً؟ قلت: نعم. قال: ما رشاك؟

قلت: ديكاً ودجاجة.

فقبض بيده اليسرى على يدي، فجعل يضربني بالدِّرة وجعلت أندو(1)، وجعل يضربني وأنا أندو. فقال: إنّك لَجدير.

ثمّ جاء عبد الرحمن، فقال: هل لعيسى من أبٍ يكتنى أبا عيسى؟! هل لعيسى من أب؟ أما تدري ما كُنَى العرب: أبو سلمة، أبو حنظلة، أبو عُرْفُطة، أبو مرّة(2)؟! [2: 752- 753]

[98] حدّثنا خلف بن الوليد، قال: حدّثنا المبارك، عن الحسن البصريّ: أنّ عمر كان قاعداً وفي يده الدِّرَّة والناس عنده، فأقبل الجارود، فلمّا أتى عمر قال له رجل: هذا سيّد ربيعة. فسمعها عمر وسمعها الجارود وسمعها القوم، فلمّا دنا الجارود مِن عمر خفقه بالدرّة


1- كذا، ولعلّه: أنده من نَدَهَ الرجل: صات. لاحظ المعجم الوسيط، ص 911.
2- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 8: 348- 349 عن ابن السمرقنديّ، عن ابن الطبريّ، عن محمّد بن الحسين القطّان، عن عبد اللَّه بن جعفر، عن يعقوب، عن الحجّاج، عن حمّاد بن سلمة.

ص: 76

على رأسه.

فقال الجارود: بسم اللَّه، مَهْ يا أمير المؤمنين!

قال: ذلك.

قال: أما واللَّه لقد سمعتها وسمعت ما قال الرجل. قال: فَمَهْ!

قال: خشيتُ أن يخالط قلبَك منها شي ءٌ فأحببتُ أن أُطأطئ منك(1). [2: 690- 691]

[99] حدّثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدّثنا المعافى بن عمران، عن المغيرة بن زياد الموصليّ، عن عديّ بن عديّ، عن ابن عمّ له، عن أبي عديّ- وكانت له صحبة- قال: كنّا جلوساً في المسجد فقام عمر بن الخطّاب، فقلنا: أين تنطلق يا أمير المؤمنين؟ قال: أنطلق إلى السوق أنظر إليها.

فأخذ دِرَّته فانطلق، وقعدنا ننتظره، فلمّا رجع قلنا: كيف رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت العبيد والموالي جُلَّ أهلها وما بها من العرب إلّاقليلًا. وكأنّه ساءَه ذلك. فقلنا: يا أمير المؤمنين، قد أغنانا اللَّه عنها بالفي ء، ونكره أن نركب الدناءة، وتكفينا موالينا وغلماننا.

قال: واللَّه لئن تركتموهم وإيّاها ليحتاجنّ رجالُكم إلى رجالهم ونساؤكم إلى نسائهم. [2: 747]


1- انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 73، و 18: 233.

ص: 77

غلظة عمر عند ما رأى النساء يبكين على موت رقيّة بنت النبيّ صلى الله عليه و آله

[100] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ ابن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال: لمّا ماتت رقيّة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون.

قال: وبكى النساء، فجعل عمر يضربهنّ بسوطه، فأخذ النبيّ صلى الله عليه و آله بيده وقال: دعهنّ يا عمر. وقال: وإيّاكنَّ ونعيق الشيطان؛ فإنّه مهما يكن من العين والقلب فمن اللَّه ومن الرحمة، ومهما يكن من اللسان ومن اليد فمن الشيطان.

قال: فبكت فاطمة عليها السلام على شفير القبر، فجعل النبيّ صلى الله عليه و آله يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه.

قال أبو زيد ابن شبَّة: فقد روي هذا، وروي خلافه(1). [1:

102- 103]


1- رواه الطيالسيّ في المسند: 351 عن حمّاد بن سلمة. وابن حنبل في المسند 1: 237 عن يزيد، عن حمّاد بن سلمة، وأخرجه أيضاً في 1: 335 بطريق آخر. ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 398 عن يزيد بن هارون وعفّان بن مسلم وسليمان بن حرب كلّهم عن حمّاد بن سلمة. وأورده العسقلانيّ في الإصابة 8: 138، وقال: قال الواقديّ: هذا وَهم، ولعلّها غيرها من بناته، لأنّ الثبت أنّ رقيّة ماتت بِبَدر، أو يحمل على أنّه أتى قبرها بعد أن جاء من بدر.

ص: 78

ما روي في جمع القرآن عن عمر

[101] حدّثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرني عمر بن طلحة الليثيّ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: أراد عمر أن يجمع القرآن فقام في الناس فقال: من كان تلقَّى من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله شيئاً من القرآن فليأتنا به.

وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعُسُب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتّى يَشْهد شهيدان، فَقُتل عمر قبل أن يجمع ذلك إليه(1).

[2: 705] [102] حدّثنا هارون بن عمر الدمشقيّ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن إسماعيل بن عيّاش، عن عمر بن محمّد، عن أبيه، قال: جاءت الأنصار إلى عمر فقالوا: نجمع القرآن في مصحف واحد؟

فقال: إنّكم أقوام في ألسنتكم لَحْن، وإنّي أكره أن تُحْدِثوا في القرآن لحناً. فأبى عليهم. [2: 705- 706]

[103] حدّثنا يعقوب بن إسحاق الحضرميّ، قال: حدّثنا جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد اللَّه بن معقل بن معاوية، قال: قال عمر: لا يُمْلينا في مصاحفنا إلّافتيان قريش وثقيف. [2: 706]


1- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 16: 365 عن أبي بكر ابن المزرفيّ، عن ابن المسلمة، عن أبي عمرو الآدميّ، عن عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث، عن أبي الطاهر، عن عبد اللَّه ابن وهب. وراجع: الدرّ المنثور 3: 296.

ص: 79

ويقال: إنّ نافع بن طريف بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف كان كتبَ المصحف لعمر بن الخطّاب(1). [2: 711]

قول عمر في: صلاة التراويح بدعةَ ونعمت البدعة!

[104] حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: حدّثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب، عن نوفل بن أبي إياس الهذليّ، قال: كان الناس يقومون في رمضان في المسجد فِرَقاً، فكانوا إذا سمعوا قارئاً حسن الصوت مالوا إليه، فقال عمر: قداتّخذوا القرآن أغاني، واللَّه لئن استطعتُ لأُغيّرنّ هذا. فلم يمكث إلّاليالي حتّى جمع الناس على أُبيّ بن كعب، وقال: كانت هذه بدعةً فنعم البدعة(2). [2: 715]

[105] حدّثنا موسى بن مروان الرقّيّ، قال: حدّثنا محمّد بن حرب الخولانيّ، عن الأوزاعيّ، قال: حدّثني الزهريّ، عن عروة بن الزبير ابن العوّام، قال: خرج عمر ليلة في رمضان والناس يصلّون أوزاعاً(3)، فقال: لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد كان خيراً. ثمّ جمعهم على أُبيّ ابن كعب، وقال: نِعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون- يريد آخر الليل-(4). [2: 715]


1- انظر: الإصابة 6: 321.
2- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5: 59 عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب.
3- أيْ مُتَفَرِّقِينَ.
4- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 287 عن شبابة، عن ليث بن سعد، عن الزهريّ. وانظر: المصنَّف لعبد الرزّاق 4: 259، صحيح ابن خزيمة 2: 155.

ص: 80

[106] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة: أنّ عمر دخل المسجد ليلة في رمضان والناس قد اجتمعوا، فقيل: اجتمعوا للصلاة. فقال: بدعة ونعمت البدعة.

ثمّ قال لأُبيّ: صلّ بالرجال في هذه الناحية.

وقال لسليمان بن أبي حثمة: صلّ بالنساء في هذه الناحية. [2:

715- 716]

تحريم عمر متعة النساء وعلّته

[107] حدّثنا ابن أبي خداش الموصليّ، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن الأجلح، قال: سمعت أبا الزبير يقول: فيما يروى عن جابر ابن عبد اللَّه: تمتّع عمرو بن حُرَيث من امرأة بالمدينة فحملت، فأتى بها عمر فأراد أن يضربها، فقالت: يا أمير المؤمنين، تمتّع منّي عمرو بن حُرَيث. فقال: من شهد نكاحك؟ فقالت: أُمّي وأُختي. فقال عمر:

بغير وليّ ولا شهود!

فأرسل إلى عمرو بن حُرَيث فقام عليه فسأله. فقال: صدقَتْ.

فقال عمر للناس: هذا نكاح فاسد، وقد دخل فيه ما ترون. فرأى عمر أن يُحرّمه.

فقال أبو الزبير: فقلت لجابر: هل بينهما ميراث؟ قال: لا. [2: 716- 717]

ص: 81

[108] حدّثنا أيّوب بن محمّد الرقّيّ، قال: حدّثنا عثمان بن عبدالرحمن الحرّانيّ، عن زَمعَة بن صالح، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللَّه رضى الله عنه قال: استمتعت من النساء على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وزمن أبي بكر، ثمّ زمن عمر حتّى كان من شأن عمرو بن حريث.

فقال عمر: إنّا كنّا نستمتع ونفي، وإنّي أراكم تستمتعون ولا تفون، فانكحوا ولا تستمتعوا. [2: 717]

[109] حدّثنا محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدّث عن أبي نضرة، قال: كان ابن عبّاس رضى الله عنه يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكرت ذلك لجابر بن عبداللَّه، فقال: على يدي دارَ الحديث؛ تمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فلمّا قامَ عمر قال: إنّ اللَّه يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء، فإنّ القرآن قد نزل منازله، فأتمّوا الحجّ والعمرة كما أمركم اللَّه، وأتمّوا نكاح هذه النساء، ولن أُوتى برجل نكح امرأةً إلى أجل إلّارجمته بالحجارة(1). [2: 719- 720]

[110] حدّثنا عمّار، قال: حدّثنا همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر رضى الله عنه: لمّا ولي عمر خطب الناس، فقال: إنّ القرآن هو القرآن،


1- رواه مسلم في الصحيح 4: 38 عن محمّد بن المثنّى وابن بشّار، عن محمّد بن جعفر. والطيالسيّ في المسند: 247- 248 عن شعبة. وانظر: أحكام القرآن للجصّاص 2: 185، السنن الكبرى للبيهقيّ 5: 21، الدرّ المنثور 1: 216.

ص: 82

وإنّ الرسول هو الرسول، وإنّهما كانت متعتين(1) على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إحداهما متعة الحجّ والأُخرى متعة النساء، فافصلوا حجّكم عن عمرتكم، فإنّه أتمّ لحجّكم وأتمّ لعمرتكم، والأُخرى متعة النساء، فلا أوتى برجل تزوّج امرأة إلى أجل إلّاغيّبته في الحجارة. [2: 720]

[111] قال ابن عبّاس رضى الله عنه [عن نهي عمر]:... لولا نَهْيُ عمر عن المتعة ما زنى أحد. [2: 720]

نهي عمر عن بيع أُمّهات الأولاد

[112] حدّثنا عليّ بن عاصم، قال: أخبرني خالد وهشام، عن محمّد، عن عبيدة، قال:

قال عليّ عليه السلام: استشارني عمر في بيع أُمّهات الأولاد، فرأيتُ أَنْ يُبَعْنَ.

فقال عمر: لا، يستمتع بها صاحبها ما كان حيّاً، فإذا مات عتقت ولا تباع، فتابعت عمر، فلمّا صار الأمر إليّ عدت إلى قولي الأوّل...

[2: 730]

تعليم عمر البائعين أن يزيّنوا سلعهم

[113] حدّثنا أبو عاصم، عن عمران بن زائدة بن نشيط، قال:

حدّثني عمرو ابن قيس، قال: خرج عمر ومعه أبو ذرّ، فمرّ على مولى


1- كذا وَرَدَ، والوَجْهُ: مُتْعَتان. الحسني

ص: 83

له فقال: إذا نشرت ثوباً كبيراً فانشره وأنت قائم، وإذا نشرت ثوباً صغيراً فانشره وأنت قاعد.

فقال أبو ذرّ: اتّقوا اللَّه يا آل عمر.

فقال عمر: إنّه لا بأس أن تزيّن سلعتك بما فيها. [2: 748]

[114] حدّثنا محمّد بن بكّار، قال: حدّثنا حِبّان بن عليّ، عن مجالد ابن سعيد، عن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعريّ، عن أبيه، قال:

قدمت على عمر بن الخطّاب فخرجت معه إلى السوق، فمرّ على غلام له رَطّاب- يبيع الرطبة- فقال: كيف تبيع؟ انفش فإنّه أحسن للسوق.

قال: قلت: يا آل عمر لا تغرّوا الناس.

فقال: إنّما هي السوق، فمن شاء أن يشتري اشْتَرَى.

ثمّ مرّ على غلام له يبيع البرود، فقال: كيف تبيع؟ إذا كان الثوب صغيراً فانشره وأنت قاعد، وإذا كان كبيراً فانشره وأنت قائم، فإنّه أحسن للسوق.

قال: فقلت: يا آل عمر لا تغرّوا الناس.

فقال: إنّما هي السوق، فمن شاء أن يشتري اشترى. [2: 748]

نهى عمر للناس عن السؤال عن نسبه

[115] حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال:

حدّثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن مالك بن هدم أنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول: أيّها الناس،

ص: 84

تعلّموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم، ولا يسألني أحدٌ ما وراء الخطّاب(1). [3: 797- 798]

استرجاعُ عمر ما أقطعه النبيّ صلى الله عليه و آله لبلال

[116] حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا مَن نَثِقُ به من آل حزم وغيرهم: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أقطعَ بلال بن الحارث المُزَنِيّ العَقِيْقَ، وكتب له فيه كتاباً نسخته:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

هذا ما أعطى محمّد رسول اللَّه بلال بن الحارث، أعطاه من العقيق ما أَصلح فيه معتملًا. وكتبَ: معاوية.

قال: فلم يعتمل بلال في العقيق شيئاً. فقال له عمر بن الخطّاب في ولايته: إن قَوِيتَ على ما أعطاك رسول اللَّه من معتمل العقيق فاعتمله، فما اعتملت فهو لك كما أعطاكه، فإن لم تعتمله قطّعتُه بين الناس ولم تحجره عليهم. فقال بلال: أتأخذ منّي ما أعطاني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

فقال له عمر: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد اشترط عليك فيك شرطاً.

فقطّعه عمر بين الناس، ولم يعمل فيه بلال شيئاً، فلذلك أخذه عمر منه(2). [1: 149- 150]


1- رواه الطبريّ الشيعيّ في المسترشد 326- 327 عن محمّد بن فضيل، عن ابن لهيعة.
2- ورد كتاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله بتفاوت يسير في المستدرك للحاكم 3: 517 عن عبد اللَّه بن جعفر بن درستويه الفارسيّ، عن يعقوب بن سفيان، عن عبد العزيز الأويسيّ، عن حميد بن صالح، عن الحارث وبلال ابنَي يحيى. وانظر: مسند أحمد 1: 306، سنن أبي داود 2: 47، السنن الكبرى للبيهقيّ 6: 145.

ص: 85

[117] حدّثنا حِبّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال:

حدّثنا يونس، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، قال:

جاء بلال بن الحارث المُزَنِيُّ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاستقطعه أرضاً، فقطعها له طويلة عريضة.

فلما وَلِيَ عمر قال له: يا بلال، إنّك استقطعتَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله أرضاً طويلة عريضة فقطعها لك، وإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لم يكن يمنع شيئاً سُئِله، وإنّك لا تطيق ما في يديك. قال: أجل. قال: فانظر ما قويت عليه منها فأمسكه، وما لم تطق فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين.

فقال: لا أَفعل واللَّه شي ء أعطانيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. فقال عمر: واللَّه لتفعلُنَّ. فأخذ منه ما عجز عن عمارته، فقسمه بين المسلمين(1). [1: 150- 151]

هفوة عمر بن الخطّاب

[118] حدّثنا حازم، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن يسار بن السائب، عن عامر الشعبيّ: أنّ عمر قال: لقد أصبت في الإسلام هفوة


1- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 6: 149 عن أبي سعيد بن أبي عمرو، عن أبي العبّاس الأصمّ، عن الحسن بن عليّ، عن يحيى بن آدم. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 10: 426 بإسناده عن البيهقيّ.

ص: 86

ما هفوت مثلها قطّ، إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أراد أن يصلّي على عبد اللَّه بن أُبيّ، فأخذت بثوبه فقلت: ما أمرك اللَّه بهذا، قال اللَّه: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ»(1). قال: قد خيّرني ربّي فقال: افعل أو لا تفعل.

قال: وقعد النبيّ صلى الله عليه و آله على شفير البئر، فجعل الناس يقولون لابنه: يا حباب افعل كذا، يا حباب افعل كذا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: الحباب شيطان. وسمّاه عبداللَّه(2). [1: 372- 373]

[119] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبو هلال، قال:

حدّثنا محمّد(3): أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله صلّى على عبد اللَّه المنافق.

قال: ثمّ إنّ عمر لامَ نفسه وقال: رسول اللَّه يترحّم على أصحابه وأنا أمنعه؟! [1: 372]

انزل عن منبر أبي!

[120] حدّثنا الخزاميّ، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال:

أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد اللَّه بن كعب: أنّ


1- التوبة: 80.
2- أخرجه السيوطيّ في الدرّ المنثور 3: 264 عن ابن أبي حاتم. ونقله العسقلانيّ في فتح الباري 8: 252 عن عبد بن حميد والطبريّ.
3- هو: أبو بكر بن بشّار بن عثمان العبديّ البصريّ. وأبوهُ بشّارٌ هوَ الحافِظ الكبيرُ المعروف ب بُندار.

ص: 87

حسين بن عليّ عليهما السلام قام إلى عمر- وهو على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يخطب الناس يوم الجمعة- فقال: انزل عن منبر جدّي. فقال عمر: تأخّر يا ابن أخي. قال: وأخذ الحسين برداء عمر فلم يزل يجبذه(1) ويقول:

انزل عن منبر جدّي. وتردّد عليه حتّى قطع خطبته ونزل عن المنبر، وأقام الصلاة. فلمّا صلّى أرسل إلى حسين عليهما السلام، فلمّا جاءه قال: يا ابن أخي، مَن أمرك بالذي صنعت؟

قال حسين: ما أمرني به أحد.

قال: يقول له ذلك حسين ثلاث مرّات، كلّ ذلك يقول: ما أمرني به أحد.

قال عمر: أو لي؟ ولم يزد على ذلك.

وحسين عليهما السلام يومئذٍ دون المحتلم. [3: 798- 799]

[121] حدّثنا سليمان بن حرب، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، عن يحيى ابن سعيد، عن عبيد بن حسين، عن حسين بن عليّ عليهما السلام قال:

أتيت عمر- وهو على المنبر- فقلت: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك.

قال: إنّ أبي لم يكن له منبر!

وأجلسني بين يديه، وفي يدي حصىً فجعلت أُقلّبه، فلمّا نزل ذهب


1- يجبذه: يجذبه، وليس أحدهما- أي الجبذ والجذب- أصلًا للآخر لأنّهما يتصرّفان جميعاًتصرّفاً واحداً، نعم لو كان أحدهما أوسع تصرّفاً كان أصلًا لصاحبه. انظر: أقرب الموارد 1: 392.

ص: 88

بي إلى منزله، فقال لي: يا بنيّ من علّمك هذا؟

قلت: ما علّمنيه أحد(1)... [3: 799]

منع عمر عن الحديث

[122] حدّثنا عمر بن سعيد، قال: حدّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل ابن عبيداللَّه، عن السائب بن يزيد ابن أُخت النمر: أنّ عمر قال: ألا لا أعلمن ما قال أحدكم: إنّ عمر بن الخطاب منعنا أن نقرأ كتاب اللَّه. إنّي ليس لذلك أمنعكم، ولكن أحدكم يقوم لكتاب اللَّه والناس يستمعون إليه، ثمّ يأتي بالحديث من قِبَلِ نفسه.

إنّ حديثكم هو شرّ الحديث، وإنّ كلامكم هو شرّ الكلام، من قام منكم فليقم بكتاب اللَّه وإلّا فليجلس؛ فإنّكم قد حَدَّثتُم الناسَ حتّى قيل: قال فلان وقال فلان، وتُرِكَ كتابُ اللَّه.

قال سعيد: وقال عمر لأبي هريرة: لتتركنّ الحديث عن رسول اللَّه


1- رواه الخطيب في تاريخ بغداد 1: 151 عن محمّد بن أحمد بن رزق، عن دعلج بن أحمد المعدّل، عن موسى بن هارون، عن أبي الربيع، عن حمّاد بن زيد. وعنه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب 3: 201. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 14: 175 عن الأنماطيّ والبلخيّ، عن ابن الطيوريّ وثابت بن بندار، عن أبي عبد اللَّه الحسين وأبي نصر محمّد، عن الوليد بن بكر، عن عليّ بن أحمد، عن صالح بن أحمد، عن أبيه، عن سليمان بن حرب. وانظر: العلل الواردة للدار قطنيّ 2: 125، الإصابة 2: 69، الأمالي للطوسيّ: 703، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفيّ 2: 256، كشف الغمّة 2: 42.

ص: 89

أو لأُلحقنّك بأرض الطفيح- يعني أرض قومه.

وقال لكعب: لتتركنّ الحديث أو لأُلحقنّك بأرض القرية. [3: 800]

منع عمر عن الرأي

[123] حدّثنا هارون بن معروف، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: قال حيوة: عن ابن الهاد، عن محمّد بن إبراهيم، قال: قال عمر:

أصبح أهل الرأي أعداء السنن، أعيتهم أن يعوها وتفلتت أن يردوها، فاستقوها بالرأي. [3: 801]

تهديد عمر للشهود على شرب خَتنه الخمرَ

[124] حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن جعفر، قال: لمّا تُوفّي العلاء ابن الحضرميّ- وهو عامل البحرين لعمر- استعمل عمر قدامة ابن مظعون عليها، فخرج يغزو بعض بلاد الأعاجم فأصابهم في مسيرهم نصب وعذر، فمرّوا ببيت مفتوح، فدخله قدامة والأرقم بن أبي الأرقم وعيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ وابن حنظلة الزُّرَقِيّ الأنصاريّ، فوجدوا فيه طعاماً كثيراً وخمراً في جِرارٍ، فأكل قدامة وبعضُ مَن معه، وشربوا من تلك الخمر، ثمّ لحقهم أبو هريرة فمرّ بالبيت فدخله فوجدهم، فأنكر عليهم ما صنعوا، فقال: ما لك ولهذا يا ابن أبيه؟

قال عيّاش: إنّي واللَّه ما كنت من أمرهم بسبيل، ولا شربت

ص: 90

ما شربوا.

قال: فما لك معهم؟ قال: استظللت بظلّهم، واستقاء فقاءَ كِسَراً أكلها وشرب عليها ماء.

فركب الجارود العبديّ، مِنْ عبدِ القَيْسِ، ورجل(1) من بني رِياح بن يربوع ابن حنظلة- كان خصيّاً في الجاهليّة، فكان يقال له: خصيّ بني رياح- في نفر من أهل البحرين حتّى قدموا على عمر، فذكروا له أمر قُدامة وشهدوا عليه بشرب الخمر. فسبّهم وغضب عليهم غضباً شديداً، وأبى أن ينزلهم، ومنع الناس أن ينزلوهم.

ومرّ الجارود بمنزل عمر وابنة له تطلع- وهي ابنة أُخت قدامة- فقالت: واللَّه لأرجو أن يخزيك اللَّه. فقال: إنّما يخزي اللَّه العينين اللتين تشبهان عينيك، أو يأثم أبوك.

ورجا عمر أن ينزعوا عن شهادتهم، وأعظم ما قالوا، وأرسل إلى الجارود: لقد هممتُ أن أقتلك أو أحبسك بالمدينة فلا تخرج منها أبداً، أو أمحوك من العطاء فلا تأخذ مع المسلمين عطاء أبداً.

فأرسل إليه الجارود: إن قتلتني فأنت أشقى بذاك، وإن حبستني بالمدينة فما بلد أحبّ إليّ من بلد فيه قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ومنبره ومهاجره، وإن محوتني من العطاء ففي مالي سعة، ويكون عليك مأثم ذاك وتباعته.

فلمّا رأى عمر أنّهم لا ينزعون ولا يزدادون إلّاشدّة أرسل إليهم


1- هو: علقمة الخصيّ، كما في الإصابة 5: 324.

ص: 91

وسمع منهم، وقال: واللَّه ما استعملتُ عاملًا قَطّ لهوى لي فيه إلّاقدامة، ثمّ واللَّه ما بارك اللَّه لي فيه.

ثمّ كتب إلى أبي هريرة: إن كان ما شهدوا حقّاً فاجلد قُدامة الحدَّ واعدِل.

فلمّا جاء كتاب عمر أبا هريرة جلد قدامة الحدّ، فقدم قدامة على عمر فتظلّم من أبي هريرة. فقدم أبو هريرة، فأرسل إليه عمر: خاصِم قدامة فإنّه قد تظلّم منك. فقال: لا، حتّى يرجع إليّ عقلي ويذهب عنّي نصب السفر وأنام؛ فإنّي قد سهدت في سفري. فلبث ثلاثاً ثمّ خاصم قدامة في بيت عمر، وعند عمر زينب بنت مظعون- وهي أُمّ حفصة وعبد اللَّه ابنَي عمر- فتراجعا فكان أبو هريرة أطولهما لساناً، ففزعت بنت مظعون فقالت: لعنك اللَّه من شيخ طويل اللسان ظالم.

فقال أبو هريرة: بل لعنكِ اللَّه من عجوز حمراء رمضاء بَذي ء لسانها فاحشة في بيتها. فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، سَله لِمَ جلدني؟ قال:

جلدتك بالذي رأيت منك. قال: هل رأيتني أشرب الخمر؟ قال: لا.

قال عمر: اللَّه أكبر!

قال أبو هريرة: يرحم اللَّه أبا بكر؛ تشتمني زوجتك، وتقضي بيني وبين خَتَنك في بيتك، وتعين عليَّ بالتكبير؟!

فقال عمر: فقوموا. فقاموا جميعاً حتّى جلسنا في المسجد واجتمع عليهم الناس. فقال قدامة: أنشدك اللَّه هل رأيتني أشرب الخمر؟

قال: لا.

ص: 92

قال: فهل رأيتني أشتريها؟ قال: لا.

قال: فهل رأيتني أحملها؟ قال: لا.

قال،: فهل رأيتها تحمل إليَّ؟ قال: لا.

قال: اللَّه أكبر؛ فَفِيمَ جلدتني؟

قال: جلدتك أنّي رأيتك تَقيئُها، تخرجها من بطنك، فمن أين أدخلتها؟

قال قدامة: وإنّك بالخمر لَعالم؟!

قال: نعم واللَّه، ولقد كنت أشربها، ثمّ ما شربتها بعدما بايعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

قال عمر: تُب إلى اللَّه يا قدامة، اللّهمّ صدق وكذبت، وبرّ وفجرت، تُب إلى اللَّه.

وكان ابن جندب الهُذَلِيُّ أتاه بالبحرين فوصله، فلمّا ضربه عمر في الشراب قال ابن جندب:

أُؤَمِّلُ خَيْراً مِنْ قُدامَةَ بعدماعلا السوط منه كُلَّ عَظْمٍ وَمَفْصِلِ

شربت حَراماً يا قدام فأُرسلت عليك سياط الشارب الخمر من عَل

فلا تشربَن خمراً قدامة إنّهاحرامٌ على أهلِ الكتابِ المنزّلِ

[3: 846- 849]

ص: 93

حبّ الإمارة

[125] حدّثنا محمّد بن سنان، قال: حدّثنا محمّد بن مسلم، قال:

حدّثنا إبراهيم بن ميسرة، عن سالم، قال: بلغني أنّ عمر قال: لا يحبّ الإمارة أحد فيَعدل. [3: 856]

تحيُّر عمر في مَن يستخلف!

[126] حدّثنا أحمد بن معاوية بن بكر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمة، عن عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال: كنت عند عمر- وكنت له هيوباً، وكان لي مُكْرِماً، وكان يلحقني بِعِلْيَةِ الرّجالِ- فتنفّس تنفّساً ظننت أنّ أضلاعه ستتفصد، فمنعتني هيبته من مسألته، فقلت: يا أمير المؤمنين، قاتل اللَّه النابغة ما كان أشعره! قال:

هيه. قال: قلت: خيراً يقول:

وإن يَرجع النعمانُ نَفرح ونبتهج ويأتِ مَعدّا مُلكها وربيعها

ويَرجع إلى غسّان مُلك وسُؤددوتلك المُنى لو أنّنا نستطيعها

وإن يَهلكِ النعمان تُعْر معيّةويُلقَ إلى جنب الفِناء قطوعها

وتنحطْ حَصان آخر الليل نَحْطةتقضقض(1)

منها أو تكاد ضلوعها


1- القضقضة: كسر العظام والأعضاء وقطعها. انظر: الفائق 2: 183، لسان العرب 7: 223.

ص: 94

على إثر خير الناس إن كان هالكاًوإن كان في جَنب الفتاة ضجيعها

فقال: لعلّك ترى صاحبك لها؟

فقلت: ألقربى في قرابته وصهره وسابقته أهلها؟ قال: بلى(1)، ولكنّه امرؤ فيه دعابة.

قلت: فطلحة بن عبيد اللَّه؟ قال: ذو البأو(2) بأصبعه مذ قطعت دون رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

قلت: فالزبير بن العوّام؟ قال: وَعْقَة لَقِس(3) يلاطم في البقيع في صاع من تمر.

قلت: فعبد الرحمن بن عوف؟ فقال: رجل ضعيف لو صار الأمر إليه وضع خاتمه في يد امرأته.

قلت: فسعد بن أبي وقّاص؟ قال: صاحب سلاح ورمح وفرس يجاهد في سبيل اللَّه.

وأخّرت عثمان- وكان ألزمهم للمسجد وأقومهم فيه- قلت: فعثمان


1- الصّوابُ هنا: أن يقال: نعم؛ لأنَّ بَلى يُجابَ بِها عنِ السّؤال مع النَّفي- فتُثْبِتُ الجوابَ. ولا تستعمل مع السؤال المُثْبَتِ بخلاف نَعَم. الحسني
2- البأو: الزهو والافتخار والكبر. انظر: كتاب العين 8: 414، الصحاح 6: 2278.
3- الوعق: الذي يضجر ويتبرّم. وقيل: هو الذي فيه حرص ووقوع في الأمر بالجهل. واللقس: السيّ ء الخُلق. وقيل: العيّاب، الذي يلقّب الناس ويسخر منهم ويفسد بينهم. انظر: كتاب العين 2: 174، الصحاح 3: 975، و 4: 1550، الفائق 3: 169، النهاية 5: 207.

ص: 95

ابن عفان؟

فقال: أوه- ثلاث مرات- واللَّه لئن كان الأمر إليه ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس، وواللَّه لئن فعل لَينهضنّ إليه فليقتلنّه، واللَّه لئن فعل لَيُفْعَلَن، واللَّه لئن فعل لَيُفْعَلَن.

يا ابن عبّاس، لا ينبغي لهذا الأمر إلّاحَصيف العُقدة قليل الغِرّة، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، يكون شديداً في غير عُنف، ليّناً في غير ضعف، جواداً في غير سَرف، بخيلًا في غير وكف(1)... [3: 879- 881]

[127] حدّثنا محمّد بن عبد اللَّه بن المثنّى بن عبد اللَّه بن أنس بن مالك الأنصاريّ، قال: حدّثنا عبيد اللَّه بن حميد، قال: حدّثنا أبو الفتح الهذليّ، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال: دخلت على عمر فتنفّس تنفّساً شديداً، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أخرج هذا منك إلّاهَمّ. قال: نعم، فويلٌ لهذا الأمر لا أدري فمن له بعدي!

ثمّ نظر إليه فقال: لعلّك ترى أنّ صاحبك لها- يعني عليّاً.

قلت: يا أمير المؤمنين، وما يمنعه؟ أليس بمكان ذاك في قرابته من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسوابقه في الإسلام ومناقبه في الخير؟

قال: إنّه لكذاك ولكن فيه بطالة وفكاهة.

قلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت من طلحة بن عبيد اللَّه؟ قال:

الأكنع(2)، ما كان اللَّه ليعطيها إيّاه، ما زلت أعرف فيه بَأواً مذ


1- الوكف: الجور والوقوع في المأثم والعيب. انظر: الفائق 3: 169، النهاية 5: 220- 221.
2- ورد في الأصل: «الأكتع» مصحّفاً، والأكنع: الأشلّ. انظر: الفائق 3: 168، النهاية 4: 204.

ص: 96

أُصيبت يده.

قلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت من الزبير؟ قال: وَعقة لَقِس.

قلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت من عبد الرحمن بن عوف؟

قال: نِعم المرء ذكرتَ، وهو ضعيف، ولا يقوم بهذا الأمر إلّاالقويّ في غير عنف واللين في غير ضعف، والجواد في غير سَرَف.

قلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت مِن سعد؟ قال: صاحب فرس وقوس.

قلت: يا أمير المؤمنين، فأين أنت من عثمان؟

قال: أوه- ووضع يده على رأسه، قال:- واللَّه لئن وليها يحمل بني أبي مُعيط على رقاب الناس، فكأنّي أنظر إلى العرب قد سارت إليه حتّى يُضرب عنقه، واللَّه لئن فعل ليفعلنّ، ولئن فعل ليفعلنّ ذاك به.

ثمّ أقبل عليّ فقال: أما إنّ أحراهم إن وليها أن يحملهم على كتاب اللَّه وسنّة نبيّهم صاحبُك- يعني عليّاً-(1). [3: 882- 883]

[128] حدّثنا أبو بكر العلَميّ، قال: حدّثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن الحسن، قال: خلا عمر يوماً فجعل الناس يقولون: ما الذي خلا له؟

فقال المغيرة بن شعبة: أنا آتيكم بعلم ذاك. فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ الناس قد ظنّوا بك في خلواتك ظنّاً. قال: وما ظنّوا؟


1- أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 6: 326 عن كتاب الأمالي لأبي العبّاس أحمد بن يحيى بن ثعلب.

ص: 97

قال: ظنّوا أنّك تنظر مَن يستخلف بعدك. قال: ويحك! ومَن ظنّوا؟

قال: ومن عسى أن يظنّوا إلّاهؤلاء: عليّ، وعثمان، وطلحة، والزبير.

قال: وكيف لي بعثمان؟ فهو رجلٌ كلف بأقاربه؟ وكيف لي بطلحة وهو مؤمن الرضا كافر الغضب؟ وكيف لي بالزبير وهو رجل ضَبس(1)؟

وإنّ أخلقهم أن يحملهم على المحجّة البيضاء الأصلعُ- يعني عليّاً عليه السلام-. [3: 883]

[129] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا عقبة بن عبد اللَّه العنبريّ، قال: سمعت قتادة يقول: قال المغيرة بن شعبة: هل لكم أن أعلم مَن يستخلف هذا بعده- يعني عمر. قال: وكان عمر يغدو كلّ غداة إلى أرض له على أتان له.

قال: فانطلق ذات يوم فعرض له المغيرة فقال: يا أمير المؤمنين، ألا أصحبك؟ قال: بلى. فسار معه، فلمّا انتهيا إلى أرضه عمد إلى ردائه فجمعه ثمّ رمى به فوضع عليه رأسه، فقال له عند ذلك: يا أمير المؤمنين، الا(2) نفس يُغدى عليها ويُراح وتكون أحداث، فلو أنّ أمير المؤمنين أعلم للمسلمين عَلَماً إن كان حَدَث انتهوا إليه ورضوا به وكانوا معه. فقال عمر: وما يقولون؟ قال: يقولون: عبد اللَّه بن عمر،


1- الضبس: الصعب أو البخيل. انظر: الفائق 2: 232، لسان العرب 6: 116.
2- كذا في الأصل!

ص: 98

وعثمان بن عفّان، وعليّ بن أبي طالب، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيد اللَّه، وعبد الرحمن بن عوف.

فقال: أمّا عبد اللَّه بن عمر فلئن يكن خيراً فقد أصاب منه آل عمر، وإن يكن شرّاً فشرّ عمّهم منه، وأمّا الزبير فذاك واللَّه الضَّرِس الضَّبس، وأمّا طلحة فمؤمن الرضا كافر الغضب، [وأمّا عثمان](1) فكأنّه لو ملك شيئاً جعل بني أبي معيط على رقاب الناس، وأمّا عبد الرحمن ابن عوف فمؤمن ضعيف، وأمّا عليّ فهو أحراهم أن يقيم الناس على الحقّ على شي ء أعيبه فيه.

فسألنا قتادة: ما هو؟ فقال: خِفَّتُه. [3: 884]

قول طلحة والزبير وغيرهما في استخلاف عمر

[130] عن الشعبيّ، قال: بَيْنا طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد جلوساً عند أبي بكر في مرضه عُوّاداً، فقال أبو بكر: ابعثوا إلى عمر.

فأتاه فدخل عليه، فلمّا دخل أحسَّتْ أنفُسُهم أنّه خِيرَتُه، فتفرّقوا عنه وخرجوا وتركوهما. فجلسوا في المسجد وأرسلوا إلى عليّ عليه السلام ونفرٍ معه، فوجدوا عليّاً عليه السلام في حائط(2) فتوافَوْا إليه واجتمعوا، وقالوا: يا عليّ، يا فلان ويا فلان، إنّ خليفة رسول اللَّه مُسْتَخْلِفٌ عمر، وقد علم


1- ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
2- أيْ بُسْتان.

ص: 99

وعلم الناس أنّ إسلامنا كان قبل إسلام عمر، وفي عمر من التسلّط على الناس ما فيه ولا سلطان له، فادخلوا بنا عليه نسأله؛ فإن استعمل عمر كلَّمناه فيه فأخبرناه عنه. ففعلوا، فقال أبو بكر: اجمعوا لي الناس أخبركم من اخترت لكم. فخرجوا فجمعوا الناس إلى المسجد، فأمر من يحمله إليهم حتّى وضعه على المنبر، فقام فيهم باختيار عمر لهم. ثمّ دخل فاستأذنوا عليه فأذن لهم، فقالوا له: ماذا تقول لرَبّك وقد استخلفت علينا عمر؟

فقال: أقول: استخلفت عليهم خير أهلك(1). [2: 666]

قول عائشة بعد موت عمر

[131] من كلام عائشة: ما وضعتُ خماري منذدفن عمر(2)! [1: 115]

تعليق: يظهر أنّها لتضجر إمّا لدخول الغرباء عليها لزيارة قبر عمر من عائلته، أو لوجود عمر مدفوناً، والأوّل أولى لأنّه المانع الواقعيّ لوضع الخمار.


1- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 248 بإسناده عن سيف بن عمر، عن عمرو بن محمّد ومجالد، عن الشعبيّ.
2- روى ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 364 عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبي أويس المدنيّ، قال: حدّثني أبي، عن يحيى بن سعيد و عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم وغيرهما، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصاريّة، عن عائشة قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضّل في ثيابي في بيتي حتّى دفن عمر بن الخطّاب فيه، فلم أزل متحفّظة في ثيابي حتّى بنيت بيني وبين القبور جداراً، فتفضّلت بعد.

ص: 100

وقد فهم منها ذلك عبد الرحمن بن عوف لمّا طلبت منه أن يدفن مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقال لها: سمعتك تقولين هذا، وأضاف: فأكره أن أُضيّق عليك بيتك. فهي كارهة لوجود عمر هناك.

أقوال عمر عند موته

[132] حدّثنا ابن أبي عَدِيّ، عن داود، عن عامر، قال: لمّا طعن عمر دخل عليه ابن عبّاس رضى الله عنه فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بالجنّة.

فرفع رأسه فنظر إليه.

ثمّ قال: اللّهمّ نعم، أسلمتَ حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وقتلت شهيداً. قال: أعِد. فأعاد ثلاث مرّات.

فقال عمر: إنّ الغَرور لَمَن غررتموه، لو أنّ لي ما على الأرض مِن صفراء وبيضاء لَافتديت بها من هول المطّلع(1). [3: 935- 936]

[133] حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: لمّا طعن عمر دعا بلبن فشربه فخرج منه، فجعل جلساؤه يثنون عليه، فقال: إنّ مَن غرّه عمر لغار، واللَّه لوددت أنّي لم أدخل فيها، واللَّه


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 155 ح 53 عن أبي خالد الأحمر، عن داود. والحاكم في المستدرك 3: 92 عن الحسن بن يعقوب العدل، عن يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهّاب ابن عطاء، عن داود بن أبي هند. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 428 عن ابن القشيريّ والشحاميّ، عن أبي سعد الأديب، عن محمّد بن بشر، عن محمّد بن إدريس، عن سويد بن سعيد، عن عليّ بن مسهر، عن داود، وبسند آخر في 44: 429.

ص: 101

إنّي لو كان لي ما على وجه الأرض لَافتديتُ به من هول المطّلع. [3: 913- 914]

[134] حدّثنا سعيد بن عامر، عن شعبة، عن عاصم، عن عبد اللَّه ابن عامر بن ربيعة، قال: رأيت عمر أخذَ تبنةً من حائط فقال:

يا ليتني كنتُ هذه التبنة.

يا ليتني لم أُخلق.

يا ليت أُمّي لم تلدني.

يا ليتني لم أك شيئاً.

يا ليتني كنت نسياً منسيّاً. [3: 920]

[135] حدّثنا موسى بن مروان الرقّيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن أبي مرثد اللبكيّ عبد اللَّه بن العوذ، عمّن حدّثَه: أنّ عمر بن الخطّاب قال:

يا ليتني كنتُ حائكاً أعيشُ مِن عمل يدي. [3: 920]

[136] حدّثنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد، قال: حدّثنا أيّوب، عن ابن أبي مليكة، قال: دخل رجل على عمر وهو يألم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن كنت لأراك- كأنّه يعني الجلد- واللَّه لئن كان الذي تخاف لقد صحبتَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأحسنت صحبته، وفارقك وهو عنك راضٍ، وصحبتَ أبا بكر فأحسنت صحبته، وفارقك وهو عنك راض، وصحبت المسلمين فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتَهم وهم عنك راضون.

ص: 102

فقال عمر: أمّا ما ذكرت من صحبتي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ورضاءه عنّي فإنّما ذلك مَنٌّ مِن اللَّه مَنَّ عليّ به، وأمّا ما ذكرت من صحبتي أبا بكر ورضاه عنّي فإنّما ذاك مَنٌّ مِن اللَّه مَنَّ به عليّ، وأمّا ما ترى فيَّ مِن الألم فإنّما ذاك من صحبتكم، واللَّه لو أنّ لي ما على الأرض من شي ء لَافتديتُ به من عذاب اللَّه من قبل أن أراه. [3: 913]

[137] حدّثنا عليّ بن عاصم، قال: أخبرني داود، عن عامر، قال:

لمّا طعن عمر دخل عليه ابن عبّاس والناس عنده، فسلّم ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، أبشر بِبُشرى اللَّه، كان لك القدم في الإسلام، وصحبة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وتوفّي وهو عنك راض، ووليت فعدلت، ثمّ قتلت شهيداً. قال: ويحك أعِد عليَّ ما قلت. فأعاد.

فتنفّس عمر تنفّساً كادت نفسه تخرج معه، ثمّ قال: واللَّه إنّ المغرور لمن غَررتموه، ولو أنّ لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لَافتديتُ بها من هول المطّلع. [3: 914]

[138] حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن داود بن عبد اللَّه الأوديّ، عن حميد بن عبد الرحمن الحميريّ، قال: خطبنا ابن عبّاس على منبر البصرة فقال: أنا أوّل من دخل على عمر حين طُعِن، فقلت له: أبشر فقد صحبت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأطلت صحبته، ووليت فعدلت، وأدّيت الأمانة.

فقال: إنّما تبشيرك إيّاي بالجنّة. فوالذي نفسي بيده، لو أنّ لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لَافتديت بها ممّا هو أمامي قبل أن

ص: 103

أعلم الخبر.

وأمّا قولك استخلفت فعدلت، فو اللَّه لوددت أنّ ذاك كفاف لا عليَّ ولا لي.

وأمّا ما ذكرت من صحبة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فذاك(1). [3: 914- 915]

[139] حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدّثنا شعبة، قال:

حدّثنا عمر اليماميّ(2)، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: لما طُعِنَ عمر دخلت عليه فجعلت أُثني عليه، فقال: بأيّ شي ء تثني عليّ؛ بالإمرة أم بغيرها؟ فقلت: بكلّ.

فقال: واللَّه لوددت أنّي أُفلت منهما كفافاً لا أجر ولا وزر(3). [3: 915]

[140] حدّثنا عمرو بن قسط، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو- يعني الأوزاعيّ- قال: حدّثني سماك الحنفي، قال: حدّثني عبداللَّه بن عبّاس رضى الله عنه قال: دخلت أنا والمسور بن مخرمة على عمر حين طُعِن، فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين، فإنّ اللَّه قد مصَّر بك الأمصار، ودفع بك النفاق، وأفشى بك الرزق.

فقال: أفي الإمارة تثني عليَّ يا ابن عبّاس؟ قلت: إي واللَّه، وفي غيرها.


1- قريباً منه في صحيح البخاريّ 2: 107، وتاريخ مدينة دمشق 44: 116.
2- هو: أبو القاسم عمر بن يونس، كما في الخلاصة للخزرجيّ: 243.
3- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 351 عن عبد الملك بن عمرو وأبي عامر العقديّ، عن مسعر، عن سماك، عن ابن عبّاس.

ص: 104

قال: فو اللَّه لوددت أنّي خرجت منها فلا لِيَ ولا عَليَ(1). [3: 915- 916]

[141] حدّثنا أبو عاصم، قال: حدّثنا سهل السرّاج، قال: قال رجل عند الوليد بن عبد الملك: قال عمر: «لوددت أنّي أُفلت من هذا الأمر كفافاً». فقال الوليد: كذبت، أيقول هذا خليفة اللَّه؟ فقال الرجل:

أو كذبت. قال: أو ذاك. [3: 916]

[142] حدّثنا الحجّاج بن نصير، قال: حدّثنا قُرّة بن خالد، عن محمّد ابن سِيْرِينَ، قال: قال ابن عبّاس: قلت لعمر: واللَّه لا يمسّ جلدك النار.

قال: واللَّه إنّ علمك بذاك لَقليل. [3: 916]

[143] حدّثنا أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال:

حدّثنا عمرو بن الحارث: أنّ أبا النَّضرِ حدّثه عن سليمان بن يسار: أنّ عمر حين حضرته الوفاة قال له المغيرة بن شعبة: هنيئاً لك يا أمير المؤمنين الجنّة.

قال: يا ابن أُمّ المغيرة، وما يدريك؟ والذي نفسي بيده، لو كان لي ما بين المشرق والمغرب لَافتديت به من هول المطّلع. [3: 916]


1- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 351 عن محمّد بن عبيد الطنافسيّ وعبيد اللَّه بن موسى، عن مسعر، عن سماك. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 423 عن عليّ بن مسلم، عن أبي الحسن ابن أبي الحديد، عن جدّه أبي بكر، عن أبي الدحداح، عن أحمد بن عبد الواحد، عن محمّد بن كثير، عن الأوزاعيّ. وانظر: فتح الباري 7: 53.

ص: 105

صحيفة عمر!

[144] حدّثنا أبو عاصم النبيل، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن محمّد ابن عليّ أنّه سمعه يقول: لمّا أُتي بجنازة عمر فوضعت فقال عليّ عليه السلام: ما أحد أحبّ إليَّ أن ألقى اللَّه بصحيفته مِن أن ألقاه بصحيفة هذا المسجّى بينكم(1). [3: 942]

قول عليّ عليه السلام «لِلّه بلاء فلان» بروايته الصحيحة

(2)[145] حدّثنا محمّد بن عبّاد بن عبّاد، قال: حدّثنا غسّان بن عبد الحميد، قال: بلغنا أنّ عبد اللَّه بن مالك بن عُيَينة الأزديّ حليف بني المطّلب قال: لمّا انصرفنا مع عليّ رضى الله عنه من جنازة عمر دخل فاغتسل، ثمّ خرج إلينا فصمت ساعة، ثمّ قال: لِلّه بلاء نادبة(3) عمر، لقد صدقت ابنة أبي حَنْتَمَةَ حين قالت: وا عُمَراه، أقام الأَوْدَ وأبدأ العَهد. وا عُمَراه، ذهب نقيّ الثوب قليل العيب. وا عُمَراه، أقام السنّة وخلف الفتنة.


1- رواه أبو نعيم الأصبهانيّ في مسند أبي حنيفة: 28 عن الطلحيّ، عن عبيد بن محمّد بن صبيح، عن محمّد بن عمر بن الوليد، عن إسحاق بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر. ولِمَعنى هذا الخبر انظر: معاني الأخبار: 412، الاستغاثة للكوفيّ: 66. ولِهشام بن الحكم فيه كلام ورد في الفصول المختارة: 90.
2- أُورد كلامه عليه السلام بصورة ناقصة تغيّر معناه في نهج البلاغة: 222.
3- اسمها: عاتكة، كما وردت في تاريخ مدينة دمشق 44: 458.

ص: 106

ثمّ قال: واللَّه ما دَرَت هذا ولكنّها قُوِّلَته(1) وصدقت، واللَّه لقد أصاب عمر خيرها وخلّف شرّها، ولقد نظر له صاحبه فسار على الطريقة ما استقامت، ورحل الركب وتركهم في طرق متشعّبة لا يدري الضالّ ولا يستيقن المهتدي(2). [3: 941- 942]

ممّا جرى بعد اغتيال عمر وفي الشورى

[146] حدّثنا محمّد، قال: حدّثنا موسى بن عقبة، قال: حدّثنا نافع، [عن عبد اللَّه بن عمر:] قال عمر: إذا متُّ فتربّصوا ثلاثة أيّام، وليصلّ بالناس صهيب، ولا يأتينّ اليوم الرابع إلّاوعليكم أمير منكم، ويحضر عبد اللَّه بن عمر مشيراً- ولا شي ء له من الأمر- وطلحة شريككم في الأمر؛ فإن قدم في الأيّام الثلاثة فأحضروه أمركم، وإن مضت الأيّام الثلاثة قبل قدومه فاقضوا أمركم. ومن لي بطلحة؟!

فقال سعد بن أبي وقّاص: أنا لك به، ولا يخالف إن شاء اللَّه.

فقال عمر: أرجو ألّا يخالف إن شاء اللَّه، وما أظنّ أن يلي إلّاأحد هذين الرجلين: عليّ أو عثمان؛ فإن وليَ عثمان فرجل فيه لين.


1- أي لُقِّنَته وعُلِّمَته، كما في النهاية لابن الأثير 4: 123.
2- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 457- 458 عن أبي طالب عليّ بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الخلعيّ، عن ابن النحّاس، عن أبي سعيد ابن الأعرابيّ، عن ابن المنادي، عن إبراهيم الزهريّ، عن بردان، عن صالح بن كيسان، عن ابن بحينة، قال: لمّا أُصيب عمر قلت: واللَّه لآتينَّ عليّاً فلأسمعنَّ مقالته، فخرج من المغتسل فأطمّ ساعة فقال... وانظر: الفائق 1: 59، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 164.

ص: 107

وإن وليَ عليٌّ ففيه دعابة وأحْرِ به أن يحملهم على طريق الحقّ.

وإن تولّوا سعداً فأهلها هو، وإلّا فليستعن به الوالي، فإنّي لم أعزله عن خيانة ولا ضعف، ونعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف، مسدّد رشيد، له من اللَّه حافظ، فاسمعوا منه.

وقال لأبي طلحة الأنصاريّ: يا أبا طلحة، إنّ اللَّه عزّ وجلّ طالَما أعزّ الإسلام بكم، فاختر منهم.

وقال للمقداد بن الأسود: إذا وضعتموني في حفرتي فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتّى يختاروا رجلًا منهم.

وقال لصهيب: صَلِّ بالناس ثلاثة أيّام.

وأدخل عليّاً وعثمان والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف وطلحة- إن قدم- وأحضر عبد اللَّه بن عمر- ولا شي ء له من الأمر- وقُم على رؤوسهم.

فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلًا وأبى واحد فاشدخ رأسه- أو اضرب رأسه- بالسيف.

وإن اتّفق أربعة فرضوا رجلًا منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما.

فإن رضي ثلاثة رجلًا منهم وثلاثة رجلًا منهم فحكّموا عبد اللَّه بن عمر؛ فأيّ الفريقين حكم له فليختاروا رجلًا منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد اللَّه بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس. فخرجوا، فقال عليّ عليه السلام لقوم كانوا معه من بني هاشم: إن أُطيع فيكم قومكم لم تؤمروا

ص: 108

أبداً. وتلقّاه العبّاس فقال: عُدِلْت عنّا. فقال: وما علمك؟

قال: قرن بي عثمان وقال: كونوا مع الأكثر؛ فإن رضي رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.

فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون فيولّيها عبدُ الرحمن عثمانَ أو يولّيها عثمانُ عبدَ الرحمن.

فلو كان الآخران معي لم ينفعاني، بَلْهَ أنّي لا أرجو إلّاأحدهما.

فقال العبّاس: لم أرفعك في شي ء إلّارجعت إليّ مستأخراً بما أكره؛ أشرت عليك عند وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت، وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت، وأشرت عليك حين سمّاك عمر في الشورى أن لا تدخل معهم فأبيت، احفظ عنّي واحدة: كلّما عرض عليك القوم فقل: «لا» إلّاأن يولّوك، واحذر هؤلاء الرهط فإنّهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتّى يقوم لنا به غيرنا، وأيم اللَّه لا يناله إلّابشر لا ينفع معه خير.

فقال عليّ عليه السلام: أما لئن بقي عثمان لأذكرنّه ما أتى، ولئن مات ليتداولنّها بينهم، ولئن فعلوا ليجدني حيث يكرهون. ثمّ تمثّل:

حَلفْتُ بربّ الرَّاقِصَاتِ عشيةًغدون خِفافاً فابتدرن الُمحَصَّبا

ليَخْتَلِيَنْ رَهْطُ ابن يعمر مارئاًنجيعاً بَنو الشداخ وِرداً مُصَلَّبا

والتفت فرأى أبا طلحة فكره مكانه، فقال أبو طلحة: لم تُرَع أبا الحسن.

ص: 109

فلمّا مات عمر وأُخرجت جنازته تصدّى علي عليه السلام وعثمان أيّهما يصلّي عليه، فقال عبد الرحمن: كلاكما يحبّ الإمرة، لستما من هذا في شي ء. هذا إلى صهيب، استخلفه عمر يصلّي بالناس ثلاثاً حتّى يجتمع الناس على إمام.

فصلّى صهيب، فلمّا دفن عمر جمع المقدادُ أهل الشورى في بيت المِسْوَرِ ابن مَخْرَمَةَ- ويقال: في بيت المال، ويقال: في حجرة عائشة بإذنها- وهم خمسة معهم ابن عمر، وطلحة غائب، وأمروا أبا طلحة أن يحجبهم، وجاء عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة فجلسا بالباب، فحصبهما سعدٌ وأقامهما، وقال: تريدان أن تقولا حضرنا وكنّا في أهل الشورى؟

فتنافسَ القوم في الأمر وكثر بينهم الكلام، فقال أبو طلحة: أنا كنت لأن تدفعوها أخوف منّي لأن تنافسوها، لا والذي ذهب بنفس عمر لا أزيدكم على الأيّام الثلاثة التي أمرتم، ثمّ أجلس في بيتي فأنظر ما تصنعون.

فقال عبد الرحمن: أيّكم يُخرج منها نفسه ويتقلّدها على أن يولّيها أفضلكم؟ فلم يجبه أحد، فقال: أنا أنخلع منها.

فقال عثمان: أنا أوّل من رضي؛ فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول:

«أمين في الأرض أمين في السماء».

فقال القوم: قد رضينا. وعليّ عليه السلام ساكت، فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟

ص: 110

قال: أعطني موثقاً لتُؤثرَنّ الحقّ ولا تَتَّبع الهوى، ولا تخصّ ذا رحم، ولا تألو الأُمّة.

فقال: أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على مَن بدّل وغيّر، وأن تَرضوا من اخترت لكم، عليَّ ميثاق اللَّه أن لا أخصّ ذا رحم لرحمه ولا آلُوَ المسلمين.

فأخذ منهم ميثاقاً وأعطاهم مثله.

فقال لعليّ عليه السلام: إنّك تقول: إنّي أحقّ مَن حضر بالأمر لقرابتك وسابقتك وحسن أثَرك في الدين. ولم تُبعِد، ولكن أرأيت لو صرف هذا الأمر عنك فلم تحضر، من كنت ترى من هؤلاء الرهط أحقّ بالأمر؟

قال: عثمان!

وخَلا بعثمان فقال: تقول شيخ مِن بني عبد مناف، وصهر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وابن عمّه: لي سابقة وفضل لم تبعد، فلن يصرف هذا الأمر عنّي، ولكن لو لم تحضر فأيّ هؤلاء الرهط تراه أحقّ به؟

قال: عليّ.

ثمّ خَلا بالزبير فكلّمه بمثل ما كلّم به عليّاً وعثمان، فقال: عثمان.

ثمّ خَلا بسعد فكلّمه، فقال: عثمان.

فلقي عليٌّ عليه السلام سعداً فقال: «اتَّقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً»(1). أسألك برحم ابنيَّ هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله


1- النساء: 1.

ص: 111

وبرحم عمّي حمزة منك أن لا تكون مع عبد الرحمن لعثمان ظهيراً عليَّ، فإنّي أُدْلي بما لا يُدلي به عثمان.

ودارَ عبد الرحمن لياليه يلقى أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ومن وافى المدينة من أُمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، ولا يخلو برجل إلّا أمره بعثمان، حتّى إذا كانت الليلة التي يستكمل في صبيحتها الأجل أتى منزل المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ بعد ابهيرار من الليل(1) فأيقظه فقال: ألا أراك نائماً ولم أذق في هذه الليلة كثير غَمض، انطلق فادعُ الزبير وسعداً.

فدعاهما، فبدأ بالزبير في مؤخّر المسجد في الصُّفَّة التي تلي دار مروان، فقال له: خَلِّ ابنَي عبد مناف(2) وهذا الأمر.

قال: نصيبي لعليّ.

وقال لسعد: أنا وأنت كلالة، فاجعل نصيبك لي فأختار.

قال: إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان فعَليّ أحبّ إليَّ.

أيُّها الرجل بايِع لنفسك وأرحنا، وارفع رؤوسنا.

قال: يا أبا إسحاق، إنّي قد خلعت نفسي منها على أن أختار، ولو لم أفعل وجعل الخيار إليّ لم أُردها.

إنّي أُرِيْتُ كروضة خضراء كثيرة العُشْب فدخل فَحلٌ لم أرَ فحلًا


1- بهرة الليل: وسطه، وقيل: ابهار الليل: إذا طلعت نجومه واستنارت. انظر: الصحاح 2: 598، النهاية 1: 162.
2- أي عليّ عليه السلام وعثمان.

ص: 112

قطّ أكرم منه، فمرّ كأنّه سهم لا يلتفت إلى شي ء ممّا في الروضة حتّى قطعها لم يُعَرِّجْ، ودخل بعير يتلوه فاتّبع أثره حتّى خرج من الروضة، ثمّ دخل فحلٌ عبقريٌّ يَجُرُّ خطامه يلتفت يميناً وشمالًا، ويمضي قصد الأوّلين حتّى خرج، ثمّ دخل بعير رابع فرتع في الروضة.

ولا واللَّه لا أكون الرابع، ولا يقوم مقام أبي بكر وعمر بعدهما أحد فيرضى الناس عنه.

قال سعد: فإنّي أخاف أن يكون الضعف قد أدركك فَامْضِ لرأيك، فقد عرفت عهد عمر.

وانصرف الزبير وسعد، وأرسل المِسور بن مَخرمة إلى عليّ عليه السلام فناجاه طويلًا، وهو لا يشكّ أنّه صاحب الأمر، ثمّ نهض وأرسل المسور إلى عثمان فكان في نجيّهما حتّى فرق بينهما أذان الصبح.

فقال عمرو بن ميمون: قال لي عبد اللَّه بن عمر: يا عمرو، مَن أخبرك أنّه يعلم ما كلّم به عبدُ الرحمن بن عوف عليّاً وعثمان فقد قال بغير علم، فوقع قضاء ربّك على عثمان.

فلمّا صلّوا الصبح جمع الرهطَ وبعث إلى مَن حضره مِن المهاجرين وأهل السِنِّ والفضل من الأنصار وإلى أُمراء الأجناد، فاجتمعوا حتّى التجّ المسجد بأهله، فقال: أيّها الناس، إنّ الناس قد أحبّوا أن يلحق أهلُ الأمصار بأمصارهم، وقد علموا مَن أميرهم.

فقال سعيد بن زيد: إنّا نراك لها أهلًا. فقال: أشيروا عليَّ بغير هذا.

ص: 113

فقال عمّار: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّاً.

فقال المقداد بن الأسود: صدق عمّار، إن بايعتَ عليّاً قلنا: سمعنا وأطعنا.

قال ابن أبي سرح: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايِع عثمان.

فقال عبد اللَّه بن أبي ربيعة: صدق، إن بايعتَ عثمان قلنا: سمعنا وأطعنا.

فشتم عمّارُ ابنَ أبي سرح وقال: متى كنت تنصح المسلمين؟!

فتكلّم بنو هاشم وبنو أُميّة.

فقال عمّار: أيّها الناس، إنّ اللَّه عزّ وجلّ أكرمنا بنبيّه وأعزّنا بدينه، فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟!

فقال رجل من بني مخزوم: لقد عَدَوْتَ طَوْرَك يا ابن سُميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها؟

فقال سعد بن أبي وقّاص: يا عبد الرحمن، افرغ قبل أن يفتتن الناس.

فقال عبد الرحمن: إنّي قد نظرت وشاورت، فلا تجعلُنَّ أيّها الرهط على أنفسكم سبيلًا.

ودعا عليّاً عليه السلام فقال: عليك عهد اللَّه وميثاقه لتعملنّ بكتاب اللَّه وسنّة رسوله وسيرة الخليفتَين من بعده.

قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي.

ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ عليه السلام. قال: نعم. فبايَعه.

ص: 114

فقال عليٌّ عليه السلام: حبوته حبوَ دهر، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ»(1). واللَّه ما ولَّيتَ عثمان إلّاليردَّ الأمر إليك، واللَّه «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ»(2).

فقال عبد الرحمن: يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلًا، فإنّي قد نظرت وشاورت الناسَ فإذا هم لا يعدلون بعثمان.

فخرج عليّ عليه السلام وهو يقول: سيبلغُ الكتابُ أجلَه.

فقال المقداد: يا عبد الرحمن، أما واللَّه لقد تركته من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون. فقال: يا مقداد، واللَّه لقد اجتهدتُ للمسلمين.

قال: إن كنتَ أردتَ بذلك اللَّه فأثابك اللَّه ثواب المحسنين.

فقال المقداد: ما رأيت مثل ما أُوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم، إنّي لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلًا ما أقول إنّ أحداً أعلم ولا أقضى منه بالعدل، أما واللَّه لو أجد عليه أعواناً!

فقال عبد الرحمن: يا مقداد اتّق اللَّه، فإنّي خائف عليك الفتنة.

فقال رجل للمقداد: رحمك اللَّه، من أهلُ هذا البيت ومن هذا الرجل؟

قال: أهل البيت بنو عبد المطّلب، والرجلُ عليّ بن أبي طالب.

فقال عليّ عليه السلام: إنّ الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر إلى بيتها فتقول: إن وُلِّيَ عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبداً، وإن كانت في


1- يوسف: 18.
2- الرحمن: 29.

ص: 115

غيرهم من قريش تداولُتموها بينكم(1)... [3: 924- 931]

تلاعُن عثمان وطلحة وقول عمر في ذلك

[147] حدّثنا حِبّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن أبي إدريس، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن محمّد بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، قال: كان بين عثمان وطلحة تَلاحٍ(2) في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فبلغ عمر فأتاهم، وقد ذهب عثمان وبقي طلحة، فقال:

أفي مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله تقولان الهُجْر وما لا يصلح من القول؟

قال: فجثا طلحة على ركبتيه وقال: إنّي- واللَّه- لأنا المظلوم المشتوم.

قال عمر: ما أنت منّي بناج! فقال: اللّهَ اللّهَ يا أمير المؤمنين، فواللَّه إنّي لأنا المظلوم المشتومُ. فقالت أُمّ سلمة من حُجرتها: واللَّه إنّ طلحة لهو المظلوم المشتوم.

قال: فكفّ عمر، ثمّ أقبل إلى أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها فقال: ما تقولين يا هنتاه(3)؟ إنّ ابن الخطّاب لحديث العهد، ولو سبَّ طلحةَ


1- رواه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 293- 298. وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 191- 192.
2- تلاحى الرجلان: تنازعا وتشاتما. المعجم الوسيط: ص 820
3- يا هنتاه: أي يا هذه، تفتح النون وتسكن، وتضمّ الهاء الأخيرة وتسكن، وهذه اللفظةتختصّ بالنداء. قيل: معنى يا هنتاه: يا بَلهاء، كأنّها نسبت إلى قلّة المعرفة بِمَكايِدِ الناس وشرورهم. انظر: النهاية لابن الأثير 5: 279- 280.

ص: 116

لسبَّه طلحةُ، فلو ضرب طلحةَ لضربه طلحةُ، ولكن اللَّه جعل لعمر دِرَّة يضرب بها الناس عن عرض. [1: 33- 34]

ممّا جرى بين عثمان ومَن هوى عليّاً عليه السلام

[148] حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن كلثوم بن جبير بن أبي حفص، عن ابن عادية، قال: سمعت عمّاراً رضى الله عنه يقع في عثمان ويَشتمه بالمدينة، فتوعّدته بالقتل. [3: 1102]

[149] يروى عن الشعبيّ قال: كان أبو عبد اللَّه الجدليّ عبداً للأزد، فادّعى إلى جُدَيلَة بن عَدوان بن عمرو بن قيس، فنُوزِع فيه إلى عمر، فقال له: ممّن أنت؟

قال: من عدوان. فسألهم، فقالوا: من أوسطنا. فأقرّه عمر منهم.

فلمّا شكا عثمان جلس للناس فقال: من يطلبني بمظلمة فليقل.

فقام أبو عبد اللَّه...(1) وحوصاتها. فقال [عثمان]: وما أنت وذاك يا عبد ظَرِب لا أُمّ لك، يأتيني مواليك يدعونك عبداً. فقلت: أروني جِلْدة عذبته وهو لكم ابن عمّ خير منه لكم عبداً... عربيّاً في ألفين من العطاء، وزوَّجتك امرأة عربيّة فلم تحفظ ذاك ولم تشكره، قُم لا أُمّ لك... [3: 1065]

[150] قال المدائنيّ: عن عليّ بن مجاهد، عن حُمَيد بن أبي البَخْتَرِيّ، عن نوفل بن مساحق، قال: قال كُمَيْلِ بنِ زِيادٍ النَّخَعِيّ لعثمان


1- مواضع النقط بياض في مخطوطة الأصل بقدر ثلث سطر.

ص: 117

أَقِدْنِيْ- يعني من لطمة.

فقال: أقيد يا عبد النخع! ثمّ قال: إنّ نَفراً من النخع جاؤوني بهذا فادّعوه عبداً، فألحقته فيهم، ثمّ هو يسألني القود، أقيد! فقال: قد عفوت عنك. [3: 1065- 1066]

[151] حدّثنا القاسم بن الفضيل، قال: حدّثني عمرو بن مرّة، عن سالم ابن أبي الجَعْدِ، قال: دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وفيهم عمّار، فقال: إنّي سائلكم؛ أنشدكم اللَّه هل تعلمون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يُؤثِرُ قريشاً على سائر الناس ويُؤثر بني هاشم على سائر قريش؟

فسكت القوم، فقال: لو أنّ مفاتيح الجنّة في يدي لأعطيتُها بني أُميّة حتّى يدخلوا من عند آخرهم، واللَّه لأُعطينَّهم ولأستعملنَّهم على رغمِ أنف من رَغِمَ.

فقال عمّار: على رغم أنفي؟ قال: على رغم أنفك. قال: وأنف أبي بكر وعمر؟

فغضب عثمان فوثب إليه فوطئه وطئاً شديداً، فأجفلَه الناس عنه، ثمّ بعث إلى بني أُميّة فقال: أيا أخابثَ خلقِ اللَّه أغضبتُموني على هذا الرجل حتّى أراني قد أهلكته وهلكت. فبعث إلى طلحة والزبير فقال:

ما كان نوالي إذ قال لي ما قال إلّاأن أقول له مثل ما قال، وما كان لي على قَسْره من سبيل، اذهبا إلى هذا الرجل فخيِّراه بين ثلاث؛ بين أن يقتصّ أو يأخذ أرْشاً أو يَعفُوَ.

ص: 118

فقال: واللَّه لا أقبلُ منها واحدةً حتّى ألقى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأشكوه إليه.

فأتوا عثمان، فقال: سأُحدّثكم عنه؛ كنتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله آخذاً بيدي بالبَطحاء، فأتى على أبيه وأُمّه وعليه وهم يُعذَّبون.

الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة ؛ ؛ ص118

ال أبوه: يا رسول اللَّه، أكلُّ الدهرِ هكذا؟ قال: قال: اصبِرْ ياسر، اللّهمّ اغفر لآل ياسر، وقد فعلت(1). [3: 1098- 1099]

[152] حدّثنا حبّان بن بشر، قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن المغيرة، قال: اجتمع ناسٌ فكتبوا عيوبَ عثمان- وفيهم ابن مسعود- فاجتمعوا بباب عثمان ليدخُلوا عليه فيكلِّموه، فلمّا بلغوا الباب نَكَلُوا إلّا عمّار بن ياسر فإنّه دخل عليه فوعظه، فأمر به فَضُرب حتّى فتق، فكان لا يستمسك بوله. فقيل لعمّار: ما هذا؟ قال: إنّي مُلَقّىً من قريش؛ لقيتُ منهم في الإسلام كذا، وفعلوا بي كذا، ثمّ دخلت على هذا- يعني عثمان- فأمرتُه ونهيته فصنع ما ترون، فلا يستمسك بولي...

[3: 1099- 1100]

[153] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، قال: إنّ صعصعة بن


1- رواه ابن حنبل في المسند 1: 62 عن عبد الصمد، عن القاسم بن الفضيل. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 253 عن صالح بن إسماعيل، عن القاضي أبي نصر محمّد بن عليّ بن ودعان، عن عمّه أبي الفتح أحمد بن عبيد اللَّه، عن أبي القاسم المرجيّ، عن أحمد بن عليّ ابن المثنّى، عن عبد اللَّه بن بكّار، عن القاسم. وانظر: أُسد الغابة 3: 380.

ص: 119

صوحان قام ذات يوم فتكلَّم فأكثر، فقال عثمان بن عفّان: يا أيّها الناس، إنّ هذا البَجْباج النَّفّاج(1) ما يدري مَن اللَّه؟ ولا أين اللَّه؟!

فقال صعصعة: أمّا قولك «لا يدري مَن اللَّه» فإنّ اللَّه ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين.

وأمّا قولك «لا يدري أين اللَّه» فإنّ اللَّه بالمرصاد.

ثمّ قال: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»(2)... [3: 1063- 1064]

أشدّ الناس على عثمان

[154] حدّثني محمّد بن يحيى، قال: حدّثني غسّان بن عبد الحميد، قال: كان عمرو بن العاص مِن أشدّ الناس طعناً على عثمان، وقال: واللَّه لقد أبغضتُ عثمان وحرّضتُ عليه حتّى الراعي في غنمه والسقاية تحت قربتها. [3: 1089]

[155] حدّثنا محمّد بن منصور، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان الضبعيّ، عن عوف، قال: كان أشدّ الصحابة على عثمان طلحة بن


1- البَجباج: الذي يهمز الكلام وليس لكلامه جهة. والنفّاج: الشديد الصلف أو المتكبّر. انظر: الفائق 1: 71، النهاية 1: 96.
2- الحج: 39. والخبر قد أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 24: 88 عن أبي الفتح الطيوريّ، عن عبد الباقي الشيرازيّ، وبسند آخر عن ابن الطيوريّ، عن عبد العزيز الأزجيّ، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن محمّد بن أحمد بن يعقوب، عن جدّه، عن موسى بن إسماعيل.

ص: 120

عبيداللَّه، وإنّما أفسدَ عثمانَ بطانةٌ استبطنها من الطلقاء. [4: 1169]

[156] حدّثنا حيّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال:

حدّثني سفيان ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر، قال: سمعت طلحة يقول يوم الجمل: إنّا قد كنّا أدهنّا في أمر عثمان، فلا بدّ من المبالغة. [4: 1169]

[157] قال سفيان: وحدّثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر، قال: كلّم عليّ طلحة- وعثمان في الدار محصور- فقال: إنّهم قد حيل بينهم وبين الماء.

فقال طلحة: أما حتّى تعطي بنوأُميّة الحقّ من أنفسها، فلا. [4: 1169]

حركة أهل الكوفة ومسيرهم إلى عثمان

[158] حدّثنا عليّ بن محمّد، عن أبي مِخنف، عن عبيد بن محصن، عن أبيه، قال: كتب سعيد بن العاص إلى عثمان: إنّ قِبَلي قوماً يُدْعَون القرّاء، وهم سفهاء، وَثَبُوا على صاحب شرطتي فضربوه ظالمين له، وشَتَمُوني، واستخفُّوا بحقّي؛ منهم عمرو بن زرارة، وكميل بن زياد، ومالك بن الحارث، وحُرْقُوص بن زهير، وشُرَيح بن أوفى، ويزيدُ بن مُكَنَّف، وزيد وصعصعة ابنا صوحان، وجندب بن زهير.

فكتب عثمان إلى الذين سمّاهم: أن يأتوا الشام ويغزوا مغازِيهم.

وكتب إلى سعيد: إنّي قد كفيتك مؤونتهم فأقْرِئْهُم كتابي، فإنّهم لا يخالفون إن شاء اللَّه، وعليك بتقوى اللَّه وحُسن السيرة.

ص: 121

فأقرأهم سعيد الكتاب، فشخصوا إلى دمشق، فأكرمهم معاوية، وقال لهم: إنّكم قدمتم بلداً لا يعرف أهله إلّاالطاعة، فلا تجادلوهم فتُدخلوا الشكّ قلوبهم.

فقال عمرو بن زرارة والأشتر: إنّ اللَّه قد أخذ على العلماء موثقاً أن يُبيّنوا عِلْمَهم للناس، فإن سألَنا سائلٌ عن شي ء نَعلمه لم نكتمه.

فقال معاوية: قد خِفتُ أن تكونوا مُرْصدين للفتنة، فاتّقوا اللَّه ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا فيه.

فحبسهما معاوية، فقال له زيد بن صوحان: ما هذا؟ إنّ الذين أشخصونا إليك من بلادنا لم يعجزوا عن حبسنا لو أرادوا ذلك، فإن كنّا ظالمين فنستغفر اللَّه ونتوب إليه، وإن كنّا مظلومين فنسأل اللَّه العافية.

فقال معاوية: إنّي لأحسبك امرءاً صالحاً، فإن شئت أذنتُ لك أن تأتي مصرك، وكتبتُ إلى أمير المؤمنين أُعْلِمُه إذني لك.

فقال: أخشى أن تأذن لي وتكتب إلى سعيد. فلمّا أراد الشخوص كلّمه في الأشتر وعمرو بن زرارة فأخرجهما، فأقاموا لا يَرَوْنَ أمراً يكرهونه.

وبلغ معاوية أنّ قوماً يأتونهم، فأشخصهم إلى حمص، فكانوا بها حتّى اعتزم أهل الكوفة على إخراج سعيد، فكتبوا إليهم فقدموا. [3: 1140- 1142]

[159] حدّثنا عليّ، عن عبد الأعلى بن سليمان العبديّ، عن يونس ابن أبي إسحاق الهمذانيّ، قال: كتب ناس من وجوه أهل الكوفة

ص: 122

ونسّاكِهِم؛ منهم مَعقل بن قيس الرياحيّ، ومالك بن حبيب، وعبد اللَّه ابن الطفيل العامريّ، وزياد بن حفص التميميّ، ويزيد بن قيس الأرحبيّ، وحُجرُ بن عديّ الكِنديّ، وعمرو بن الحَمِق الخُزاعيّ، وسليمان بن صُرَد، وزيد بن حِصْن الطائيّ، وكعب بن عبدة النهديّ إلى عثمان- ولم يسمّ أحدٌ نفسه في الكتاب إلّاكعب- أنّ سعيد بن العاص كثَّر عندك على قوم من أهل الفضل والدين، فحمّلك من أمرهم على ما لا يحلّ، وإنّا نذكّرك اللَّه في أُمّة محمّد، فإنّك قد بسطت يدك فيها، وحملت بني أبيك على رقابها، وقد خِفْنا أن يكون فساد هذه الأُمّة على يديك، فإن لك ناصراً ظالماً، وناقماً عليك مظلوماً، فمتى نَقَم عليك الناقم ونصرك الظالم، تباين الفريقان، واختلفت الكلمة، فاتَّق اللَّه فإنّك أميرنا ما أطعتَ اللَّه واستقمت.

وبعثوا بالكتاب مع أبي ربيعة العَنَزيّ. فقال له عثمان: من كتب هذا الكتاب؟

قال: صُلحاء أهل المصر. قال: سمِّهم لي. قال: ما أُسَمِّي لك إلّامَن سمّى نفسه.

فكتب عثمان إلى سعيد: انظر ابن ذي الحبكة فاضربه عشرين سوطاً، وحوّل ديوانه إلى الري. فضربه سعيد عشرين سوطاً، وسيّره إلى جبل دنباوَند(1)... [3: 1142- 1143]


1- دنباوند: جبل من نواحي الري، ويقال له: دَماوند، وهو مشهور اليوم. انظر: معجم البلدان 2: 462 و 475.

ص: 123

[160] حدّثنا عليّ، عن أبي إسماعيل الهمذانيّ، عن الكلبيّ، عن كميل بن زياد النخعيّ، قال: أوّل من دعا إلى خلع عثمان عمرو بن زرارة(1). [3: 1146]

[161] حدّثنا عليّ، عن عامر بن حفص، عن أشياخه: أنّ نفراً من أهل البصرة خرجوا إلى عثمان عليهم حكيمُ بن جَبَلة، وفيهم سَدوس ابن عَبْس، ورجلٌ من بني ضُبَيْعة يقال له «مالك». [3: 1147]

موقف أمير المؤمنين عليّ عليه السلام مِن محاصرة عثمان وقتله

[162] حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا يوسف بن الماجشون، قال: حدّثني أبي: أنّ أُمّ حبيبة زوج النبيّ صلى الله عليه و آله حين حُصِر عثمان حُمِلَت حتّى وضعت بين يدي عليّ عليه السلام في خِدْرها- وهو على المنبر- فقالت: أجِرْ لي مَنْ في الدار.

قال: نعم إلّانَعثلًا وشَقِيّاً. قالت: فواللَّه ما حاجتي إلّاعثمان وسعيد ابن العاص.

قال: ما إليهما سبيل. قالت: ملكتَ يا ابن أبي طالب فأسْجِحْ.

قال: أما واللَّه، ما أمركِ اللَّه بهذا ولا رسوله. [4: 1167]

[163] حدّثنا عبد اللَّه بن عمرو، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبي فزارة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال لي عبد الملك بن مروان: أشهدت الدار؟


1- انظر: أُسد الغابة 2: 202، الإصابة 2: 464.

ص: 124

قلت: نعم، فليَسَل أمير المؤمنين ما أحبّ.

قال: أين كان عليّ؟ قلت: في داره.

قال: فأين كان الزبير؟ قلت: عند أحجار الزيت.

قال: فأين كان طلحة؟ قلت: نظرتُ فإذا مثل الحرّة السوداء، فقلت: ما هذا؟ قالوا: طلحة واقف، فإن حالَ حائل دون عثمان قاتَلَه.

فقال: لولا أنّ أبي أخبرني يوم مرج راهط أنّه قتل طلحة ما تركتُ على وجه الأرض مِن بني تيم أحداً إلّاقتلتُه. [4: 1170] [

[164] حدّثنا هارون بن عمر، قال: حدّثنا أسد بن موسى، قال:

حدّثنا جامع بن صبيح، عن الكلبيّ، قال: أرسل عثمان إلى عليّ عليه السلام يقرأه السلام، ويقول: إنّ فلاناً- يعني طلحة- قد قتلني بالعطش، والقتلُ بالسلاح أجملُ مِن القتل بالعطش.

فخرج عليّ عليه السلام- يتوكّأ على يد المِسور بن مَخرمة- حتّى دخل على ذلك الرجل وهو يَترامى بالنَّبْل، عليه قميصٌ هَرَويّ، فلمّا رآه تنحّى عن صدر الفراش ورحّب به.

فقال له عليّ عليه السلام: إنّ عثمان أرسل إليّ أنّكم قد قتلتموه بالعطش، وإنّ ذلك ليس يَحسُن، وأنا أُحبّ أن تُدخِلَ عليه الماء.

فقال: لا واللَّه ولا نِعْمَةَ عين، لا نتركه يأكل ويشرب.

فقال عليّ عليه السلام: ما كنت أرى أنّي أُكلّم أحداً من قريش في شي ءٍ فلا يفعل!

فقال: واللَّه لا أفعل، وما أنت مِن ذلك في شي ء يا عليّ!

ص: 125

فقام عليّ عليه السلام غضبان، وقال: لتعلمنّ بعد قليلٍ أكون مِن ذلك في شي ءٍ أم لا(1). [4: 1202]

[165] حدّثنا عليّ بن محمّد، عن الشرقي بن قطامي، عن عمّه ابن السائب بمثله، إلّاأنّه قال عليّ عليه السلام: ستَعلمُ يا ابن الحضرميّة أكون في ذلك مِن شي ء أم لا؟

وخرج عليّ عليه السلام متوكّئاً على المِسور، فلمّا انتهى إلى منزله التفتَ إلى المِسور فقال: أما واللَّه ليَصْلَيَنَّ حرَّها، وليكونن بردُها وحرُّها لغيره، ولتُتركنَّ يداه منها صِفراً. وبعث...(2) ابنه إلى عثمان براوية من ماء. [4: 1202- 1203]

[166] حدّثنا محمّد بن يوسف بن سليمان وأحمد بن منصور الرماديّ، قالا: حدّثنا هشام بن عمّار بن نصير السُّلَمِيُّ، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن القاسم بن سميع القرشيّ، قال: حدّثني ابن أبي ذئب، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، قال: أشرف عثمان على الناس- وهو محصور- فقال: أفيكم عليّ؟ قالوا: لا. قال: أفيكم سعد؟

قالوا: لا. فسكتَ ثمّ قال: ألا أحدٌ يُبَلِّغُ، فيسقينا ماءً؟

فبلغ ذلك عليّاً عليه السلام فبعث إليه بثلاث قِرَب مملوءة، فما كادت تصل إليه حتّى جُرح في سببها عدّة من موالي بني هاشم وموالي بني أُميّة حتّى وصلت إليه.


1- راجع: تاريخ الأُمم والملوك 3: 417، تاريخ مدينة دمشق 39: 434.
2- بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمة، ولعلّها: «الحسن عليه السلام».

ص: 126

وبلغ عليّاً عليه السلام أنّ عثمان يُرادُ قتلُه، فقال: إنّما أردنا منه مروان، فأمّا قتلُه فلا. وقال للحسن والحسين: اذهبا بنفسيكما حتّى تقوما على باب دار عثمان، فلا تدعا واحداً يصل إليه.

وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كُرْه منه، وبعث عدّة من أصحاب محمّد صلى الله عليه و آله أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان.

فلمّا رأى ذلك محمّد بن أبي بكر، ورمى الناسُ فيهم بالسهام حتّى خُضِّبَ الحسنُ بالدماء على بابه، وأصاب مروان سهم وهو في الدار، وخُضِّبَ محمّد بن طلحة وشُجَّ قنبر.

وخشي محمّد بن أبي بكر أن يَغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين عليهما السلام فأخذ بيد رجلين وقال لهما: إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدِّماء على وجه الحَسن كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما تريدان، ولكن مُرّا بنا حتّى نَتَسَوَّر عليه الدار فنقتُله من غير أن يعلم بنا أحد.

فتسوّر محمّد بن أبي بكر وصاحباه مِن دار رجل مِن الأنصار حتّى دخلوا على عثمان، وما يعلم أحد ممّن كان معه، لأنّ كلّ مَن كان معه كان فوق البيوت، فلم يكن معه إلّاامرأته.

فقال لهما محمّد بن أبي بكر: مكانكما حتّى أبدأَ بالدخول، فإذا أنا خَبطتُه فادخُلا فَتُوجِئاه حتّى تقتُلاه.

فدخل محمّد فأخذ بلحيته، فقال له عثمان: أما واللَّه لو رآك أبوك لساءَه مكانُك منّي. فتراخت يده، وحمل الرجلان عليه فوجَئاه حتّى

ص: 127

قتلاه، وخرجوا هاربين من حيث دخلوا. وصرخت امرأته فلم يُسمع صُراخها لما في الدار من الجلبة، فصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إنّ أمير المؤمنين قد قُتِل.

فدخل الحسن والحسين عليهما السلام ومَن كان معهما فوجدوا عثمان مذبوحاً، فانكبّوا عليه يبكون، وخرجوا، ودخل الناس فوجدوه مقتولًا.

وبلغ عليّاً عليه السلام الخبر وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بالمدينة، فخرجوا- وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم- حتّى دخلوا عليه فوجدوه مذبوحاً، فاسترجعوا(1)... [4: 1303- 1305]

[167] حدّثنا عليّ بن محمّد، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل ابنِ مساحق، عن أبيه، قال: دخل عليٌّ عليه السلام على عثمان بالذي وجده أهلُ مصر مع غلامه، فحلف عثمان ما كتبه! فقال له عليّ عليه السلام: فمن تتَّهِم؟

قال: أتَّهِمُك وكاتبي.

فغضب عليّ عليه السلام وخرج وقال: واللَّه، لئن لم يكن كتبَه أو كُتِبَ على لسانه، ما له عذر في تضييع أمر الأُمّة، ولئن كان كتبَه لقد أحلّ نفسَه، ولا أرُدّ عنه وقد اتَّهمني. فاعتزل، واعتزلَ ناسٌ كثير. [4: 1168]

[168] حدّثنا عليّ بن محمّد، عن شيخ مِن بني حنظلة، عن قيس بن رافع، قال: قال زيد بن ثابت: رأيت عليّاً عليه السلام مضطجعاً في المسجد فقلت: يا أبا الحسن، إنّهم يزعمون أنّك لو شئت رَددتَ عن عثمان!


1- انظر: تاريخ مدينة دمشق 39: 418.

ص: 128

فجلس وقال: واللَّه ما أمرتُ بشي ء ولا دخلت في شي ء من شأنهم.

قال: فأتيت عثمان فأخبرته، فقال:... مُزَمل(1). [4: 1205]

[169] حدّثنا عليّ بن محمّد، عن جناب بن موسى، عن مجالد، عن الشعبيّ، قال: لمّا قدم أهلُ مصر المرَّة الثانية، صعد عثمان المنبر فحصبوه، وجاء عليٌّ عليه السلام فدخل المسجد، فقال عثمان: يا عليّ، قد نصبتَ القِدْرَ على أثاف(2).

قال: ما جئتُ إلّاوأنا أُريد أن أُصلحَ أمرَ الناس، فأمّا إذا اتَّهمتني فسأرجع إلى بيتي. [4: 1167]

[170] حدّثنا محمّد بن جميل، قال: حدّثنا إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة: أنّ عليّاً عليه السلام نهى عن قتل عثمان.

فجاء رجلٌ فأخذ بلحيته وقال: وما أنت وذاك؟ واللَّه لا نُؤمّرك علينا. فسكت. [4: 1228]

[171] حدّثنا يوسف بن موسى القطّان، قال: حدّثنا حكام بن سَلم، عن عبد اللَّه بن جابر، عن الحسن، قال: إنّي لَفي حَلقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام إذ جاءت الصيحةُ من دار عثمان بن عفّان، فرأيته رافعاً يديه إلى السماء يقول: اللّهمّ إنّي أبرأُ إليك من دم عثمان. [4: 1229]


1- في هامش الأصل: ثَمّ بياض في مخطوطة الأصل بمقدار سطر ونصف ثمّ كلمة «مزمل» ولعلّ عثمان قد استشهد ببيت امرئ القيس في مُعلّقته: كأنّ أبانا في أفانين ودقه كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَّمَّلِ
2- أثاف: الأحجار التي توضع عليها القِدر. انظر: كتاب العين 8: 245، الصحاح 6: 2293.

ص: 129

[172] حدّثنا أبو عاصم وحبّان بن هلال، قالا: حدّثنا جويرية بن بشير، قال: حدّثنا أبو خلدة- زاد حبّان: حنظلة- قال: سمعت عليّاً عليه السلام يخطب الناس فعرض بذكر عثمان في خطبته- قالا جميعاً في حديثهما:-

قال: إنّ الناس يزعمون أنّي قتلت عثمان، فلا والذي لا إله إلّاهو، ما قَتلتُه، ولا مالَأْتُ على قتله ولا ساءَني. [4: 1263]

[173] حدّثنا سلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا جميل بن عبيد الطائيّ، قال: سمعت أبا خلدة الحنفيّ يقول: سمعت عليّاً عليه السلام- وهو على المنبر- يقول: ما أمرتُ، ولا نهيتُ ولا سَرَّني، ولا ساءَني قتلُ عثمان(1). [4: 1263]

[174] حدّثنا محمّد بن حُمَيد، قال: حدّثنا هارون بن المثنى، قال:

حدّثنا الجرّاح، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن جدّه عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عليّاً عليه السلام خرج من منزل رَجل من الأنصار وهو يقول: اللّهمّ إنّي أبرأُ إليك من دم عثمان. [4: 1263]

[175] حدّثنا حيّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال:

حدّثنا شريك، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت عليّاً عليه السلام رفع يديه- أو قال: إصبعَيه- وقال: اللّهمّ إنّي أبرأُ


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 685 بتفاوت يسير عن أبي أُسامة، عن عوف ابن محمّد. وانظر: الطبقات الكبرى 3: 68- 69، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 128، تاريخ مدينة دمشق 12: 295، الفصول المختارة: 229.

ص: 130

إليك من دم عثمان(1). [4: 1264]

[176] حدّثنا محمّد بن الصباح، قال: حدّثنا إسماعيل بن زكريّا، عن عاصم الأحول، عن أبي عبد اللَّه العنزيّ وعن أبي زرارة الشيبانيّ، قالا: نشهدُ باللَّه على عليٍّ شهادة يسألُنا عنها، فقد شهدنا شاهدة، لقد سمعناه يقول: واللَّه ما قتلتُ عثمان، ولا أمرتُ، ولا شركتُ ولا رضيتُ(2). [4: 1264]

موقف الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام في حصر عثمان

[177] حدّثنا أبو عاصم، قال: حدّثنا سعدان بن بشر، قال:

حدّثنا أبو محمّد الأنصاريّ، قال: شهدت عثمان وهو يُقتل بالدار والحسنُ بن عليّ عليهما السلام يُضارب عنه حتّى جُرحَ، فرفعه فيمن رفعه جريحاً. [4: 1275]

[178] حدّثنا عليّ بن الجعد والأصمعيّ، قالا: حدّثنا زهير بن معاوية، قال: حدّثنا كنانة مولى صفيّة، قال: كنت فيمن يَحمل الحسن ابن عليّ عليهما السلام جريحاً من دار عثمان(3). [4: 1275- 1276]


1- رواه ابن حمّاد في كتاب الفتن: 95 عن المطّلب بن زياد، عن عبد اللَّه بن عيسى.
2- رواه ابن حمّاد في كتاب الفتن: 96، وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 684 عن عبدة ابن سليمان، عن عاصم.
3- أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 392 بإسناده إلى البغويّ، عن عليّ بن الجعد. وانظر: سير أعلام النبلاء 8: 181.

ص: 131

موقف عائشة في حصر عثمان

[179] حدّثنا موسى، قال: حدّثنا جويريّة بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، عن عمّه: فجاءَها مروان(1) فقال: أرسلني أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ورحمة اللَّه، وقال: رُدِّي عنّي الناس، فأعرضت عنه مرّة أو مرّتين.

فقام- وهو يتمثّل ببيت شعرٍ لم يحفظه أبو سلمة(2)-

فقالت: ارجع، واللَّه لوددتُ أنّك وصاحبك الذي جئتَ مِن عنده في وعائنا وَكيْتُ عليكما ثمّ نبذتُكما. [4: 1171- 1172]

[180] حدّثنا زهير بن حرب، قال: حدّثنا وهب بن جرير، قال:

حدّثنا جويرية، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد الأنصاريّ، قال: حدّثني عمّي- أو عمّ لي- قال: بينما أنا عند عائشة- وعثمانُ محصورٌ، والناس مُجهِّزون للحجّ- إذ جاء مروان فقال: يا أُمّ المؤمنين، إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ورحمة اللَّه، ويقول: رُدّي عنّي الناس فإنّي فاعل وفاعل. فلم تُجِبه.

فانصرف وهو يتمثّل ببيت الربيع بن زياد العبسيّ:

وحَرَّق قيسٌ عليَّ البلادَ حتّى إذا اشتَعلتْ أجْذَما

فقالت: رُدُّوا عليَّ هذا المتمثّل. فرددناه، فقالت- وفي يدها غرارة


1- أي جاءَ مروان إلى عائشة.
2- يأتي البيت في الخبر الآتي.

ص: 132

لها تعالجها: واللَّه لوددتُ أنّ صاحبك الذي جئتَ مِن عنده في غرارتي هذه فأوكيتُ عليها فألقيتها في البحر. [4: 1172]

[181] طلحة يمنع من عثمان الماء، وعمّار يطلب له الماء:

حدّثنا محمّد بن يحيى، عن ابن أبي يحيى، عن عبد الرحمن بن أُسامة الليثيّ، عن أبيه، قال: لمّا حُصِر عثمان أرسل إلى عمّار بن ياسر فطلب أن يدخل عليه روايا ماء، فطلب له ذلك عمّار من طلحة، فأبى عليه.

فقال عمّار: سبحان اللَّه! اشترى عثمان هذه البئر- يعني رومة- بكذا وكذا ألفاً، فتصدّق بها على الناس، وهؤلاء يمنعونه أن يشرب منها.

[1: 154]

مَن أعانَ على قتل عثمان

[182] حدّثنا عليّ، عن أبي مِخنف، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، قال: كان المحمَّدون الذين سَعَوْا على عثمان: محمّد بن أبي بكر، ومحمّد بن حذيفة، ومحمّد بن أبي سبرة بن أبي رهم. وكان أبو أيّوب ممّن أعان على عثمان... [4: 1301- 1302]

[183] حدّثنا زهير بن حرب، قال: حدّثنا وهب بن جرير، قال:

حدّثنا أبي، قال: سمعت قتادة يحدّث: أنّ عبد اللَّه بن أُذينة العبديّ لمّا بلغه قدوم طلحة والزبير ركب فرسه فتلقّاهما قبل أن يدخلا البصرة، فإذا محمّد بن طلحة ابنِ عبيد اللَّه- وكان يقال له «الساجد» من

ص: 133

عبادته(1)- فقال له: مَن أنت؟

قال: أنا محمّد بن طلحة. قال: واللَّه إن كنتُ لأُحبُّ أن ألقاك.

قال له محمّد: مَن أنت؟ قال: عبداللَّه بن أُذينة. فأخبرني عن قتل عثمان.

قال: أُخبرك أنّ دمَ عثمان ثلاثةُ أثلاث: ثلثٌ على صاحبة الخِدْر- يعني عائشة- فلمّا سَمِعَتْه يقول ذلك شَتمَتْه وأساءَت له القول، فقال: يغفر اللَّه لك يا أُمَّتاه-

وثلثٌ على عليّ بن أبي طالب،

وثلثٌ على صاحب الجمل الأحمر ميمنة القوم- يعني أباه طلحة.

فلمّا سمعه أبوه أقبل إليه سريعاً وقال: ويحَك، هل ثاب رجل بأفضل من نفسه(2)؟! [4: 1173- 1174]


1- هنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمة، ولكن الكلام متّصل.
2- وفي تاريخ الأُمم والملوك 3: 482 بضمن خبر: وأقبل غلام مِن جهينة على محمّد بن طلحة- وكان محمّد رجلًا عابداً- فقال: أخبرني عن قتلة عثمان. فقال: نعم، دم عثمان ثلاث أثلاث: ثلث على صاحبة الهودج- يعني عائشة- وثلث على صاحب الجمل الأحمر- يعني طلحة- وثلث على عليّ بن أبي طالب. وضحك الغلام وقال: لا أراني على ضلال، ولحق بعليّ عليه السلام. وقال في ذلك شعراً: سألت ابن طلحة عن هالك بجوف المدينة لم يُقْبَرِ فقال ثلاثة رهط هم أماتوا ابن عفّان واستعبر فثلث على تلك في خدرهاوثلث على راكب الأحمر وثلث على ابن أبي طالب ونحن بدوية قرقر فقلت صدقت على الأوّلَين وأخطأت في الثالث الأزهر

ص: 134

[184] قال ابن دأب: قال الحارث بن خليف: سألت سعداً عن قتل عثمان، فقال: قُتِل بسيف سلَّتْه عائشة، وشحَذه طلحةُ، وسَمَّه ابن أبي طالب.

قلت: فالزبير؟ قال: فسكت وأشار بيده وأمسكنا، ولو شئنا لرفعنا ولكن عثمان تَغَيَّر وتُغُيِّر، وأساء وأحسن، ولم يجد متقدّماً، فإن كنّا أحسنّا فقد أحسنّا، وإن كنّا أسأنا فنستغفر اللَّه.

وقال: وكان الزبير لي صديقاً فأتيته، فقال: ما أقدمك؟ فقلت:

جئتُ لأقتدي بك. قال: فارجع. قلت: فأنت؟

قال: تَاللَّه إنّي لَمغلوب مطلوب؛ يغلبُني أهلي، وأُطلب بذنبي.

قلت: فصاحبكم؟ قال: لو لم يجد إلّاأن يشقّ بطنه من حُبِّ الإمارة لَشقَّه. [4: 1174]

[185] حدّثنا سليمان بن رجاء، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عبد اللَّه ابنُ ميسرة، عن غياث البكريّ، قال: سألت أبا سعيد الخُدريّ، عن قتل عثمان؛ هل شهده أحد من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

قال: نعم، لقد شهده ثمانمائة(1). [4: 1174- 1175]

بين أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام ومعاوية

[186] حدّثنا أحمد بن معاوية، قال: حدّثنا الهيثم بن عديّ، عن ابن عيّاش، قال: قال عبد اللَّه بن عبّاس: قدم سعيد بن العاص من


1- أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 3: 28.

ص: 135

الكوفة حاجّاً فمرض بمكّة، فدخل عليه [عليّ عليه السلام](1) يعوده وعنده معاوية، وعبد اللَّه بن عامر، وعبد اللَّه بن خالد بن أُسيد، فأوسعوا له عند رأسه، فسأله، فلمّا فرغ قال له معاوية: أبا حسن، إنّي قائل لك قولًا فإن كرهته فاصبر على ما تكره منه، فإنّ من ورائه ما تُحبّ؛ إنّه واللَّه ما صاحِبُنا غيرُك، ولو سكَتَّ عنّا ما نطق مَن قال معك، وما يُغْصَبُ أمرُنا إلّابك، وإنّ الذين معك اليوم لَعليك غداً، ولئن لا يشنأُك لنكوننّ أحبّ إليهم منك، وباطلُنا أحبّ إليهم من حقِّك، إنّك واللَّه ما أنت بقويّ على ما تريد، ولا نحن بضعفاء عمّا نطالب.

فقال عليّ عليه السلام: يا معاوية، أفتراني أقعد أقول وتقول! ثمّ خرج.

قال ابن عبّاس: فلقيته فعرفتُ الغضبَ في وجهه، فدخلت على سعيد ابن العاص فسألته، ثمّ قلت لهم: كأنّكم أنفرتُم شيخكم!

فقال معاوية: أردنا تسكينه فنفر. فقلت: ولمَ؟ فو اللَّه إنّه لَوقور غيور يسيق(2) بغير مضع، فإيّاكم يا بني أُميّة لا تمثّلوا به فيمثّل بكم.

قال: وكان معاوية وعمرو عند عثمان، فقال لهما: قُوما فأعذراني.

فخرجا، فقال معاوية لعمرو: تكلّم. قال: بل أنت فتكلّم، فأنت أعلم بِعُذر صاحبك.

فقال معاوية: يا أهل المدينة، إنّ قولكم اليوم سُنّة على مَن سواكم،


1- إضافة يقتضيها السياق.
2- يسيق: يتابع الكلام في يسر. مِن هامش الأصل. أقول: ولعلّ العبارة «يسيغ بغير مضغ» كناية عن الذكاء وتلقي الأمور بسرعة. السيّد

ص: 136

وحُكم على مَن خالفكم، وقد خلَّى الناسُ بينكم وبين أمركم في هذا الرجل، فإن تركتموه حتّى يمضي أقام الأمر فأقمتم به، وكان لكم وإليكم، وإن أمضيتموه وأقمتم اتَّهمكم الناس على حكمكم وحكموا عليكم. وإنّ الفتنة تنبت على ثلاث: على التخوّن، ثمّ السكون، ثمّ الخَلْع وهي العظمى، وفيها يصير الصغيرُ كبيراً والشريف وضيعاً، ويقول فيها من لم يكن يُسمَع منه فَيُسمَع له، ولا يقال معه.

ودعا عثمانُ عليّاً وطلحة والزبير وعمرو بن العاص ليَعْذِروه، فقال الوليد ابن عُقْبَةَ:

دَعَوْنا رجالًا من قريش ليَنْطِقُوابِعُذر أبي عمرو فلم يَحفظوا الحُرَمْ

فأمّا عليٌّ فاختلاجة أنفِه وطلحة قد أشجى وعمرو قد اصطلَم

ولو لا عليّ كان جُلّ مقالهم كضرطةِ عَيْرٍ بالصحاصِح من إضَم

ولكنّه مهما يَقُل يَسمعوا له ومهما مضى فيما أُحاذِره أمَم

[3: 1097- 1098]

[187]- تخاصُم عمّار ومعاوية-: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن أبي دينار- رجل من بني دينار بن النجّار- عن أبي معبد الأسلميّ، عن قيس بن طلحة، قال: خرج معاوية من عند عثمان، فمرّ به نفر من

ص: 137

المهاجرين، فقال: استوصوا بشيخي هذا خيراً، فواللَّه لئن قُتِلَ لا أُعطيكم إلّاالسيف. ثمّ أتى عمّاراً، فقال: [يا] أبا اليقظان، إنّي تركتُ بالشام أكثرَ من عدد أهل الحجاز كلّهم شجاع فارس، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحجّ البيت، لا يعرف عمّاراً ولا سابقته، ولا عليّاً ولا قرابته، فإيّاك أن تنجلي الغُمّة فيقال: هذا قاتل عمّار.

فقال: أبِالقتل تخوّفني؟ واللَّه يا بني أُميّة لا تسبُّوني ونقول:

أحسنتم. [3: 1093- 1094]

[188]

معاوية ممّن يهوى قتل عثمان

:... [لمّا] نزى معاوية لأهل الشام، فكره [عبد اللَّه] بن سعد القرشيّ أن يبايع معاوية، وقال: ما كنتُ لأُبايع رجلًا أعرف أنّه يهوى قتل عثمان. [4: 1153]

[189]

إمحاء مروان العلامةَ التي وضعها النبيّ صلى الله عليه و آله عند قبر ابن مظعون

: قال أبو غسّان: وأخبرني عبد العزيز، عن الحسن بن عمارة، عن شيخ من بني مخزوم يُدعى عمر، قال: كان عثمان بن مظعون رضى الله عنه مِن أوّل مَن مات مِن المهاجرين، فقالوا: يا رسول اللَّه، أين ندفنه؟ قال:

بالبقيع.

قال: فلحد له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وفضل حجرٌ من حجارة لحده، فحمله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فوضعه عند رِجْلَيه.

فلمّا ولي مروان بن الحكم المدينةَ مرّ على ذلك الحجر، فأمر به فَرُمِيَ به وقال: واللَّه، لا يكون على قبر عثمان بن مظعون حجرٌ يعرف به.

ص: 138

فأتتهُ بنو أُميّة فقالوا: بئس ما صنعتَ، عدت إلى حجر وضعه النبيّ صلى الله عليه و آله فرميْتَ به. بئس ما عملت به، فَأْمُر به فليُرَدّ.

قال: أمَ واللَّه، إذ رميتُ به فلا يُرَدّ. [1: 101- 102]

فوائد متفرقة زاويتا الشاميّة واليمانيّة

يستعمل ابن شبّة دائماً شامي كذا أو الزاوية الشاميّة بمعنى الشماليّة، لأنّ الشام تقع شمال المدينة المنوّرة.

وكذا يقول: يمانيّ كذا والزاوية اليمانيّة، ويريد الجنوب، لأنّ اليمن من جنوبها.

كَتاتيب المدينة

(1)جاء ذِكر كُتّاب عروة في طريق رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عند رجوعه من قباء. [1: 57]

قال: وعروة رجل من أهل اليمن كان يُعَلِّم. [1: 253]

وذكر أيضاً: واتّخذ عمّار بن ياسر رضى الله عنه داره التي في بني زريق، وكانت من دور أُمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه و آله وبابها وُجاه دار عبد الرحمن بن


1- الكُتّاب: مكان صغير لتعليم الصبيان القراءة والكتابة وتحفيظهم القرآن وجمعها كَتاتيب. انظر: المعجم الوسيط: ص 775.

ص: 139

الحارث بن هشام، وكانت أُمّ سلمة أعطته إيّاها، ولها خوخة شارعة في كتّاب عروة، وهي خوخة عمّار نفسه. [1: 245]

وقال:... كتّاب النصر. [1: 262]

وقال:... كتّاب إسحاق الأعرج. [1: 253]

وقال: اتّخذ عمرو بن العاص داره التي بالبلاط بين دار خالد بن الوليد وبين الكتّاب الذي يقال له: كُتّاب ابن الخصيب. [1: 251]

[190] دار ابن سبرة وعمّار بن ياسر: قال ابن أبي يحيى: كانت لابن سبرة بن أبي رُهم دار موضعها عند الاسطوانة المُرَبَّعة التي في المسجد اليمانيّة الغربيّة، وكانت حديدة دار كانت هناك لعمّار بن ياسر، فأُدخلتا في المسجد. [1: 253]

[191] تسمية ثنية الوَداع(1): قال أبو غسّان: وأخبرني عبد العزيز ابن عمران، عن أيّوب بن سيّار، عن عبد اللَّه بن محمّد بن عقيل، عن جابر بن عبداللَّه رضى الله عنه قال: إنّما سمّيت ثنية الوداع لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أقبل من خيبر ومعه المسلمون قد نكحوا النساء نكاح المتعة، فلمّا كان بالمدينة قال لهم: دعوا ما في أيديكم من نساء المتعة. فأرسلوهنّ، فسمّيت ثنية الوداع(2). [1: 269- 270]


1- قال الحمويّ: ثنية الوَداع: بفتح الواو، وهو اسم من التوديع عند الرحيل، وهي ثنية مشرفةعلى المدينة يطَؤُها مَن يريد مكّة، واختلف في تسميتها بذلك... وقيل: الوداع اسم وادٍ بالمدينة. والصحيح أنّه اسم قديم جاهليّ سُمِّيَ لتوديع المسافرين. معجم البلدان 2: 86.
2- وفي وفاء الوفاء 2: 275 سمّيت بذلك لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهنّ عند رجوعهم من خيبر. وأيضاً راجع: فيض القدير 1: 57.

ص: 140

[192] عبد العزيز بن عمران(1) كان كثير الغلط في حديثه: قال ابن شبّة: وكان عبد العزيز كثير الغلط في حديثه، لأنّه أحرق كتبه، فإنّما كان يحدّث بحفظه. [1: 123]

قبة قبر سعد بن معاذ

[193] قال عبد العزيز في قبر سعد بن معاذ: في أقصى البقيع، وعليه جُنْبذَة(2)(3). [1: 125]

أنهار الجنّة وجبالها

[194] قال [أبو غسّان]: وأخبرني عبد العزيز، عن أبي معشر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: أربعة أنهار في الجنّة، وأربعة أجبُل، وأربع ملاحم في الجنّة.

فأمّا الأنهار فسَيْحان وجَيْحان والنِّيل والفُرات.

وأمّا الأجبُل فالطور ولبنان وأُحد ووَرِقان.

وسكت عن الملاحم. [1: 85]


1- تجد ترجمته في تهذيب التهذيب 6: 312- 313، وذكره الطوسيّ في الرجال: 239 وقال: «ضعَّفه ابن نمير». وقال العلّامة: «ليس هذا عندي موجباً للطعن، لكنّه من مرجّحات الطعن». انظر: خلاصة الأقوال: 376.
2- سقف مدوّر هو معرّب: «گنبد» وهي القبّة، كما في الصحاح 2: 561.
3- انظر: وفاء الوفاء 2: 100.

ص: 141

موضعان باسم نينوى

[195] قال محمّد: وأخبرني عبد العزيز، عن يزيد بن عياض بن جُعْدبة، عن ابن شهاب، قال: وُجِدَ قبر على جمّاء أُمّ خالد أربعون ذراعاً في أربعين ذراع، مكتوب في حَجَر فيه: أنا عبد اللَّه من أهل نِيْنَوى، رسولُ رسول اللَّه عيسى ابن مريم إلى أهل هذه القرية، فأدركني الموت، فأوصيت أن أُدفن في جمّاء أُمّ خالد.

قال: فسألت عبد العزيز عن قوله: «أهل نِيْنَوى»؟

قال: «نِيْنَوى» موضعان:

فأحدهما بالسواد بالطفّ حيث قُتِلَ الحسين بن عليّ عليهما السلام.

والآخر قرية بالمَوْصِل، وهي التي كان فيها يونس النبيّ عليه السلام.

ولسنا ندري أيّ الموضعين أراد؟!

قال: وأمّا «جمّاء أُمّ خالد» يعني الجمّاء التي بالعقيق، التي في أصلها بيوت الأشعث، وقصر يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفليّ، والفيفاء فيفاء الخَبار، وبينها وبين «جمّاء العاقر» طريق من ناحية وُومَة.

وفيفاء الخَبار من جمّاء أُمّ خالد.

وجمّاء العاقر: الجبل الذي خلف مُشاش، وإليه قصور جعفر بن سليمان بن عليّ بالعرصة. [1: 149]

من أخبار أبي رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله

[196] حدّثنا سليمان بن أحمد الجرشيّ، قال: حدّثنا جرير بن

ص: 142

القاسم بن سليمان البجليّ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، قال: حدّثنا بكير بن عبد اللَّه بن الأشجّ، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن أبي رافع، قال:

حدّثني أبو رافع: أنّه أقبل بكتاب من قريش إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال:

فلمّا رأيته ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول اللَّه، إنّي لا أرجع إليهم.

قال: إنّا لا نخيس بالعهد ولا نحبس البُرُدَ، ولكن ارجع إليهم، فإن كان في قلبك الذي قَلَبك فارجع.

قال: فرجعت إليهم، ثمّ أقبلت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأسلمت.

قال: وأخبرني الحسن: أنّ أبا رافع كان قبطياً(1). [2: 601- 602]

[197] حدّثنا هارون بن معروف، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرني ابن جُرَيج، عن إبراهيم بن ميسرة: أنّ عمرو بن الشريد أخبره قال: وقفت على سعد بن أبي وقّاص، فجاء المسوّر بن مخرمة فوضع يده على أحد مَنكبيَّ، ثمّ جاء أبو رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: يا سعد، ابتع منّي بيتين لي في ذلك. فقال سعد: واللَّه لا أبتاعهما.

فقال المسوّر: واللَّه لتبتاعنّهما!

فقال سعد: لا واللَّه لا أزيدك على أربعة آلاف مُنَجَّمَة وقطيعة.


1- رواه أبوداود في السنن 1: 627 عن أحمد بن صالح، عن عبد اللَّه بن وهب، عن عمرو، عن بكير. والحاكم في المستدرك 3: 598 عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن عبد اللَّه، عن ابن وهب. وانظر: السنن الكبرى للبيهقيّ 9: 145، صحيح ابن حبّان 11: 233، المعجم الكبير للطبرانيّ 1: 323، تاريخ مدينة دمشق 4: 51.

ص: 143

فقال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «المرءُ أحقُّ بِسَقَبِه(1)» ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أُعطى بها خمسمائة دينار(2). [1: 236]

[198] حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث رجلًا من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: أتتبعني فتصيب منها؟ فقال: لا، حتّى آتي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأسأله.

فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وذكر ذلك له، فقال: إنّ مولى القوم من أنفسهم، وإنّه لا يحلّ لنا الصدقة(3). [2: 643- 644]

تحزيب القرآن عند القراءة

[199] حدّثنا عبيد بن عقيل، قال: سمعت عبد اللَّه بن عبد الرحمن ابن يعلى يحدّث عن عثمان بن عبد اللَّه بن أوس بن حُذَيْفَةَ، عن جدّه أوس بن حذيفة، قال: قدمنا في وَفد ثقيف فأنزلهم في قبّته بين مصلَّاه ومسكن أهله، فكان يمرّ بهم إذا صلّى العشاء يحدّثهم، وكان أكثر ما


1- السقب: القرب.
2- انظر: مسند أحمد 6: 10.
3- رواه ابن حنبل في المسند 6: 10 بإسناده عن شعبة. وأبو داود في السنن 1: 373 عن محمّد بن كثير، عن شعبة. والطيالسيّ في المسند: 131 عن أبي داود. وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 431 عن وكيع، عن شعبة. والطبرانيّ في المعجم الكبير 1: 316 عن عليّ بن عبد العزيز، عن عفّان بن مسلم، عن شعبة.

ص: 144

يحدّثنا تَشكّيه قريشاً وما صنعوا به بمكّة، فيقول: وكنّا بمكّة مستضعفين مستذلّين، فلمّا خرجنا إلى المدينة انتصفنا من القوم، فكانت سجال الحرب علينا ولنا.

فمكث عنّا ليلة، فقلنا: يا رسول اللَّه، أبطأتَ عنّا المكث الليلة!

فقال: إنّه طرأ عليَّ حزبٌ من القرآن الليلة، فأحببت أن لا أَخرج حتّى أَقضيه، فلمّا قضيته خرجت إليكم.

فلمّا أصبح بكرةً سألنا أصحابه: كيف تحزّبون القرآن؟

فقالوا: نحزّبه سبعة أحزاب: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، واحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وتراً وتراً. وحزب المفصّل أوّله «قاف»(1). [2: 508- 509]

[200]

حديث عرجون ابن طاب

(2)حدّثنا هارون بن معروف قال:

أنبأنا حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حَزْرَة، عن عبادة ابن الوليد ابن عُبادة بن الصامت، قال: خرجت- أنا وأبي- نطلُب العلم في هذا الحيّ من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أوّل من لقينا أبواليسر، ثمّ مضينا حتّى أتينا جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما في مسجده، وهو يصلّي في ثوب واحد مشتملًا به، فتخطّيتُ القومَ حتّى جلستُ بينه


1- رواه ابن حنبل في المسند 4: 9 عن عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن. وابن ماجة في السنن 1: 427- 428 عن ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن عبد اللَّه. ونقله ابن كثير عنهما في السيرة النبويّة 4: 60.
2- ابن طاب: هو اسم رجل معروف من أهل المدينة، يقال: عذق ابن طاب ورطب ابن طاب. انظر: الصحاح 1: 173، النهاية لابن الأثير 3: 149.

ص: 145

وبين القبلة، فقلت له: رحمك اللّهُ، تصلّي في ثوب واحد، وهذا رداؤك إلى جنبك؟ فقال: فقال بيده في صدره هكذا، وفَرّق بين أصابعه ففرشها: أردتُ أن يدخلَ عليَّ أحمقُ مِثلك، فيراني كيف أصنع فيصنع مثلَه!

أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في معرضنا(1) هذا وفي يده عُرجُون ابن طاب، فرأى في قِبلة مسجدنا نُخامةً فحكّها بالعُرجون، ثمّ أقبل علينا فقال: أيّكم يحبّ أن يُعرض اللَّه عنه؟ قلنا: لا أيّنا، يا رسول اللَّه.

قال: فإنّ أحدَكم إذا قام يصلّي فإنّ اللَّه قِبَلَ وجهه، فلا يبصق قِبَلَ وجهِه ولا عن يمينه، وليبصق قِبَل يَساره تحت رجله اليسرى، فإن عَجِلت به بادرة فليفعل هكذا بثوبه، ثمّ طوى بعضه على بعض، أروني عَبيراً.

فقام فتىً من الحيّ يشتدُّ إلى أهله، فجاء بِخَلُوق في راحته، فأخذه النبيّ صلى الله عليه و آله على رأس العرجون، ثمّ لطَّخ به على أثر النخامة.

قال جابر رضى الله عنه: فمن هنالك جعلتم الخَلُوق في مساجدكم(2). [1: 18- 19]


1- في وفاء الوفاء للسمهوديّ: 660، عن مؤلّفنا: في مسجدنا.
2- رواه أَبُو داود في السنن 1: 117 ح 485 عن يحيى بن الفضل السجستانيّ، وهشام بن عمّار وسليمان بن عبد الرحمن الدِّمَشْقِيّيْنِ، عن حاتم بن إسماعيل. والبيهقيّ في السنن الكبرى 2: 239 عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدميّ ببغداد، عن أحمد ابن زياد بن مهران السمسار، عن هارون بن معروف. وفي صحيح ابن حِبّان 6: 42- 43 عن الحسن ابن سفيان، عن عمرو بن زرارة الكلابيّ، عن حاتم. وانظر: صحيح مسلم 8: 232- 233، دلائل النبوّة لإسماعيل بن محمّد الأصبهانيّ: 53- 54.

ص: 146

وروى نحوه مختصراً بسند آخر، ليس فيه ذِكر «ابن طاب»:

[201] حدّثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد اللَّه بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يعجبه أن يُمْسِكَ العراجين في يده، فدخل المسجد وفي يده عُرجون، فرأى نخامة في المسجد فحكّها حتّى أنقاها حكّاً، ثمّ أقبل على الناس مغضباً فقال: أيحبّ أحدكم أن يستقبله الرجلُ فيبصق في وجهه؟ إنّ أحدكم إذا قام في صلاته فإنّما يستقبل ربّه، فلا يبصق قُبالة وجهه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، فإن غَلَبَته بادرةٌ ففي ثوبه.

وأشار يحيى بطرف ردائه(1). [1: 19- 20]

وروى ابن شبّة حديث النخامة وحكّها- من دون ذكر العرجون أو ابن طاب- بأسانيد عديدة(2)، والروايات المذكورة هنا كسائرها تدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه و آله دخل المسجد فرأى نخامة فحكّها، وكره ذلك، وليس فيها ذكر الصلاة إلّاحديثين:


1- رواه أبو داود في السنن 1: 116 ح 480 عن يحيى بن حبيب بن عربيّ، عن خالد بن الحارث، عن ابن عجلان. وابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 258 ح 1 عن أبي بكر، عن أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان. وابن حِبّان في الصحيح 6: 47 عن أحمد بن عليّ المثنّى، عن أبي خيثمة، عن يحيى بن سعيد القطّان. وأورده الدار قُطنيّ في العلل الواردة 11: 295 نقلًا عن أحمد بن عبد اللَّه الوكيل، عن عمر بن شبّة.
2- في صفحة 18- 29 من الجزء الأوّل.

ص: 147

[202] الأُولى: حدّثنا أبو عاصم، قال: حدّثني ابن أبي روّاد، عن نافع، عن ابن عمر أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله صلّى فرأى نخامة في القبلة، فلمّا انصرف أتاها فحكّها، ثمّ قال: إنّ أحدكم إذا صلّى فإنّ ربّه أمامه، ولا يبزقنّ بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره(1). [1: 21]

[203] الثانية: حدّثنا خلّاد بن يزيد، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله صلّى ذات يوم فرأى في قبلة المسجد نخامة، فلمّا قضى صلاته أخذ عوداً فحكّها، ثمّ دعا بِخَلُوق فخلّق مكانها، ثمّ أقبل على الناس فقال: أيّها الناس، إذا صلّى أحدكم فلا يَتفُل أمامه ولا عن يمينه، فإنّه يستقبل الربّ جلّ وعزَّ بوجهه(2).

[1: 21- 22]

وهاتان رواية واحدة بسندين كما هو واضح، ولا يشتملان على


1- بمعناه في صحيح البخاريّ 1: 107 و 135، و 2: 62، صحيح مسلم 2: 76، السنن الكبرى للبيهقيّ 2: 292، المعجم الأوسط 2: 333، مسند أبي داود الطيالسيّ: 266، مسند أبي يعلى الموصليّ 5: 339- 340، وكلّهم رووه عن أنس بن مالك.
2- وفي صحيح البخاريّ 7: 98 حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا جويريّة، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: بينا النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يصلّي رأى في قبلة المسجد نخامة، فحكّها بيده فتغيّظ، ثمّ قال: إنّ أحدكم إذا كان في الصلاة فإنّ اللَّه حيال وجهه، فلا يتنخمن حيال وجهه في الصلاة. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 257 عن العبّاس بن عبد الرحمن الهاشميّ أنّه قال: أوّل ما خلقت المساجد أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله رأى في المسجد نخامة فحكّها، ثمّ أمر بِخَلُوق فلطخ مكانها، قال: فخلق الناسُ المساجدَ.

ص: 148

كون الفعل في أثناء الصلاة، فتختلفان عمّا في رواية الصدوق المرسلة(1)، فلاحظ.

تمَّ استخراج

«الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة»

والحمد لِلّه، وصلواته على نبيّه محمّد المصطفى وآله المستكملين الشرفا

(2)

هوامش


1- كتاب من لا يحضره الفقيه 1: 277 ح 851، فَفيه: ورأى صلّى اللَّه عليه وآله نخامة في المسجد، فمشى إليها بعرجون مِن عراجين ابن طاب فحكّها، ثمّ رجع القهقرى فبنى على صلاته. وقال الصادق عليه السلام: وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة. أقول: ولعلّ القسم الأخير كان مِن كلام الشيخ أبي جعفر الصدوق، فصحّف اسمه وزيدَ عليه: عليه السلام، كما أشار إلى ذلك الأُستاذ عليّ أكبر الغفّاريّ في تعليقه على الخبر.
2- السيد علي الحسيني الميلاني، الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1428 ه. ق..

ص: 149

[1] ( 1) نجد كثيراً من ذلك في كتب مثل الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني( ت 852 ه). ومن الجيّد القيام باستخراجها وتنظيمها للاطّلاع على مجموعها في كتاب واحد.

[2] ( 1) الثقات 8: 446.

[3] ( 1) الفهرست: 125.

[4] ( 2) تاريخ بغداد 11: 208.

[5] ( 3) تذكرة الحفّاظ 2: 516.

[6] ( 1) سير أعلام النبلاء 12: 369.

[7] ( 2) الوافي بالوفيات: حرف العين مِن القسم المخطوط.

[8] ( 1) غمرهم: سترهم. وقال ابن الأثير: إذا جاء مع القوم غمرهم: أي كان فوق كلّ مَن معه. انظرالنهاية 3: 384، الفائق 2: 445.

[9] ( 2) شديد الوضح: شديد البياض.

[10] ( 3) الأبلج: هو الذي قد وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا. انظر: النهاية 1: 149.

[11] ( 4) أراد قوّة مشيه، كأنّما صلّى اللَّه عليه وآله يرفع رجليه من الأرض رفعاً قويّاً، لا كمن يمشي اختيالًا ويقارب خطاه. انظر النهاية 4: 101، القاموس المحيط 3: 74.

[12] ( 1) رواه ابن حنبل في المسند 1: 151 عن نصر بن عليّ، عن نوح بن قيس. وبسند آخر عن محمّد بن أبي بكر المقدميّ، عن نوح. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 3: 260 بإسناده عن ابن حنبل.

[13] ( 2) الممغط: الممتدّ المتناهي الطول. انظر: النهاية 4: 345، الفائق 3: 250- 251.

[14] ( 3) القصير المتردّد: المتناهي في القصر، كأنّه تردّد بعض خلقه على بعض وتداخلت أجزاؤه. انظر: الفائق 3: 251، النهاية 2: 213.

[15] ( 4) السبط من الشَّعر: المنبسط المسترسل، والقطط: الشديد الجعودة. ومعناه: أنّ شَعره كان وسطاً بينهما. انظر: النهاية 2: 334.

[16] ( 5) المطهّم: المنتفخ الوجه. والمكلثم: القصير الحنك، الداني الجبهة، المستدير مع خفّة اللحم. انظر: النهاية 4: 196، الفائق 3: 251.

[17] ( 6) الدعج: شدّة سواد العين في شدّة بياضها. وهدب الأشفار: أي طويل شَعر الأجفان. انظر: النهاية 5: 249.

[18] ( 7) جليل المشاش: أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين. انظر: الفائق 3: 251. وفي الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 411:« جليل المشاش والكتد»، والكتد: الكاهل وما يليه.

ص: 150

[19] ( 1)( قال الحسني:) وفي هذا المعنى يقولُ حسّان بن ثابت:\s\iُ ومثلك لَمَ تَرَ قَطُّ عَيْنِي\z وَمِثْلَكَ قَطُّ لَمْ تَلِدِ النساءُ\z خُلِقْتَ مَبَرَّءاً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ\z كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَما تَشاءُ\z\E\E

[20] ( 2) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 445 عن عيسى بن يونس. وابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 411- 412 عن سعيد بن منصور والحكم بن موسى. وانظر: الغارات للثقفيّ 1: 161، تاريخ بغداد 11: 31، تاريخ مدينة دمشق 3: 261، البداية والنهاية 6: 19.

[21] ( 3) هو: أبو عبد الرحمن زيد بن الحارث الياميّ الكوفيّ، كما في هامش الأصل.

[22] ( 4) الوَفرة: شَعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأُذن. انظر: النهاية 5: 210، لسان العرب 5: 288- 289.

[23] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 410 عن يعلى ومحمّد الطنافسيّين وعبيد اللَّه العبسيّ ومحمّد الأسديّ، عن مجمع بن يحيى، عن عبد اللَّه بن عمران، عن رجل من الأنصار.

[24] ( 2) راجع لترك أميرالمؤمنين عليه السلام للخضاب نهج البلاغة قسم الحكم، رقم 17 و 473 ووسائل الشيعة ج 2، ص 87 و 88 باب 44.

[25] ( 3) أخرجه في تهذيب الكمال 21: 467 عن ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن إسحاق، عن شريك.

[26] ( 4) أورد الشيخ فهيم محمّد شلتوت في هامش الكتاب: قال المطريّ: إنّ أكثر الصحابة ممّن توفّي في حياة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وبعد وفاته مدفونون بالبقيع، وكذلك سادات أهل بيت النبيّ وسادات التابعين. وقال المجد: لا شكّ أنّ مقبرة البقيع محشوّة بالجمّاء الغفير من سادات الأُمّة، غير أنّ اجتناب السلف الصالح من المبالغة في تعظيم القبور وتجصيصها أفضى إلى انطماس آثار أكثرهم، فلذلك لا يعرف قبر معيّن منهم إلّاأفراد معدودون، وقد ابتني عليها مشاهد.[ 1: 86].

[27] ( 1) في نسخة الأصل:« ابن موهبة»، والصحيح ما في المتن.

[28] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 204 عن محمّد بن عمر، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي مويهبة. وابن حنبل في المسند 3: 489 والدارميّ في السنن 1: 36 والطبرانيّ في المعجم الكبير 22: 346- 347 بإسنادهم عن ابن إسحاق.

ورواه حمّاد بن زيد البغداديّ في كتاب تركة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله: 51- 52 عن عليّ ابن المدينيّ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق. والطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 2: 432 عن ابن حميد، عن سلمة وعليّ بن مجاهد، عن ابن إسحاق. وعنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 27.

وأخرجه الحاكم في المستدرك 3: 55- 56 عن أبي أحمد الصيرفيّ، عن أبي إسماعيل الترمذيّ، عن عمر بن عبد الوهّاب الرياحيّ، ورواه أيضاً بطريق آخر. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 4: 298- 299، و 31: 207 بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق.

[29] ( 1) كَفْتَة: اسم لِبَقيع الغرقد، وهذا الاسم مشتقّ من قول اللَّه تعالى في سورة المرسلات 25:« ألم نَجعل الأرض كِفاتاً». انظر: معجم ما استعجم 4: 1130.

[30] ( 2) ساقطة من مخطوطة الأصل.

ص: 151

[31] ( 3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 451 عن موسى بن إسماعيل وسعيد بن سليمان، عن حفص بن غياث. وأخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 280 عن أبي الحسن عليّ بن محمّد المقري، عن الحسن بن محمّد بن إسحاق، عن يوسف بن يعقوب القاضي، عن مسدد. وبطريق آخر: عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي بكر بن إسحاق، عن أبي المثنّى، عن مسدد، عن حفص بن غياث.

[32] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 63 عن هشيم. وابن سعد في الطبقات الكبرى 1: 451 عن سريج بن النعمان، عن هشيم.

[33] ( 2) رواه الحاكم في المستدرك 1: 326 قال: حدّثنا أبو جعفر عبد اللَّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن المنصور في دار أمير المؤمنين المنصور إملاء، ثنا محمّد بن يوسف بن عيسى بن الطباع، حدّثني عمّي إسحاق بن عيسى، ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر. وعنه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 351.

[34] ( 3) أي مِن بئر الغَرْس. وفي هامش الأصل عن نسخة بدل:« بئر الأغراس»، والغَرس: الغسيل أو الشجر الذي يغرس، وهي بئر بقباء في شرقي مسجدها على نصف ميل إلى جهة الشمال.

[35] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 280 بتفاوت وإضافات عن إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ، عن ابن جريج، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام. والصنعانيّ في المصنَّف 3: 397 ح 6077، وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 567 ح 12 عن ابن إدريس، عن ابن جريج.

وأخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 395 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي سعيد ابن أبي عمرو، عن أبي العبّاس محمّد بن يعقوب، عن أسيد بن عاصم، عن الحسين بن حفص، عن سفيان، عن عبد الملك بن جريج. ونقله عنه ابن كثير في السيرة النبويّة 4: 520، والبداية والنهاية 5: 282.

وانظر: تلخيص الحبير 5: 116.

[36] ( 2) أي بها آثار الصبغ بالحنّاء. وانظر الخبر في: الطبقات الكبرى 1: 438، مسند أحمد 2: 226، سنن أبي داود 2: 290 ح 4062، المعجم الأوسط 9: 106.

[37] ( 1) رواه العيّاشيّ في التفسير 2: 61 ح 52 بإسناده عن عبد اللَّه بن سنان، عن الصادق عليه السلام.

ورواه ابن حنبل في المسند 1: 248 بتفاوت عن عفّان، عن جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمز. وفي صحيح مسلم 5: 197 عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، عن ابن بلال، عن الصادق عليه السلام. وفي السنن الكبرى للبيهقيّ 9: 22 بإسناده عن الشافعيّ، عن حاتم بن إسماعيل، عن الصادق عليه السلام.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 700 ح 7 عن وكيع، عن أبي معشر، عن سعيد المقبريّ. والطبريّ في جامع البيان 10: 9 ح 12503 عن القاسم، عن الحسين، عن أبي معاوية، عن حجّاج، عن عطاء، عن ابن عبّاس. ورواه أيضاً في الحديث 12505 بإسناده عن المقبريّ.

ص: 152

وانظر: السنن الكبرى للنسائيّ 6: 484، المعجم الكبير 10: 335، المعجم الأوسط 7: 55.

[38] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 3: 112 ح 2 عن حاتم بن إسماعيل، عن الصادق عليه السلام. وأورده الجصّاص في أحكام القرآن 2: 412 عن حديث يحيى بن سعيد، عنه عليه السلام. وانظر: تاريخ مدينة دمشق 54: 269، سير أعلام النبلاء 4: 403.

وفي مناقب آل أبي طالب 2: 190 روى جابر بن يزيد وعمر بن أوس وابن مسعود- واللفظ له: أنّ عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس؟ أين عبد اللَّه بن عبّاس؟ قالوا: ها هو ذا، فجاء فقال: ما سمعت عليّاً يقول في المجوس فإن كنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك. فمضى ابن عبّاس إلى عليّ فسأله عن ذلك، فقال:« أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلّاأن يهدى فما لكم كيف تحكمون» ثمّ أفتاه.

[39] ( 2) العوسج: شجر من شجرالشوك، وله ثمر أحمر مدوّر كأنّه خرز العقيق. لسان العرب 2: 324.

والخبر رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 462 ح 957 بإسناده عن أبي عتيق، عن جابر. وأورد الطوسيُّ القسمَ الأخير منه في التبيان 4: 411 نقلًا عن عمر بن شبّة، وهو اسم مؤلِّفنا.

وفي كتاب سُلَيْمْ بنْ قَيْسٍ الهلاليّ: 400 بنصّ أطول.

[40] ( 1) بياض في مخطوطة الأصل، وقال محقّقه في الهامش:« ولعلّ الساقط: قوم نيام».

[41] ( 2) رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 92 ح 578 بإسناده عن الحكم بن أسلم، قال: حدّثنا أبو بكر ابن عيّاش، عن حرام بن عثمان نحوه.

[42] ( 3) مِن السنن الكبرى للبيهقيّ 7: 65.

[43] ( 4) زيادة يقتضيها السياق. وجسرة: هي بنت دجاجة العامريّة الكوفيّة، ثقة تابعيّة. انظر: تهذيب التهذيب 12: 357.

[44] ( 5) رواه الطبرانيّ في المعجم الكبير 23: 373- 374 عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن ابن أبي عتبة، عن أبي خطّاب الهجريّ، عن محدوج الذهليّ، عن جسرة. والبيهقيّ في السنن الكبرى 7: 65 عن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان، عن أحمد بن عبيد الصفّار، عن محمّد بن يونس، عن أبي نعيم ابن دكين. وأيضاً رواه عن أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر، عن أبي الحسن محمّد بن الحسن بن إسماعيل السرّاج، ع الله عليه و آله لأهل بيته

[45] ( 1) هو المعروفُ ب( المبارك) قال في( العمدة):( وكان سيّداً شريفاً، روى الحديث)( الحسني).

ص: 153

[46] ( 2) رواه ابن عديّ في الكامل 5: 245 عن محمّد بن منير، عن مؤلّفنا. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 26: 302 عن ابن السمرقنديّ، عن ابن مسعدة، عن حمزة بن يوسف، عن ابن عديّ.

[47] ( 1) في هامش الأصل نقلًا عن الخلاصة للخزرجيّ: هو محمّد بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ.

[48] ( 1) انظر: وفاء الوفاء 2: 90.

[49] ( 2) في الأصل: عبد اللَّه، وهو خطأ كما حقّقه أُستاذنا الجلاليّ في مقدّمة تحقيقه لكتاب« تسميةُ مَن شَهِدَ مع عليّ عليه السلام حروبَه» وهو قيد العمل.

[50] ( 1) انظر: وفاء الوفاء 2: 91.

[51] ( 2) وفي كتاب المنتخب مِن ذيل المذيّل للطبريّ الكبير: 91 قال ابن عمر: وسألت عبد الرحمن بن أبي الموالي، قلت: إنّ الناس يقولون: إنّ قبر فاطمة عند المسجد الذي يصلّون إليه على جنائزهم بالبقيع! فقال: واللَّه ما ذلك إلّامسجد رقيّة- يعني امرأة عمرته- وما دفنت فاطمة عليها السلام إلّافي زاوية دار عقيل ممّا يلي دار الجحشيّين، مستقبل خوخة بني نُبيه مِن بني عبد الدار بالبقيع، وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع.

قال ابن عمر: حدّثنا عبد اللَّه بن جعفر، قال: حدّثني عبد اللَّه بن حسن، قال: وجدت المغيرة بن عبد الرحمن واقفاً ينتظرني بالبقيع نصف النهار في حَرّ شديد، فقلت: ما يوقفك يا أبا هاشم؟ قال: انتظرتك بلغني أنّ فاطمة دفنت في هذا البيت في زاوية دار عقيل ممّا يلي دار الجحشيّين، فأُحبّ أن تبتاعه لي بما بلغ[ حتّى] أُدفن فيه. فقال عبد اللَّه: واللَّه لأفعلنّه. قال: فجهدنا بالعقيليّين فأبوا على عبد اللَّه بن حسن.

قال عبد اللَّه بن جعفر: وما رأيت أحداً يشكّ أنّ قبرها في ذلك الموضع.

وقال ابن حجر في الإصابة 8: 138- 139:« رقيّة مولاة فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم عمّرت حتّى جعلها الحسين بن عليّ مقيمة عند قبر سيّدتها فاطمة، لأنّه لم يكن بقي مَن يعرف القبر غيرها». ثمّ ذكر أنّ ما نقله قاله ابنُ شبّة في كتاب أخبار المدينة.

وأيضاً انظر: وفاء الوفاء 2: 91.

[52] ( 1) عبادل، وهو عبيد اللّه بن عليّ بن أبي رافع، روى عنه مولاه فائد، وروى عن فائد: زيد بن الحباب، وثّقه ابن معين. انظر: الخلاصة للخزرجيّ: 262.

[53] ( 2) انظر: وفاء الوفاء 2: 91، وفيه وفي تاريخ مدينة دمشق:« فنحن لا نحرّكهما».

[54] ( 1) في تاريخ مدينة دمشق:« على هيئتها» بدل« إلى منتهاه».

[55] ( 2) أورده ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 13: 290 بتفاوت يسير.

[56] ( 3) أورده المُحِبُّ الطبريّ في ذخائر العُقْبى: 54 نقلًا عن الدرّة اليتيمة في أخبار المدينة لابن النَّجّار.

[57] ( 1) أي من عظم جسمي. انظر لسان العرب 11: 117.

ص: 154

[58] ( 2) رواه الدولابيّ في الذرّيّة الطاهرة النبويّة: 111 بتفاوت عن محمّد بن عمر، عن عمر بن محمّد ابن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، عن ابن عبّاس.

وراجع: تاريخ اليعقوبيّ 2: 115، كشف الغمّة 2: 126.

[59] ( 3) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3: 163- 164 عن محمّد بن المؤمّل، عن الفضل بن محمّد الشعرانيّ، عن النفيليّ، عن عبد العزيز بن محمّد. وعنه البيهقيّ في السنن الكبرى 3: 397.

[60] ( 4) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 28 بنفس السند، وعنه ابن حجر في الإصابة 8: 267. وذكره مالك بن أنس في المدوّنة الكبرى 1: 186 عن ابن نافع.

وفي قرب الإسناد: 88 ح 294 عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام: أنّ عليّاً عليه السلام غسّل امرأته فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله. وراجع: الكافي 1: 459، علل الشرائع 1: 184، كشف الغمّة 2: 125.

[61] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 29، والكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 195 ح 668، وابن أبي شيبة في المصنَّف 3: 226 ح 3، والطبرانيّ في المعجم الكبير 22: 398 بإسنادهم عن سفيان، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة. وأورده البيهقيّ في السنن الكبرى 4: 31 نقلًا عن ابن عبّاس.

[62] ( 2) رواه عبد الرزّاق الصنعانيّ في المصنَّف 3: 521 ح 6556 عن معمر، عن عروة.

[63] ( 3) في مسند أحمد:« عن أُمّ سلمى».

[64] ( 1) رواه الدولابيّ في الذرّيّة الطاهرة: 112، وابن حنبل في المسند 6: 461 بإسنادهما عن إبراهيم بن سعد. ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8: 27 عن يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن سعد. وراجع: كشف الغمّة 2: 124، أُسد الغابة 5: 590، الإصابة 8: 267.

[65] ( 1) إستلامَ: لَبِسَ اللَّاْمَةَ، وَهِيَ الدّرْعُ.( الحسني)

[66] ( 2) أورده الطبريّ في ذخائر العقبى: 142، والذهبيّ في سير أعلام النبلاء 3: 278- 279 باختلاف.

[67] ( 3) في مخطوطة الأصل:« فلمّا عرفه»، وفي أقرب الموارد 1: 636: حَزَبَه الأمر حزباً: أصابَهُ واشتدَّ عليه، أو ضغطَهُ فُجأةً.

[68] ( 1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 13: 289 عن ابن البغداديّ، عن أبي المظفّر محمود ابن جعفر المعدّل عن عمّ أبيه أبي عبد اللَّه الكوسج، عن إبراهيم بن السنديّ، عن ابن بكّار الزبيريّ، عن يحيى بن مقداد، عن عمّه موسى بن يعقوب، عن فائد. وأخرجه أيضاً بتفاوت يسير عن ابن أبي يعلى، وأبي غالب وأبي عبد اللَّه ابنَي البنّاء أنّهم قالوا: أنا أبو جعفر ابن مسلمة، أنا محمّد بن عبد الرحمن، أنا أحمد بن سليمان، أنا الزبير بن بكّار، قال: وحدّثني محمّد بن حسن، عن محمّد بن إسماعيل، عن فائد.

ص: 155

[69] ( 2) قريباً منه ما رواه الحاكم النيسابوريّ في المستدرك 1: 377 قال: حدّثنا أبو حميد أحمد بن محمّد بن حامد العدل بالطابران، ثنا تميم بن محمّد، ثنا أبو مصعب الزهريّ، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ ابن الحسين، عن أبيه عليهم السلام: أنّ فاطمة بنت النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله كانت تزور قبر عمّها حمزة كلّ جمعة، فتصلّي وتبكي عنده. ثمّ عقّبه الحاكم بقوله:« هذا الحديث رواته عن آخرهم ثِقاتٌ، وقد استقصيتُ في الحثّ على زيارة القبور تحرّياً للمشاركة في الترغيب، وليعلم الشحيح بذَنْبه أنّها سنّة مسنونة، وصلّى اللَّه على محمّد وآله أجمعين». ونقله عنه البيهقيّ في السنن الكبرى 4: 78. وأيضاً رواه الحاكم في المستدرك 3: 28 بسند آخر عن أبي عبد اللَّه محمّد بن عبد اللَّه الصفّار، عن أبي بكر ابن أبي الدنيا القرشيّ، عن عليّ بن شعيب، عن ابن أبي فديك. ورواه الصنعانيّ في المصنَّف 3: 572 ح 6713 عن ابن عيينة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام. وانظر: دعائم الإسلام للقاضي النعمان 1: 239، تلخيص الحبير للعسقلانيّ 5: 248.

[70] ( 1) وَجَدَت عليه: أي غضبَت. انظر: القاموس 3438 المصباح المنير للفيومي، ص 648.

[71] ( 2) الإضافة من صحيح مسلم 5: 154.

[72] ( 1) رواه البخاريّ في الصحيح 5: 82 عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب الزهريّ. ومسلم في الصحيح 5: 153- 154 عن محمّد بن رافع، عن حجين، عن ليث. وابن حبّان في الصحيح 11: 152- 153 عن الكلاعيّ، عن عمرو بن عثمان بن سعيد، عن أبيه، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ. وانظر: سير أعلام النبلاء 2: 121، العمدة لابن البطريق: 390.

[73] ( 2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 315 عن محمّد بن ثور، عن معمر. وقد أشار ابن حجر إلى الخبر في فتح الباري 6: 139 بالرواية عن مؤلّفنا.

[74] ( 1) رواه ابن حنبل في المسند 1: 10، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2: 314- 315 عن عفّان، عن حمّاد بن سلمة. وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 218، كشف الغمّة 2: 106.

[75] ( 2) رواه ابن حنبل في المسند 1: 4، وأبو يعلى في المسند 1: 40 عن ابن أبي شيبة. ورواه أيضاً أبو يعلى في المسند 12: 119 عن عبد الرحمن بن صالح، عن محمّد بن فضيل. والبيهقيّ في السنن الكبرى 6: 303 عن أبي الحسين عليّ ابن بُشران، عن أبي جعفر محمّد الرزّاز، عن أحمد ابن عبدالجبّار العطارديّ، عن محمّد بن فضيل. وانظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 218- 219.

[76] ( 1) رواه ابن خزيمة في الصحيح 4: 120 عن محمّد بن عزيز الأُبليّ، عن سلامة، عن عقيل، عن ابن شهاب. وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 221 عن كتاب الجوهريّ.

[77] ( 1) الأنفال: 41.

[78] ( 2) الحشر: 6- 7.

ص: 156

[79] ( 1) كذا في شرح النهج، وكان في نسخة الأصل:« فقال لها مثل الذي قال».

[80] ( 2) أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 230- 231 عن كتاب الجوهريّ، وقدرواه الجوهريّ عن مؤلّفنا.

[81] ( 1) أي: يا بِنْتَ...

[82] ( 2) في نسخة الأصل:« العاف»، والتَّصحيحُ عن وفاء الوفاء، والأعواف كانت لخناقة اليهوديّ من بني قريظة، وصارت احدى صدقات النبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- وآباره. انظر: وفاء الوفاء 4: 1128. وانظر: فدك والعوالي، للسيّد محمّدباقر الحسيني الجلالي( ص 47- 48).

[83] ( 3) أخرجهما ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 231- 233 عن كتاب الجوهريّ.

[84] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 1: 63 عن عليّ بن عبد العزيز، عن مالك بن إسماعيل.

[85] ( 2) رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 6: 343 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي بكر ابن الحسن، عن أبي العبّاس محمّد بن يعقوب، عن أبي زرعة، عن أحمد بن خالد، عن ابن إسحاق. وبسند آخر عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي عبد اللَّه محمّد الصفّار، عن إسماعيل بن إسحاق، عن عارم، عن حمّاد بن زيد، عن ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16: 231 عن كتاب الجوهريّ.

[86] ( 1) في مخطوطة الأصل:« النجار»، والمثبت عن وفاء الوفاء 2: 392.

[87] ( 2) كذا في مخطوطة الأصل، وفي وفاء الوفاء 4: 1334:« صافيها»، والسافي الهزال: الريح الشديدة.

[88] ( 3) في وفاء الوفاء:« قد سئمتها»، وشنفتها: أي بغضتها. انظر: أقرب الموارد 3: 107.

[89] ( 4) البغيبغة: كأنّه تصغير البغبغة، وهي البئر القريبة الرشاء، وهي عدّة عيون منها ما ستذكرفيما بعد. انظر: معجم البلدان 1: 469.

[90] ( 1) أورده الأندلسيّ في معجم ما استعجم 2: 656- 657 من حديث محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب. ونقله ابن حجر العسقلانيّ في الإصابة 5: 441 عن مؤلّفنا.

[91] ( 2) انظر: وفاء الوفاء 2: 262، وفيه نقلًا عن الواقديّ: أنّ جدادها بلغ في زمن عليّ عليه السلام ألف وسق.

[92] ( 3) وهي المعروفة بعين أبي نَيْزَر ذكرَها ابوالعبّاس المبرّد في( الكامل) وروى قِصَّةَ تَصَدّقِ أميرالمؤمنين عليه السلام بِها على فقراء المسلمين.( الحسني)

[93] ( 4) رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 2: 80 بإسناده عن معتب والعبّاس ابن بكّار، عن سليمان بن بلال. والبيهقيّ في السنن الكبرى 6: 160 عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي سعيد ابن أبي عمرو، عن محمّد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان، عن عبد اللَّه بن وهب، عن سليمان ابن بلال.

وأخرجه المُحِبُّ الطبريّ في ذخائر العُقْبى: 103 عن كتاب الموافقة لابن السمّان.

[94] ( 1) انظر: دعائم الإسلام 2: 341 ح 1283، تهذيب الأحكام للطوسيّ 9: 148 ح 56.

[95] ( 1) عين أبي نَيْزر- بفتح النون وسكون المثنّاة وبفتح الزاي: مِن صدقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وهي عين كثيرة النخل غزيرة الماء. وأبو نيزر الذي تنسب إليه العين: مولى لعليّ عليه السلام، وقد كان ابناً للنجاشي الذي هاجر إليه المسلمون، اشتراه عليّ عليه السلام وأعتقه مكافأة لأبيه. انظر: معجم البلدان 4: 175، وفاء الوفاء 2: 263 و 347.

ص: 157

[96] ( 2) إلى هنا وردت في وفاء الوفاء 4: 1271.

[97] ( 3) الخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن المسيل. انظر: الفائق 1: 349، معجم البلدان 2: 412.

[98] ( 1) إضم: واد بالمدينة، وسمّي إضماً لانضمام السيول به واجتماعها فيه. انظر: معجم البلدان 1: 214، وفاء الوفاء 2: 247.

[99] ( 1) حرّة الرجلاء: بديار بني القين بين المدينة والشام، سمّيت بذلك لأنّه يترجل فيها ويصعب المشي. انظر: وفاء الوفاء 2: 288، معجم ما استعجم 2: 436.

وفي الصحاح 4: 1706: حرّة رجلاء: أرض مستوية كثيرة الحجارة، يصعب المشي فيها.

[100] ( 2) عفاء الأرض: ما ليس لمسلم ولا معاهد وليس به أثر لأحد، ويحتمل أن يكون« عفا» صفة للأرض العافية الأثر. انظر: الفائق للزمخشريّ 2: 379.

[101] ( 1) جمع البئر، وهو من جموع القلّة.( الحسني)

[102] ( 2) اللابتان: تثنية لابة، وهي الحرّة. وقيل: هما حرّتا المدينة الشرقيّة والغربيّة. وقال الأصمعيّ: اللابة: الأرض التي ألبست الحجارة السود. انظر: الفائق 2: 128، معجم البلدان 5: 3.

[103] ( 3) الوشل- محرّكة: الماء القليل يتحلّب من جبل أو صخرة ولا يتّصل قطره. وقيل: لا يكون إلّامن أعلى الجبل. وقيل: اللفظ من الأضداد، ويطلق على الماء الكثير أيضاً. انظر: معجم البلدان 5: 377، القاموس المحيط 4: 64، أقرب الموارد 5: 774.

[104] ( 4) الزرنوق: حائط يوضع على رأس البئر، به خشبة معترضة وبكرة يستقى بها. انظر: النهاية لابن الأثير 2: 301، أقرب الموارد 2: 536.

[105] ( 5) القصيبة: وادٍ بين المدينة وخيبر وهو أسفل وادي الروم وما قارب ذلك. انظر: معجم البلدان 3: 84، وفاء الوفاء 2: 288.

[106] ( 1) العبارة كانت مصحّفة في الأصل، والمثبت عن وفاء الوفاء 2: 349.

[107] ( 1) قطيعة: هِبَة على سبيل الوقف أو غيره. مِن هامش الكتاب.

[108] ( 2) ترعة: واد يلقى أضم من القبلة. منه.

[109] ( 3) مرّ سابقاً بلفظ:« الأدبية» فلاحظ.

[110] ( 4) مرّ سابقاً بلفظ:« الفقيرين» فلاحظ.

[111] ( 5) أى يصلح منها. انظر: أقرب الموارد 2: 236.

[112] ( 1) كذا في الكافي( 7/ 51) وفي الأصل« مكر».

[113] ( 2) زيادة يقتضيها السياق.

[114] ( 3) في الأصل:« مال الغد من يوم مكر» وهو تصحيف كما مرّ.

ص: 158

[115] ( 1) رواه الكلينيّ بتفاوت يسير في الكافي 7: 49- 51 عن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: بعث إليّ أبو الحسن موسى عليه السلام بوصيّة أمير المؤمنين عليه السلام، الخ.

ورواه الطوسيّ في تهذيب الأحكام 9: 146- 148 عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن الحجّاج. وأورده ابن حيّون في دعائم الإسلام 2: 341- 343 ح 1284.

[116] ( 2) في الأصل:« عبد اللَّه»، والصواب ما أُثبت كما مرّ.

[117] ( 3) أورد فهيم محمّد شلتوت في هامش الكتاب:« كذا في الأصل، ولعلّه صباح مولى العبّاس بن عبد المطّلب، كما في الإصابة 2: 168».[ وفي الطبعة التي عندنا 3: 326] ولكنّه خطأ، والصحيح أنّ« ضمر» تصحيف عن« عمير» الذي مرَّ اسمه في الكتاب 1: 217، وفي المصادر أنّه كان مولىً لعبد اللّه بن العبّاس، ومات سنة أربع ومائة. وقال بعض: أنّه مولى أُمّ الفضل زوجة العبّاس. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5: 286، تهذيب الكمال 22: 382، الإصابة 5: 238.

[118] ( 4) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 307 عن جرير، عن مغيرة، عن قثم مولى ابن عبّاس. والبلاذريّ في أنساب الأشراف: 502 عن يوسف القطّان وشجاع بن مخلد، عن جرير.

[119] ( 1) آل عمران: 59- 60.

[120] ( 2) آل عمران: 61.

[121] ( 1) رواه القاضي النعمان في شرح الأخبار 2: 341- 342 عن عبد اللَّه بن صالح البصريّ، بإسناده عن الحسن البصريّ. والواحديّ في أسباب النزول: 67 عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أحمد بن جعفر بن مالك، عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن حسين، عن حمّاد بن سلمة، عن يونس، عن حسن.

[122] ( 2) من بني تَغلب بن وائل أخي بكر بن وائل، بَطْنٍ من ربيعةَ بن نزار، واسمها الصهباء، وتَغْلِبُ، بكَسْرِ اللّام ويُفتَحُ عنْدَ النِّسبَةِ استيحاشاً لِتَوالي الكسرَتين مَعَ ياء النسب، وربّما قالوه بالكسر لأنّ فيه حرفين غير مكسورين ففارق النسبة إلى نَمِر بن قاسِطٍ( عمَّ تَغلِب المذكور)، لأنّ في نَمِرٍ حَرْفاً واحداً غير مَكْسُورٍ فلم يَنْسِبوا إليه بالكسر بَلْ بالفتح فقط على ما نقله بعض أئمّة اللغة.( الحسني)

[123] ( 1) رواه الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 1: 446- 447 عن أبي أحمد، عن عليّ ابنِ محمّد الحذّاء، عن محمّد بن عبيد، عن هاشم بن البريد. وابن حنبل في المسند 1: 84 عن محمّد بن عبيد. وأبو يعلى في المسند 1: 299 ح 364 عن أبي خيثمة، عن محمّد.

وانظر: السنن الكبرى للبيهقيّ 6: 343- 344، تهذيب الكمال 6: 490.

[124] ( 1) رواه البخاريّ في التاريخ الكبير 1: 9 عن عبد اللَّه بن عبد الوهّاب، عن عبد العزيز ابن محمّد. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 1: 43 عن ابن السمرقنديّ، عن عمر بن عبد اللَّه بن عمر، عن ابن بُشران، عن عثمان بن أحمد، عن حنبل، عن هارون بن معروف.

[125] ( 2) هُنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار ثُلثي سطر.

ص: 159

[126] ( 3) البقرة: 233.

[127] ( 4) الأحقاف: 15.

[128] ( 1) كذا ولعلّه على الحكاية، والظاهر: فحولان كاملان.

[129] ( 2) أخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى 7: 442 عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن محمّد ابن يعقوب، عن يحيى بن أبي طالب، عن شجاع بن الوليد، عن ابن أبي عروبة، عن داود بن أبي القصّاف، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤليّ.

وانظر: المناقب للخوارزميّ: 94- 95، كشف الغمّة 1: 115- 116، الدرّ المنثور 1: 288.

[130] ( 3) ورد في الأصل:« عن الحكم عن عيينة» مُحَرَّفاً.

[131] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 489 عن عفّان، عن سعيد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عائشة.

وانظر: الطبقات الكبرى 3: 200، تاريخ مدينة دمشق 30: 411، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 163.

[132] ( 1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 185 عن ابن البنّاء، عن ابن الفرّاء، عن أبي القاسم عبيد اللَّه الدقاق، عن إسماعيل الصفّار، عن الحسن بن عرفة، عن شبابة بن سوار الفزاريّ، عن عبد العزيز الماجشون، عن زيد بن أسلم.

[133] ( 2) انظر: الطبقات الكبرى 3: 199، تاريخ مدينة دمشق 30: 411، أُسد الغابة 4: 69.

[134] ( 3) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 7: 485، و 8: 574 عن وكيع وابن إدريس، عن خالد. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 30: 413 عن محمّد بن الفضل وأبي عثمان الصابونيّ، عن أبي بكر الشيبانيّ، عن الحسن بن الحسين بن منصور، عن محمّد الفرّاء، عن يعلى بن عبيد، عن إسماعيل.

[135] السيد علي الحسيني الميلاني، الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1428 ه. ق..

[136] ( 1) هو: أبو عبد اللَّه خبّاب بن الأرَتّ، توفّي سنة 37 للهجرة. انظر: الطبقات الكبرى 3: 164، أُسد الغابة 2: 98، الإصابة 2: 221.

[137] ( 2) الهينمة: الصوت الخفيّ. انظر: الصحاح 5: 2062.

[138] ( 1) الواقعة: 79.

[139] ( 2) طه: 1- 14.

[140] ( 3) هوَ أبوجهل المخزوميّ عَدوّ اللَّه وعدوّ رسوله.

[141] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 267- 268. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 33- 34 عن أبي عبد اللَّه الفراويّ، عن أبي بكر البيهقيّ، عن أبي الحسين ابن بُشران، عن أبي جعفر الرزّاز، وبسند آخر عن أبي الفضل محمّد بن إسماعيل، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد الخزاعيّ، عن الهيثم بن كليب، عن محمّد بن عبيد اللَّه، عن إسحاق الأزرق.

ص: 160

وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 177، و 12: 182- 183.

[142] ( 2) ضجنان: جبل بناحية مكّة على طريق المدينة. انظر: معجم ما استعجم 3: 856، معجم البلدان 3: 453.

[143] ( 1) البيت لورقة بن نوفل ابن عمّ خديجة أُمّ المؤمنين مِن قصيدة مطلعها:\s\iُ لقد نصحت لأقوام وقلت لهم\z أنا النذير فلا يغزوكم أحد\z\E\E

[144] ( 2) الحَوب: زجر البعير ليمضي. انظر: كتاب العين 3: 309. والخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 266.

[145] ( 3) الأشب: شدّة التفاف الشجر حتّى لا مجاز فيه. انظر: كتاب العين 6: 292.

[146] ( 4) رواه ابن سعد كسابقه في الطبقات الكبرى 3: 267.

[147] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 270 بإسنادنا. وعنه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 267، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 51. وانظر: المنتخب مِن ذيل المذيّل: 11، أُسد الغابة 4: 57.

[148] ( 2) انظر: أُسد الغابة 4: 71.

[149] ( 1) رواه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 277 بتفاوت عن أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ، عن أُمّ عمرو بنت حسّان الكوفيّة، عن أبيها. وراجع: الطبقات الكبرى 3: 281.

[150] ( 2) هنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمتين.

[151] ( 3) الأحزاب: 58.

[152] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 6: 213، و 7: 259 بتفاوت عن ابن إدريس، عن هارون ابن عنترة، عن سليم بن حنظلة.

[153] ( 2) البقرة: 106. والخبر رواه ابن حنبل في المسند 5: 113 عن وكيع، عن سفيان. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 42: 402 بإسناده إلى ابن عبّاس.

[154] ( 3) الأحزاب: 6.

[155] ( 1) رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 7: 69 عن أبي نصر ابن قتادة، عن أبي منصور النضرويّ، عن أحمد بن نجدة، عن سعيد بن منصور، عن سفيان. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 7: 338- 339 بإسناده عن البيهقيّ. وانظر: سير أعلام النبلاء 1: 397، الدرّ المنثور 5: 183.

[156] ( 2) المائدة: 107.

[157] ( 3) رواه ابن عديّ في الكامل 1: 47 عن محمّد بن يحيى بن الحسين العميّ البصريّ، عن كثيربن يحيى، عن ثابت بن زيد. وانظر: الدرّ المنثور 2: 344.

[158] ( 4) الجمعة: 9.

[159] ( 1) انظر: فتح الباري 8: 492، الدرّ المنثور 6: 219.

[160] ( 1) التوبة: 100.

ص: 161

[161] ( 1) رواه الباغنديّ في مسند عمر بن عبد العزيز: 102 عن إسحاق بن سويد، عن ابن أبي أويس، عن أخيه، عن نوفل بن مساحق.

[162] ( 1) كذا، ولعلّه:( أنده) من( نَدَهَ الرجل: صات). لاحظ المعجم الوسيط، ص 911.

[163] ( 2) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 8: 348- 349 عن ابن السمرقنديّ، عن ابن الطبريّ، عن محمّد بن الحسين القطّان، عن عبد اللَّه بن جعفر، عن يعقوب، عن الحجّاج، عن حمّاد بن سلمة.

[164] ( 1) انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 73، و 18: 233.

[165] ( 1) رواه الطيالسيّ في المسند: 351 عن حمّاد بن سلمة. وابن حنبل في المسند 1: 237 عن يزيد، عن حمّاد بن سلمة، وأخرجه أيضاً في 1: 335 بطريق آخر. ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 398 عن يزيد بن هارون وعفّان بن مسلم وسليمان بن حرب كلّهم عن حمّاد بن سلمة.

وأورده العسقلانيّ في الإصابة 8: 138، وقال: قال الواقديّ: هذا وَهم، ولعلّها غيرها من بناته، لأنّ الثبت أنّ رقيّة ماتت بِبَدر، أو يحمل على أنّه أتى قبرها بعد أن جاء من بدر.

[166] ( 1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 16: 365 عن أبي بكر ابن المزرفيّ، عن ابن المسلمة، عن أبي عمرو الآدميّ، عن عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث، عن أبي الطاهر، عن عبد اللَّه ابن وهب. وراجع: الدرّ المنثور 3: 296.

[167] ( 1) انظر: الإصابة 6: 321.

[168] ( 2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5: 59 عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب.

[169] ( 3) أيْ مُتَفَرِّقِينَ.

[170] ( 4) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 287 عن شبابة، عن ليث بن سعد، عن الزهريّ. وانظر: المصنَّف لعبد الرزّاق 4: 259، صحيح ابن خزيمة 2: 155.

[171] ( 1) رواه مسلم في الصحيح 4: 38 عن محمّد بن المثنّى وابن بشّار، عن محمّد بن جعفر. والطيالسيّ في المسند: 247- 248 عن شعبة. وانظر: أحكام القرآن للجصّاص 2: 185، السنن الكبرى للبيهقيّ 5: 21، الدرّ المنثور 1: 216.

[172] ( 1) كذا وَرَدَ، والوَجْهُ: مُتْعَتان.( الحسني)

[173] ( 1) رواه الطبريّ الشيعيّ في المسترشد 326- 327 عن محمّد بن فضيل، عن ابن لهيعة.

[174] ( 2) ورد كتاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله بتفاوت يسير في المستدرك للحاكم 3: 517 عن عبد اللَّه بن جعفر بن درستويه الفارسيّ، عن يعقوب بن سفيان، عن عبد العزيز الأويسيّ، عن حميد بن صالح، عن الحارث وبلال ابنَي يحيى. وانظر: مسند أحمد 1: 306، سنن أبي داود 2: 47، السنن الكبرى للبيهقيّ 6: 145.

[175] ( 1) رواه البيهقيّ في السنن الكبرى 6: 149 عن أبي سعيد بن أبي عمرو، عن أبي العبّاس الأصمّ، عن الحسن بن عليّ، عن يحيى بن آدم. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 10: 426 بإسناده عن البيهقيّ.

[176] ( 1) التوبة: 80.

ص: 162

[177] ( 2) أخرجه السيوطيّ في الدرّ المنثور 3: 264 عن ابن أبي حاتم. ونقله العسقلانيّ في فتح الباري 8: 252 عن عبد بن حميد والطبريّ.

[178] ( 3) هو: أبو بكر بن بشّار بن عثمان العبديّ البصريّ. وأبوهُ بشّارٌ هوَ الحافِظ الكبيرُ المعروف ب( بُندار).

[179] ( 1) يجبذه: يجذبه، وليس أحدهما- أي الجبذ والجذب- أصلًا للآخر لأنّهما يتصرّفان جميعاًتصرّفاً واحداً، نعم لو كان أحدهما أوسع تصرّفاً كان أصلًا لصاحبه. انظر: أقرب الموارد 1: 392.

[180] ( 1) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 1: 151 عن محمّد بن أحمد بن رزق، عن دعلج بن أحمد المعدّل، عن موسى بن هارون، عن أبي الربيع، عن حمّاد بن زيد. وعنه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب 3: 201.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 14: 175 عن الأنماطيّ والبلخيّ، عن ابن الطيوريّ وثابت بن بندار، عن أبي عبد اللَّه الحسين وأبي نصر محمّد، عن الوليد بن بكر، عن عليّ بن أحمد، عن صالح بن أحمد، عن أبيه، عن سليمان بن حرب.

وانظر: العلل الواردة للدار قطنيّ 2: 125، الإصابة 2: 69، الأمالي للطوسيّ: 703، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفيّ 2: 256، كشف الغمّة 2: 42.

[181] ( 1) هو: علقمة الخصيّ، كما في الإصابة 5: 324.

[182] ( 1) القضقضة: كسر العظام والأعضاء وقطعها. انظر: الفائق 2: 183، لسان العرب 7: 223.

[183] ( 1) الصّوابُ هنا: أن يقال: نعم؛ لأنَّ( بَلى) يُجابَ بِها عنِ السّؤال مع النَّفي- فتُثْبِتُ الجوابَ. ولا تستعمل مع السؤال المُثْبَتِ بخلاف( نَعَم).( الحسني)

[184] ( 2) البأو: الزهو والافتخار والكبر. انظر: كتاب العين 8: 414، الصحاح 6: 2278.

[185] ( 3) الوعق: الذي يضجر ويتبرّم. وقيل: هو الذي فيه حرص ووقوع في الأمر بالجهل. واللقس: السيّ ء الخُلق. وقيل: العيّاب، الذي يلقّب الناس ويسخر منهم ويفسد بينهم. انظر: كتاب العين 2: 174، الصحاح 3: 975، و 4: 1550، الفائق 3: 169، النهاية 5: 207.

[186] ( 1) الوكف: الجور والوقوع في المأثم والعيب. انظر: الفائق 3: 169، النهاية 5: 220- 221.

[187] ( 2) ورد في الأصل:« الأكتع» مصحّفاً، والأكنع: الأشلّ. انظر: الفائق 3: 168، النهاية 4: 204.

[188] ( 1) أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 6: 326 عن كتاب الأمالي لأبي العبّاس أحمد بن يحيى بن ثعلب.

[189] ( 1) الضبس: الصعب أو البخيل. انظر: الفائق 2: 232، لسان العرب 6: 116.

[190] ( 2) كذا في الأصل!

[191] ( 1) ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.

[192] ( 2) أيْ بُسْتان.

ص: 163

[193] ( 1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 248 بإسناده عن سيف بن عمر، عن عمرو بن محمّد ومجالد، عن الشعبيّ.

[194] ( 2) روى ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 364 عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبي أويس المدنيّ، قال: حدّثني أبي، عن يحيى بن سعيد و عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم وغيرهما، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصاريّة، عن عائشة قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضّل في ثيابي في بيتي حتّى دفن عمر بن الخطّاب فيه، فلم أزل متحفّظة في ثيابي حتّى بنيت بيني وبين القبور جداراً، فتفضّلت بعد.

[195] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 155 ح 53 عن أبي خالد الأحمر، عن داود. والحاكم في المستدرك 3: 92 عن الحسن بن يعقوب العدل، عن يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهّاب ابن عطاء، عن داود بن أبي هند.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 428 عن ابن القشيريّ والشحاميّ، عن أبي سعد الأديب، عن محمّد بن بشر، عن محمّد بن إدريس، عن سويد بن سعيد، عن عليّ بن مسهر، عن داود، وبسند آخر في 44: 429.

[196] ( 1) قريباً منه في صحيح البخاريّ 2: 107، وتاريخ مدينة دمشق 44: 116.

[197] ( 2) هو: أبو القاسم عمر بن يونس، كما في الخلاصة للخزرجيّ: 243.

[198] ( 3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 351 عن عبد الملك بن عمرو وأبي عامر العقديّ، عن مسعر، عن سماك، عن ابن عبّاس.

[199] ( 1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 351 عن محمّد بن عبيد الطنافسيّ وعبيد اللَّه بن موسى، عن مسعر، عن سماك. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 423 عن عليّ بن مسلم، عن أبي الحسن ابن أبي الحديد، عن جدّه أبي بكر، عن أبي الدحداح، عن أحمد بن عبد الواحد، عن محمّد بن كثير، عن الأوزاعيّ.

وانظر: فتح الباري 7: 53.

[200] ( 1) رواه أبو نعيم الأصبهانيّ في مسند أبي حنيفة: 28 عن الطلحيّ، عن عبيد بن محمّد بن صبيح، عن محمّد بن عمر بن الوليد، عن إسحاق بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر.

ولِمَعنى هذا الخبر انظر: معاني الأخبار: 412، الاستغاثة للكوفيّ: 66. ولِهشام بن الحكم فيه كلام ورد في الفصول المختارة: 90.

[201] ( 2) أُورد كلامه عليه السلام بصورة ناقصة تغيّر معناه في نهج البلاغة: 222.

[202] ( 3) اسمها: عاتكة، كما وردت في تاريخ مدينة دمشق 44: 458.

[203] ( 1) أي لُقِّنَته وعُلِّمَته، كما في النهاية لابن الأثير 4: 123.

ص: 164

[204] ( 2) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 44: 457- 458 عن أبي طالب عليّ بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الخلعيّ، عن ابن النحّاس، عن أبي سعيد ابن الأعرابيّ، عن ابن المنادي، عن إبراهيم الزهريّ، عن بردان، عن صالح بن كيسان، عن ابن بحينة، قال: لمّا أُصيب عمر قلت: واللَّه لآتينَّ عليّاً فلأسمعنَّ مقالته، فخرج من المغتسل فأطمّ ساعة فقال...

وانظر: الفائق 1: 59، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 164.

[205] ( 1) النساء: 1.

[206] ( 1) بهرة الليل: وسطه، وقيل: ابهار الليل: إذا طلعت نجومه واستنارت. انظر: الصحاح 2: 598، النهاية 1: 162.

[207] ( 2) أي عليّ عليه السلام وعثمان.

[208] ( 1) يوسف: 18.

[209] ( 2) الرحمن: 29.

[210] ( 1) رواه الطبريّ في تاريخ الأُمم والملوك 3: 293- 298. وراجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 191- 192.

[211] ( 2) تلاحى الرجلان: تنازعا وتشاتما. المعجم الوسيط: ص 820

[212] ( 3) يا هنتاه: أي يا هذه، تفتح النون وتسكن، وتضمّ الهاء الأخيرة وتسكن، وهذه اللفظةتختصّ بالنداء. قيل: معنى يا هنتاه: يا بَلهاء، كأنّها نسبت إلى قلّة المعرفة بِمَكايِدِ الناس وشرورهم. انظر: النهاية لابن الأثير 5: 279- 280.

[213] ( 1) مواضع النقط بياض في مخطوطة الأصل بقدر ثلث سطر.

[214] السيد علي الحسيني الميلاني، الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1428 ه. ق..

[215] ( 1) رواه ابن حنبل في المسند 1: 62 عن عبد الصمد، عن القاسم بن الفضيل. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 253 عن صالح بن إسماعيل، عن القاضي أبي نصر محمّد بن عليّ بن ودعان، عن عمّه أبي الفتح أحمد بن عبيد اللَّه، عن أبي القاسم المرجيّ، عن أحمد بن عليّ ابن المثنّى، عن عبد اللَّه بن بكّار، عن القاسم. وانظر: أُسد الغابة 3: 380.

ص: 165

[216] ( 1) البَجباج: الذي يهمز الكلام وليس لكلامه جهة. والنفّاج: الشديد الصلف أو المتكبّر. انظر: الفائق 1: 71، النهاية 1: 96.

[217] ( 2) الحج: 39. والخبر قد أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 24: 88 عن أبي الفتح الطيوريّ، عن عبد الباقي الشيرازيّ، وبسند آخر عن ابن الطيوريّ، عن عبد العزيز الأزجيّ، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن محمّد بن أحمد بن يعقوب، عن جدّه، عن موسى بن إسماعيل.

[218] ( 1) دنباوند: جبل من نواحي الري، ويقال له: دَماوند، وهو مشهور اليوم. انظر: معجم البلدان 2: 462 و 475.

[219] ( 1) انظر: أُسد الغابة 2: 202، الإصابة 2: 464.

[220] ( 1) راجع: تاريخ الأُمم والملوك 3: 417، تاريخ مدينة دمشق 39: 434.

[221] ( 2) بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمة، ولعلّها:« الحسن عليه السلام».

[222] ( 1) انظر: تاريخ مدينة دمشق 39: 418.

[223] ( 1) في هامش الأصل: ثَمّ بياض في مخطوطة الأصل بمقدار سطر ونصف ثمّ كلمة« مزمل» ولعلّ عثمان قد استشهد ببيت امرئ القيس في مُعلّقته:\s\iُ كأنّ أبانا في أفانين ودقه\z كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَّمَّلِ\z\E\E

[224] ( 2) أثاف: الأحجار التي توضع عليها القِدر. انظر: كتاب العين 8: 245، الصحاح 6: 2293.

[225] ( 1) رواه ابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 685 بتفاوت يسير عن أبي أُسامة، عن عوف ابن محمّد. وانظر: الطبقات الكبرى 3: 68- 69، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 128، تاريخ مدينة دمشق 12: 295، الفصول المختارة: 229.

[226] ( 1) رواه ابن حمّاد في كتاب الفتن: 95 عن المطّلب بن زياد، عن عبد اللَّه بن عيسى.

[227] ( 2) رواه ابن حمّاد في كتاب الفتن: 96، وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 684 عن عبدة ابن سليمان، عن عاصم.

[228] ( 3) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 39: 392 بإسناده إلى البغويّ، عن عليّ بن الجعد. وانظر: سير أعلام النبلاء 8: 181.

[229] ( 1) أي جاءَ مروان إلى عائشة.

[230] ( 2) يأتي البيت في الخبر الآتي.

[231] ( 1) هنا بياض في مخطوطة الأصل بمقدار كلمة، ولكن الكلام متّصل.

[232] ( 2) وفي تاريخ الأُمم والملوك 3: 482 بضمن خبر: وأقبل غلام مِن جهينة على محمّد بن طلحة- وكان محمّد رجلًا عابداً- فقال: أخبرني عن قتلة عثمان. فقال: نعم، دم عثمان ثلاث أثلاث: ثلث على صاحبة الهودج- يعني عائشة- وثلث على صاحب الجمل الأحمر- يعني طلحة- وثلث على عليّ بن أبي طالب.

وضحك الغلام وقال: لا أراني على ضلال، ولحق بعليّ عليه السلام.

ص: 166

وقال في ذلك شعراً:\s\iُ سألت ابن طلحة عن هالك\z بجوف المدينة لم يُقْبَرِ\z فقال ثلاثة رهط هم\z أماتوا ابن عفّان واستعبر\z فثلث على تلك في خدرها\z وثلث على راكب الأحمر\z وثلث على ابن أبي طالب\z ونحن بدوية قرقر\z فقلت صدقت على الأوّلَين\z وأخطأت في الثالث الأزهر\z\E\E

[233] ( 1) أخرجه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 3: 28.

[234] ( 1) إضافة يقتضيها السياق.

[235] ( 2) يسيق: يتابع الكلام في يسر. مِن هامش الأصل. أقول: ولعلّ العبارة« يسيغ بغير مضغ» كناية عن الذكاء وتلقي الأمور بسرعة. السيّد

[236] ( 1) الكُتّاب: مكان صغير لتعليم الصبيان القراءة والكتابة وتحفيظهم القرآن وجمعها كَتاتيب. انظر: المعجم الوسيط: ص 775.

[237] ( 1) قال الحمويّ: ثنية الوَداع: بفتح الواو، وهو اسم من التوديع عند الرحيل، وهي ثنية مشرفةعلى المدينة يطَؤُها مَن يريد مكّة، واختلف في تسميتها بذلك... وقيل: الوداع اسم وادٍ بالمدينة. والصحيح أنّه اسم قديم جاهليّ سُمِّيَ لتوديع المسافرين. معجم البلدان 2: 86.

[238] ( 2) وفي وفاء الوفاء 2: 275 سمّيت بذلك لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهنّ عند رجوعهم من خيبر. وأيضاً راجع: فيض القدير 1: 57.

[239] ( 1) تجد ترجمته في تهذيب التهذيب 6: 312- 313، وذكره الطوسيّ في الرجال: 239 وقال:« ضعَّفه ابن نمير». وقال العلّامة:« ليس هذا عندي موجباً للطعن، لكنّه من مرجّحات الطعن». انظر: خلاصة الأقوال: 376.

[240] ( 2) سقف مدوّر هو معرّب:« گنبد» وهي القبّة، كما في الصحاح 2: 561.

[241] ( 3) انظر: وفاء الوفاء 2: 100.

[242] ( 1) رواه أبوداود في السنن 1: 627 عن أحمد بن صالح، عن عبد اللَّه بن وهب، عن عمرو، عن بكير. والحاكم في المستدرك 3: 598 عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن عبد اللَّه، عن ابن وهب. وانظر: السنن الكبرى للبيهقيّ 9: 145، صحيح ابن حبّان 11: 233، المعجم الكبير للطبرانيّ 1: 323، تاريخ مدينة دمشق 4: 51.

[243] ( 1) السقب: القرب.

[244] ( 2) انظر: مسند أحمد 6: 10.

[245] ( 3) رواه ابن حنبل في المسند 6: 10 بإسناده عن شعبة. وأبو داود في السنن 1: 373 عن محمّد بن كثير، عن شعبة. والطيالسيّ في المسند: 131 عن أبي داود. وابن أبي شيبة في المصنَّف 8: 431 عن وكيع، عن شعبة. والطبرانيّ في المعجم الكبير 1: 316 عن عليّ بن عبد العزيز، عن عفّان بن مسلم، عن شعبة.

[246] ( 1) رواه ابن حنبل في المسند 4: 9 عن عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن. وابن ماجة في السنن 1: 427- 428 عن ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن عبد اللَّه. ونقله ابن كثير عنهما في السيرة النبويّة 4: 60.

ص: 167

[247] ( 2) ابن طاب: هو اسم رجل معروف من أهل المدينة، يقال: عذق ابن طاب ورطب ابن طاب. انظر: الصحاح 1: 173، النهاية لابن الأثير 3: 149.

[248] ( 1) في وفاء الوفاء للسمهوديّ: 660، عن مؤلّفنا: في مسجدنا.

[249] ( 2) رواه أَبُو داود في السنن 1: 117 ح 485 عن يحيى بن الفضل السجستانيّ، وهشام بن عمّار وسليمان بن عبد الرحمن الدِّمَشْقِيّيْنِ، عن حاتم بن إسماعيل. والبيهقيّ في السنن الكبرى 2: 239 عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن أبي الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدميّ ببغداد، عن أحمد ابن زياد بن مهران السمسار، عن هارون بن معروف. وفي صحيح ابن حِبّان 6: 42- 43 عن الحسن ابن سفيان، عن عمرو بن زرارة الكلابيّ، عن حاتم.

وانظر: صحيح مسلم 8: 232- 233، دلائل النبوّة لإسماعيل بن محمّد الأصبهانيّ: 53- 54.

[250] ( 1) رواه أبو داود في السنن 1: 116 ح 480 عن يحيى بن حبيب بن عربيّ، عن خالد بن الحارث، عن ابن عجلان. وابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 258 ح 1 عن أبي بكر، عن أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان. وابن حِبّان في الصحيح 6: 47 عن أحمد بن عليّ المثنّى، عن أبي خيثمة، عن يحيى بن سعيد القطّان. وأورده الدار قُطنيّ في العلل الواردة 11: 295 نقلًا عن أحمد بن عبد اللَّه الوكيل، عن عمر بن شبّة.

[251] ( 2) في صفحة 18- 29 من الجزء الأوّل.

[252] ( 1) بمعناه في صحيح البخاريّ 1: 107 و 135، و 2: 62، صحيح مسلم 2: 76، السنن الكبرى للبيهقيّ 2: 292، المعجم الأوسط 2: 333، مسند أبي داود الطيالسيّ: 266، مسند أبي يعلى الموصليّ 5: 339- 340، وكلّهم رووه عن أنس بن مالك.

[253] ( 2) وفي صحيح البخاريّ 7: 98 حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا جويريّة، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: بينا النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يصلّي رأى في قبلة المسجد نخامة، فحكّها بيده فتغيّظ، ثمّ قال: إنّ أحدكم إذا كان في الصلاة فإنّ اللَّه حيال وجهه، فلا يتنخمن حيال وجهه في الصلاة.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنَّف 2: 257 عن العبّاس بن عبد الرحمن الهاشميّ أنّه قال: أوّل ما خلقت المساجد أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله رأى في المسجد نخامة فحكّها، ثمّ أمر بِخَلُوق فلطخ مكانها، قال: فخلق الناسُ المساجدَ.

[254] ( 1) كتاب من لا يحضره الفقيه 1: 277 ح 851، فَفيه: ورأى صلّى اللَّه عليه وآله نخامة في المسجد، فمشى إليها بعرجون مِن عراجين ابن طاب فحكّها، ثمّ رجع القهقرى فبنى على صلاته. وقال الصادق عليه السلام: وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة.

أقول: ولعلّ القسم الأخير كان مِن كلام الشيخ أبي جعفر الصدوق، فصحّف اسمه وزيدَ عليه: عليه السلام، كما أشار إلى ذلك الأُستاذ عليّ أكبر الغفّاريّ في تعليقه على الخبر.

[255] السيد علي الحسيني الميلاني، الفوائد الثمينة من كتاب أخبار المدينة، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1428 ه. ق..

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.